الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الجانب المشرق.. ومُعادلات الحياة

الجانب المشرق.. ومُعادلات الحياة
شهد العبدولي كاتبة وشاعرة وإعلامية ــ الإمارات

في هذه الحياة يُوجَد العديد من المعادلات الرياضية، التي لو قمنا بتطبيقها على حياتنا لاستنتجنا بأننا حاصل مجموع مشاعرنا وأفكارنا، فهل أنت متفاجئ وتسألني كيف؟.. دعني أحكي لك هذه القصة.

يستيقظ صديقنا الموظف على نغمة هاتفه المحمول ليجد رسالة من مديره مفادها: أن هناك اجتماعاً في الساعة الثامنة، وقد فتح عينيه على حياة يوم جديد ليجدها الساعة السابعة صباحاً، فيقفز قفزة بهلوانية، ولسان حاله يقول مؤكداً ومقرراً:


ــ ماذا يريد؟ من الأكيد أنه سينتقد أو يوبخ ويعاقب أو يتهجم.. أو، أو، أو.


هنا نجد أن صديقنا قد برمج عقله ونفسه وقلبه ومشاعره من الصباح الباكر على الأمور السلبية، وقد تجاهل الجانب المشرق من الأمور، أو أن يفكر بطريقة إيجابية، فمثلاً قد يكون الاجتماع مع مديره بهدف الترقية مثلاً، أو إعطائه هدية أو منحه شهادة تقدير أو تقديم الشكر له أو أي شيء إيجابي آخر.

ويكمل صديقنا السلبي يومه، الذي وعند دخوله إلى الحمام يتعثر، فيبدأ بوابل من الشتائم والوعيد، ومن ثم يلبس ثيابه، ويتجه إلى العمل، وإذا به يعلن للعالم مدى سلبيته، وذلك بإطلاقه صوت مزمار السيارة، وما يلبث أن يبدأ بفقرة السباقات السريعة في الشارع، فيتجاوز هذا ويتذمر من قيادة تلك.

ثم ترتفع لدى صديقنا كمية السلبية لتصل إلى أعلى حد، وعند وصوله إلى مقر العمل يدور حول نفسه كمن أضاع نظارة القراءة وهي فوق رأسه، في سبيل أن يجد موقفاً لسيارته ولا يجد، ومن ثم ينتبه أن الموقف خلفه تماماً ولكن لأن سلبيته قد أعمته عن كل ما حوله فلم ينتبه إليه أصلاً.

يدخل إلى مقر العمل لاهثاً، ويجد صعوبة في التقاط أنفاسه.. يركب المصعد ويضغط على رقم الطابق الخطأ، فيأخذ شهيقا ينهي به أكسجين المصعد كله، وينفث ثاني أكسيد الكربون وكأنه تنين غاضب.

يصل متأخراً عشر دقائق، ويقف خلف باب المدير، ولسان حاله يردد بتوتر وقلق وخوف، قول الله تعالى:

«وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ» (سورة: يس ـ الآية: 9).

ثم يدخل إلى مكتب مديره وقد اكتسى وجهه بالخيبة، فيرفع المدير رأسه مرحباً به بابتسامة واسعة، ويقول له:

ــ تفضل.. ماذا تشرب؟

يبادر صديقنا، ويقول:

ــ الشارع زحمة، ولم أجد موقفاً.

يقول له المدير:

ــ ماذا تُفضِّل أن تشرب شاياً أم قهوة؟

يرد عليه صديقنا:

ــ .. والاجتماع؟!

يرد عليه مديره وقهقهة عالية تصحبه، وهو يقول:

ـ الثامنة مساءً يا عزيزي وليست صباحاً.

يجلس صديقنا وهو غير مستوعب ما حدث، ترجع به الذاكرة لما قبل ساعة، يدرك وقتها كم كان قاسياً على نفسه، وكيف أن سلبيته قادته إلى هذا المنحى وهذا الطريق، حيث جعل من نفسه سخريّة أمام المدير، كل ذلك لأنه لم يقرأ الرسالة بالشكل الصحيح، ولم ير الجانب المشرق من الموضوع، فاستحال عليه التمييز ما بين الصالح والطالح، وأول ما تبادر لذهنه جميع الأمور السلبية في هذا الكوكب، وعلى أساس هذا الإحساس السلبي بنى يومه على خيال سلبي أشبه بالواقع، وتشكَّل هذا الواقع جليّاً أمامه.

وحتى لا ننتهي إلى ما آل إليه صديقنا علينا إدراك أن ظننا بالله سبحانه وتعالى ينعكس على ظننا بأنفسنا، لذلك علينا ونحن نسير في طريق حياتنا ألا ننسى أن نرى فيها الجانب المشرق من الأمور، لأن الإيجابيات هي المعين الأساسي لنا لتخطي العقبات.