الخميس - 09 مايو 2024
الخميس - 09 مايو 2024

الخشية في رحلة السير

الخشية في رحلة السير
عصام كرم الطوخي كاتب ومؤلف ـ مصر

إذا رأيت أن الله يعجل لك العقوبة في الدنيا على ما اقترفته من ذنوب ومعاصٍ، ويذكرك بالاستغفار، فاعلم أنه أراد لك الخير الحقيقي، لأنك نلت جزاء ما فعلته، وليس معنى ذلك أن تطلب من الله أن يعجّل لك بالعقوبة وإنما اطلب منه العفو والسلامة والعافية، وأن يبصرك بعيوبك، ويغفر لك زلاتك، بل بادر دائماً بالتوبة قبل أن تُأخذ على غفلة، وقم بتصحيح مسار حياتك بأن تدرك قيمة ما أعطاك فتشكره عليها، وتحسن صرفها في مرضاته، لتكون من عباده الشاكرين المخلصين المهتدين.

ذكَر القرطبي أنَّ رجلاً من بني إسرائيل قال: «يا رب، كم أَعصيك وأنت لا تُعاقبني، قال: فأوْحَى الله إلى نبيِّ زمانهم أنْ قُلْ له: كم من عقوبةٍ لي عليك وأنت لا تَشعر، إنَّ جمود عَيْنيك وقَساوة قلبك، استدراجٌ مني وعقوبةٌ لو عَقَلتَ».


لا تخدع نفسك بأن ما تعيشه من سلام وأمان مع كثرة ذنوبك وإصرارك على الضلال أن ذلك محبة من الله، وإنما هو إمهال حتى تظن أنك لن تحاسب على تماديك في المعاصي، فيؤدي ذلك إلى انقلاب من فيض النعم إلى سلبها وإلى خذلان بعد إحسان.


إن الله سبحانه وتعالى يعطي من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب، لذلك اعلم أن المحنة في باطنها المنحة، وأن البلاء يكفر الذنوب، إذ لا يُصيب المؤمن مصيبه إلا بذنوبه، لذلك تدبر كلام الله، واسترشد طريق الهداية لما فيه صالحك وإصلاحك.

اعمل بطاعة الله وشكره، واقهر نفسك على طاعة الرحمن وتمسّك بحبله، واستعن به فيما تقترن به نجاتك ونجاحك، ويحفظك في يقظتك ومنامك، وواصل السير في رحلة حياتك لا ترجو إلا فضله، ولا تخشى إلا عدله، ولا تعتمد إلاَّ قوله.