السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

مَنَاجِل الذَّهب.. وبلاد العرب

مَنَاجِل الذَّهب.. وبلاد العرب
د. رامي عبد الله شاعر وباحث في مجال القيادة ـ الأردن

إن أسوأ ثقافة مرَّت على الوطن العربي خلال الأربعين سنة الماضية هي ثقافة الخجل من العمل الزراعي، وخاصة بين الشباب من منطلق أنها غير مجدية اقتصاديّاً، ولا تليق باللمسة الحضاريّة المحمولة على بريق البدلات الأنيقة ورائحة العطر الساحرة، مما دفعهم للبحث عن الوظائف التي أبعدتهم عن «كنزهم الثمين» وأنا أعني ما أقول، مدعوما بشواهد الوقائع، وتجارب أجيال متعاقبة.

من ناحية أخرى، أعتقد أيضاً أن المسلسلات العربية في تلك المرحلة ــ وبعضها لا يزال إلى اليوم ـ كانت ترتكب أخطاء إعلامية وثقافية فادحة من خلال تصوير المزارعين كفقراء كادحين، ويعانون من الجهل والتخلف، في حين أنه كان في مقدور الإعلام رسم صورة مشرقة عن الزراعة والدفع نحو التغيير.


لقد ولد أجدادنا في الوطن العربي وفي أيديهم المناجل، وفي مراعيهم المواشي، وهذا متجذر في الوجدان العربي وهو أحد مكونات الهوية العربية، ولا يمكن إنكار أن الصعوبات كانت كبيرة أمام المزارعين في العقود الثلاثة الماضية، ولكن الفرصة حالياً ذهبية لدفع الاستثمار في الزراعة، وخاصة أن السوق العالمية أصبحت مفتوحة بشكل أكبر بسبب التجارة الإلكترونية التي حفزتها الثورة التكنولوجية.


ويمكن ربط مفهوم الابتكار مع قطاع الزراعة لتحفيز الشباب على استحداث طرق جديدة للإنتاج والتسويق، وخلق فرص عمل جديدة كانت غائبة عن أذهان الجميع.

والحق يقال، بأن عوامل الدعم الحكومي للقطاع الزراعي متوفرة في غالبية الدول العربية، وذلك يتمثل بخدمات الإرشاد والدعم المادي من خلال القروض، ولكن يبدو أن سوء استخدام هذا الدعم من قبل المزارعين يحول دون تحقيق المنافع المرجوة.

إن المرحلة الحالية تتطلب المرونة والنظرة الواعية بخصوص الملف الزراعي في الوطن العربي، والابتعاد عن التفكير بطريقة قديمة لتدارك الأزمات الغذائية المستقبلية التي لن تخبر أحداً كعادتها بموعد قدومها.