الاحد - 12 مايو 2024
الاحد - 12 مايو 2024

حمدان الأزمنة.. و«القفّال»

حمدان الأزمنة.. و«القفّال»
سميرة الحوسني باحثة وتربوية - الإمارات

لم يمسك مفلقة المحَّار يوماً، ولكن مجلس والده الشيخ راشد بن سعيد بن مكتوم آل مكتوم، رحمه الله - ومن بعده مجلسه - كان عامراً بكبار طواويش وغاصة اللؤلؤ في دبي والمنطقة كلها، ولعلّه لم يبحر في «البوم» و«السنبوك» و«الشوعي الكبير»، ولكنه حافظ عليها ومسح بيده الحانية على خشبها الذي صارع العباب، ورفق بزمنها الماضي فحمل في قلبه لها الوفاء الكبير.

لقد جعل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، من إرث آبائنا وأجدادنا، إرث البحر صاحب الخير الوفير، مَشْهداً مُتكرراً في كل عام من مشاهد الدّشّة والقفال في سباق القفال للسفن الشراعية التراثيَّة في دبي بانطلاقه في عام 1991، من رؤيته وحبه المخلص لتراثنا المجيد، ومن وفائه اللامحدود لثرى هذه الأرض وبحارها وخيرانها، فكان سباق القفال في ربيع كل عام، ويا له من فلك دوار، يتصادف فيه الزمان بمفارقات ومقاربات عجاب، فيرحل كريم اليد رحيم القلب في موسم القفال من ربيع هذا العام.


لن يغيب عنا الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، وكيف يغيب واسمه ليس ذكرى، بل زاد المحروم، وفراش المتألم، وكتاب المتعلم، وحكاية طبيب، ومحراث مزارع في بقاعٍ بعيدة بلا محراث؟!


لقد طبع الشيخ حمدان حياتنا ومسار الدولة وكثيراً من مناطق العالم ببصمة المال والأعمال والعلم والنور والطب الإيمان.. إنه صاحب الخمسين عاماً من العمل المثمر بتوقيع لن يزول، فكيف يغيب رجل الأزمنة المختلفة.. الذي لم يتغير ولم يحِد يوماً عن أصالته؟

وكيف يغيب رجل المروءة الذي لم يكترث بمديحٍ أو ثناء؟ فكل الأشرعة التي رفعها أمام الريح خير شاهد على أفعاله الإنسانية أولاً، أفعاله التي ستبقى دائماً كرحلة الغوص تمطر الخير الكثير للمنتظرين وحتى بعد رحيله في كل المواسم.. وعلى مدِّ الأزمنة في«الدشَّة» و«القفّال».