الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

عقلاء زمن المجانين

عقلاء زمن المجانين
شهد العبدولي كاتبة وشاعرة واعلامية ـــ الإمارات

في زمنٍ كَثُر فيه الغثَّ وقلَّ السمين، أصبح الوقت هو الجلاَّد على ما تظهر من ظواهر لا تمت لواقعنا بصلة، وفي عصرنا هذا ينطبق علينا قول الإمام الشافعي:«ما جادلني عالمٌ إلا غلبته، وما جادلني جاهلٌ إلا غلبني».

لقد استوقفتني كثيراً المقولة السابقة، التي لو أُلفت فيها كتبٌ لما وافتها حقها، وهناك مثل آخر يقول:«كلِّم العاقل بما يُعقل»، أي أن الكلام المعقول والموزون وَجِب سماعة والتفكر فيه.


لننظر حولنا، سنجد كثيرً من المتحدثين المجانين، والمستمعين الأكثر جنوناُ، والقلة القليلة عقلاءٌ في زمن المجانين، وسنجد أيضاً أن من قدوات مشاهير يشار إليهم بالبنان في المحافل الدولية والعالمية يتابعون أولئك المنشغلين بنشر مقاطع السناب والانستجرام بلا توقف.


اليوم، للأسف أصبح من يجلس خلف الميكرفون وأمام شاشة الهاتف يطلق العنان لصهوة لسانه، وكأنه سلطانه زمانه، متجاهلا إن لكل كلمةٍ في وقتنا هذا وزنها، وإنه محاسب أمام القانون عن كل كلمة يقولها، وفعل يقوم به، وإني أتساءل في معظم الأوقات: هل هم من وضعوا نفسهم في منصب العالِم أم أن المجتمع والمتابعين هما من وضعوهم على قمة الهرم؟.

والواقع، أنه عندما تُقال الكلمات من أشخاص لهم تأثير قوي، فان كلماتهم تكون لها قوتها وتأُثيرها على الفرد والمجتمع، خصوصاً عندما تأتي من أشخاص لهم تأثيرهم الفوري الفوري والسريع.

من ناحية أخرى نرى في الوقت الراهن أننا حالة من الانفلات في نشر كل ما هب ودب، ودعم الصالح والطالح لصنع نماذج واهية، والتطبيل والتصفيق والتجمهر لمن لا يملك رسالة، ولمن يريد أن يغرف من الدرهم المنقوش بلا عدد على حساب من غيب عقله إلى الأبد.