الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المرأة الكويتية.. أيّ نكبةٌ سياسية؟

المرأة الكويتية.. أيّ نكبةٌ سياسية؟
تعْتبرُ المرأة في كل دول العالم المتطورة والحضارية فاعلا وشريكا أساسيّاً وهاماً في المجتمع، وتتمتع بحقوق وعليها واجبات كما هي حال الرجال، إلا أن دورها ذاك شهد تراجعا ملحوظا في المجتمع الكويتي مؤخراُ، فعلى الرغم من الحضور النسائي المميز للغاية إجتماعيًا واقتصاديًا وعلميًا إلا ان الوضع السياسي شهد «نكبة» حقيقية في حصول المرأة على المقعد النيابي في إنتخابات مجلس الأمة بفصله التشريعي السادس عشر، ليصبح من المؤكد وجود أزمة ثقة وخذلان أضعفت فرص فوز المرأة، حتى وصلت القناعة لدى قطاع واسع من أن المرأة في الكويت هي من خذلت المرأة، وهذا يعني أن اختيار المرشحين عند التصويت كانت مسيرة، أي أنه تمّ بإيعاز من الرجل المتسلط، مستغلاًّ مفهوم «الفزعة».

عمليّاً، يشكل حضور المرأة الكويتية في التركيبة السكانية على 51.7% من الشعب الكويتي، وبالرغم من ذلك لم تحصل المرأة على حقها السياسي إلا في عام 2005، واستمرار «أزمة الثقة» جعلها تصل إلى البرلمان كناخبة في عام 2009، وسرعان ما تراجع تقدمها السياسي مع انخفاض التمثيل النسائي في البرلمان، حتى سُجل غيابها الثاني في مجلس 2020، بعد خسارتها انتخابات 2012، إذْ بالرغم من ترشح 29 مرشحة للإنتخابات الأخيرة، إلا أن ما حصلت عليه من أصوات كان بعيداً للغاية عن تحقيقها للفوز، باستثناء الدائرة الثانية التي أحرزت تقدماً على مستوى بقية الدوائر في المركز الثالث عشر بعدد أصوات بلغ 1307، واجمالي الأصوات التي حصلت عليها كل المرشحات في كل الدوائر (بإستثناء الرابعة لم تسجل مشاركة أي مرشحة) بإجمالي بلغ 5581 صوتًا.

الملاحظ هنا، أن نظام الصوت الواحد يتخلله حسنة وحيدة تنعكس في إتاحة الفرص للأقليات المشاركة السياسية الحقيقية، عبر وجود فرص فوز مؤكدة، لكن هذه الحسنة ذهبت مع مجرى الريح المعاكسة في إنتخابات 2020، التي تحولت من برنامج لإصلاح الشأن العام عبر طرح حلول جذرية لمعالجة الإختلالات ومكافحة الفساد، إلى حلبة مصارعة شديدة القتال بين قبائل ومذاهب وطوائف وأحزاب وتُجار، لتصبح المرأة الضحية الأولى لهذه المبارازات على المقاعد الانتخابية، ليكون «البقاء للأقوى» مع العدد الكثيف من هذه الكتل ذات التأثير الكبير لضمان النجاح، بالإضافة لعمليات شراء الأصوات المحرمة وسط «صمت حكومي» مثير للتساؤل والسخط، مما أدى لإقصاء المرأة بشكل واضح وجلي من المشهد السياسي، وسط مطالبات ومقاطعات عالية الصدى لتغيير هذا النظام الانتخابي المجحف، حيث أن المستفيد من النظام الانتخابي منذ اقراره في 2012 بالطبع لن يسعى لتغييره، بل سيحول دون تغييره في ظل نظام انتخابي سيء، قسّم المجتمع الكويتي إلى طبقتين: كادحة و«مخملية».


إن حرمان المرأة الكويتية من التمتع بحقها، وإستمرار النظرة الدونية لها، كالقول: بأنها لا تصلح أن تكون نائبة في مجلس الأمة، والاستناد في ذلك إلى سوء أداء الناخبة الوحيدة في المجلس السابق، بالإضافة الى قصور حكومي مباشر في دعم وتمكين المرأة في وضع برامج مجتمعية وإعلامية ومدنية لدخولها في المعترك السياسي بشكل كامل.. جميعها عوامل أدَّت إلى «وصمة عار» في حق المرأة الكويتية وسط مجتمع ذكوري، وهو ما يؤكد بإن الديمقراطية الكويتية ماهي إلا شعبية موجهة لا ليبرالية مستقلة حُرة، ونتائجها همَّشت الأقليات بشكل متعمد، وهو ما سيخلق أزمات إجتماعية وسياسية، فمجلس أمة بلا مشاركة كل أطياف المجتمع لا يمثل الأمة.