الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إلى واسيني: الترجمة ليست خيانة

إلى واسيني: الترجمة ليست خيانة
عدنان عضيمة كاتب ومترجم سوري مقيم في الإمارات

آخر ما قرأته مؤخراً للكاتب والمفكر الجزائري واسيني الأعرج، مقاله المنشور في صحيفة الرؤية بعنوان: «الترجمة خيانة أم شراكة؟» بتاريخ 22 فبراير الماضي، وقد وجدت فيه عرضاً من شأنه أن يوحي لعامَّة القراء بأن كل ما يقرؤونه من كتب وروايات مترجمة ربما لا يمثل إلا الصور المزيّفة للنصوص الأصلية.

كما قد يُوحي هذا الطرح للمترجمين بأنهم مارقون ومرتزقة يتلخص عملهم بتزييف النصوص عند نقلها من لغة أجنبية إلى لغتهم، وإن كان الدكتور الأعرج قد أضاف تفسيراً من شأنه التخفيف من قسوة الاتهام عندما قال: «إن الحكم الذي أطلقه يأتي من منطلق استحالة نقل نصّ من لغة إلى أخرى بأمانة تامة».


وربما كان الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي نعوم تشومسكي أكثر ميلاً للتعميم عندما أطلق عبارته الشهيرة: «المترجم خائن»، وقد لا يكون القصد بمفهوم الخيانة في الحالتين هو الفعل الجرمي، بل مجرد الإشارة إلى استحالة ترجمة الدلالات التعبيرية العميقة للنصوص من لغة إلى أخرى.


وسبق للفيلسوف البريطاني آلان واتس أن قال: «لا يمكن أن تكون هناك ترجمة نهائية لأيّ نص»، وليس المقصود من هذا الحكم هو الإشارة إلى فعل التأويل الذي تحدَّث عنه الدكتور الأعرج، بل إلى أن من الممكن ترجمة أيّ فكرة باستخدام مفردات مختلفة للتعبير الدقيق عن المعنى المقصود ذاته.

ولو لم يكن الأمر كذلك، لتوقَّف المترجمون الشرفاء عن العمل تجنُّباً لارتكاب فعل الخيانة، ولكانت أدبيَّات وثقافات العالم قد انعزلت عن بعضها تماماً.

ويقول الناقد والفيلسوف الأمريكي جورج ستاينر: «من دون الترجمة، سنعيش في مقاطعات منعزلة تقع على حدود الصمت».. فهل يمكن أن يكون المترجم خائناً بالفعل؟.. بالطبع نعم، عندما يتعمَّد تحريف المعاني لتحقيق غايات خاصة.