الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«حاتم علي».. عصيّ على النسيان

«حاتم علي».. عصيّ على النسيان
محمد الشرفاوي كاتب ومخرج ـ سوريا

برحيل المخرج المتميز «حاتم علي» خسرت الدراما السورية والعربية واحداً من أهم القامات التي تركت بصمة واضحة في الدراما من خلال مجموعة واسعة من الأعمال التلفزيونية التي حملت بُعداً اجتماعياً وفكرياً وتاريخياً، رسخت وحفرت لها مكاناً عميقاً في ذاكرة ووجدان المشاهد العربي.

لم يكن الراحل حاتم علي مُخرِجاً فقط، بل كان فناناً ومنتجاً وكاتباً، فهو يتمتع بشخصية استثنائية استطاعت أن تُحدث نقلة نوعية في مسيرة الدراما العربية، من خلال تحكمه بالمشهد وسرده للأحداث بحرفيّة وبراعة شديدة، الأمر الذي مكنه من تقديم وثائق بصرية متكاملة لامست قلوب ومشاعر المشاهدين ونالت إعجابهم، مع اختلاف ثقافتهم واهتماماتهم وتفضيلاتهم، حتى صارت أعماله وثائق تاريخية وعلامة فارقة في تاريخ الفن العربي المعاصر.


إن قوة المحتوى الذي كان يقدمه حاتم علي نابعة من جمالية النص الذي يختاره، والخبرة التي يمتلكها، واالثقافة التي يتمتع بها، وقدرته على المعالجة الفكرية التي يتحكم فيها ويجسدها، إلى جانب توظيفه لجميع الأحاسيس والمشاعر التي تخدم الفكرة لإيصالها للمشاهد بطريقة سهلة وعفوية، حتى استطاع أن ينتقل بالأعمال الفنية من الترفيه والتسلية إلى البحث في التاريخ ونبش خباياه بجرأة وحيادية، وسرد قصصه بطريقة مبتكرة، والاستفادة منها في الدفاع عن القضايا المجتمعية والإنسانية، وتشكيل الوعي، وزرع القيم النبيلة في نفوس أفراد المجتمع.


وصل فن حاتم علي إلى قلوب الناس، لأنه تطرق إلى مواضيع وأفكار لم يكن يجرؤ أحد على طرحها أو تناولها، وابتكر أساليب وأنماط عمل جديدة ستبقى مصدر إلهام للكثير من المخرجين.

رحل الفنان حاتم علي تاركاً كثيراً من القضايا التي كانت تنتظره ليطرحها ويتناولها ويقدمها بأسلوبه الممتع، ولا شك أن أعماله وإبداعاته ستبقى شاهدة على فنه ونجاحه وتألقه وستظل سيرته في ذاكرة ووجدان الأجيال القادمة.