الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بين الغربة.. والاغتراب

بين الغربة.. والاغتراب
شهد العبدولي كاتبة وشاعرة وإعلامية ـ الإمارات

ما بين الغُربة والاغتراب مساحة واسعة من الناحية «المفاهيمية»، فمثلاً يقال: فلان يعيش في الغربة، وفلان يعايش حالة اغتراب، كما يقال: «تغرَّب غربةً» لمن نأى أو هجر أو سافر أو رحل أو ما شابه ذلك، ويقال: «اغترب اغتراباً» لمن بدأ يعاني من أثر غربته في نفسه، وهو قائم لم يهجر مكانه أو يغترب.

عندما تهاجر القلوب والعقول من موطنها، تاركةً وراءها قلباً ينبض بالمحبة والحنين لأرضٍ ترعرع فيها منذ سنين وكبر، وهو يحمل حبها وحب أهلها في جنبات قلبه، ولكن كُلنا نعرف أن هناك أشياء مُلحَّة تجعلهم يهاجرون ويغتربون لسد فم الحاجة، لاستزادة من العلم والتفرد والتميز.


يُسافر بجسمه من مكانٍ الى مكان آخر، وهو عابر سبيل، باحثاً عن لقمة العيش، إلى أن يصل إلى نقطة لا يعرف فيها هل يستمر بالمضي قدماً، أم يجر أذيال الخيبة؟ وعندها يولد فيه إحساس الاغتراب، إحساس أبشع من أن تصفه الكلمات.


الغربة واحدة في التفسير والشرح، أما الاغتراب فهو مستويات، فقد يعيش الفرد حالة من الاغتراب وهو في عقر داره، حيث إن الاغتراب حالة نفسية فردية يعيشها الشخص بناءً على القيم والمبادئ، التي تترسخ في داخله نظير السلوكيات التي يمارسها في مجتمعه ومن ناحية أخرى، فإن الاغتراب يعدُّ شعوراً نفسيّاً داخليّاً ينشأ نتيجة الغربة التي يمارسها الإنسان سلوكياً بخروجه من منطقته الجغرافية التي تعود عليها، وانتقاله إلى منطقة أخرى وبوجود أناس جدد.

أحياناً يسبق الشعور بالاغتراب إدراك الفرد بأنه غريب أو يعيش في غربة، عندما يشعر بأنه منبوذ أو لا يحظى بالقبول الكافي أو أنه مستهجن، أو مضيّع بين مجتمعه كذات لها حقوقها، ومن ثم يدرك أنه غريب أو أنه في اغتراب وهو أقسى أنواع الغربة.