الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

فوائد التطبيع.. إماراتيّاً وإقليميّاً

فوائد التطبيع.. إماراتيّاً وإقليميّاً
د. علي سالمين بادعام كاتب واعلامي ــ اليمن

في اتفاق الإمارات وإسرائيل الذي تم مؤخراً، فوائد كثيرة، لكن قبل ذلك دعوني أبرز أهم المواقف التي حضرتها شخصياً في شكل التعامل اليهودي مع الدين الإسلامي والأديان الأخرى، لتتعرفوا على الفوائد الحقيقية لأجل معرفة حجم التعافي في طريقة التعايش والتباين بين هذه الأديان.

كنت عبر رحلاتي عبر العالم ممثلاً للنوايا الحسنة، أمر بكثير من التجارب في علاقات البشر، لكن يكفيني أن حضرت موقفاً سرني كثيراً، وتمنيت أن تقام هذه العلاقات منذ زمن بعيد، فيوما ما لم نجد مكاناً لنقيم فيه صلواتنا نحن كمسلمين بعد أن امتلأت المساجد، وسرعان ما وجدنا الكنائس تفتح لنقيم صلاة التراويح وسط ذهولنا من هذا التصرف، نعم والله، هكذا وجدنا أنفسنا نصلي وسطهم.


كذا أذكر في مطارات أمريكا لديهم ما يسمونه بدور العبادة، وهي أماكن تقام فيها العبادات للديانات السماوية كافة، حيث يؤدي كل معتنق لدين معين، عبادته في هذه الدور، المقسمة حسب الديانة، وهكذا.. وإن دل ذلك فإنما يدل على عظم وسماحة نفوس هؤلاء القوم الذين دائماً ما ينادوننا كذلك في زياراتي لنيويورك، ب (يا بن عمي) في دلالة واضحة على تميزهم في الجانب الإنساني، فحقيقة الأمر أن فئة اليهود تتميز بتعايش سلمي وإنساني يصل إلى مراحل متقدمة، وهذا ما يمكن أن نجنيه من علاقة الإمارات مع إسرائيل.


هذا فضلاً عن تجربتنا في المطاعم اليهودية في كثير من البلدان، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، فدائماً ما نتناول الوجبات في المطاعم اليهودية خلافا عن المطاعم الأخرى، لطيب أكلهم ونقاء سريرتهم في إعداد الوجبات الزاكية التي يفضلها كثير من الناس، فاليهود سادتي يسمون الله في ذبائحهم وفي إعداد طعامهم، ودائماً ما يحرصون على تنبيهنا بحلال الطعام من حرامه، وهكذا تعاملهم مع سائر الفئات.

أما فيما يختص بالفوائد الاستراتيجية التي تعود على دولة الامارات، فهنالك جزئيات متفرقة يمكن عدها فوائد استراتيجية بحتة، منها: أن الدولة اثبتت بذلك أنها قادرة على تطويع الظروف والمواقف، لتكون بين كبرى الدول التي ترى المصالح لشعوبها أولوية، فالشعوب لا تبنى على الخلافات الدينية، وإنما بالمصالح المشتركة، فالأديان عالم آخر به من التعايش ما يكفي.

إضافة إلى تغيير مناخ التناول السياسي والاقتصادي، في المنطقة، فدائماً ما تتسم المنطقة العربية بالصراعات التي لم نجن منها إلا الخراب والدمار، وقد آن الأوان لتقود الإمارات سفينة السلام التي ستمخر بعيداً بإذن الله في سبيل إرساء دعائم الأمن والاستقرار، وفي هذا تتجلى الامارات خارجيا في صورة بهية، كونها محط احترام وتقدير مجرد أن يتواجد المواطن أو المقيم وسط الشعوب المختلفة، فتظهر قيادة الدولة في احترام الآخر لإنسانها.

إذاً، هذه تحية نوصلها لإدارة الشأن في دولة الامارات، ممثلة في صاحب السمو، الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على هذه الخطوة الشجاعة التي نعتبرها بمثابة توجه جديد لدولة الامارات في الاقليم، واستجابة لنداء السلام والتعايش الآمن بين دول المنطقة، وأحسب ذلك أن يكون مدخلاً لحقن الدماء في بؤر الصراع العربي، فهي خطوة لا بد منها في هذا التوقيت الحرج للغاية، فالعالم يسير نحو التصالح وتوطيد العلاقات، فأيّ محاولة للخروج من هذا الاطار، أعتبرها عزلة لا فائدة منها ولا مصلحة منها، ذلك أن التطبيع صحة للجميع.