الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

الأخطار الصحية لـ«حَمَام المدينة»

الأخطار الصحية لـ«حَمَام المدينة»
عدنان عضيمة كاتب ومترجم سوري مقيم في الإمارات

في أحدث دراسة أجريت على أسراب الحمام التي تستوطن ساحات وشوارع المدن، وجد العلماء أنها تحمل العديد من أنواع الحشرات والبكتيريا ذات الأخطار الكبيرة على الصحة العامة للسكان، وجاء في نتائج بحث أنجزه فريق من العلماء الإسبان أن أنواع البكتيريا التي ينقلها الحمام تسبب نحو 60 مرضاً مختلف الخطورة على البشر، دون أن تصيب الحمام ذاته بأيّ ضرر.

وغالباً ما يطلق البعض على أسراب الحمام الذي يعيش في المدينة اسم «الفئران ذوات الأجنحة»، وينقل عن فرناندو إسبيرون، العالم في مركز بحوث الصحة الحيوانية في مدريد والذي قاد البحث، قوله: «يمكن للحيوانات التي تعيش قريباً من البشر أن تلعب دور المخازن الخطيرة للحشرات والجراثيم التي تنقل الأمراض إليهم، ويجب التعامل مع حَمَام المدن باعتباره يشكل مصدر خطر على الصحة العمومية للسكان».


ويحمل سكان وزوّار المدن العالمية الشهيرة مثل لندن والبندقية ونيويورك وسان فرانسيسكو مشاعر ومواقف متناقضة تراوح بين الحب والكراهية للملايين من طيور حمام المدينة الأزرق، الذي يحتل الساحات وأطراف المقاهي المقامة على أرصفة الشوارع، ويعشش في المعالم الأثرية والقواعد التي تقوم عليها التماثيل الشهيرة.


ويمكن للسيّاح أن يروا فضلاته المقرفة في ساحة الطرف الأغرّ «ترافالغار» في لندن أو «سانت مارك» في البندقية أو«تايمز سكوير» في نيويورك، وحيث يتوفر للحمام ما يحتاج إليه من فتات وبقايا الطعام، وما يروي ظمأه من ماء النوافير المائية.

وفي هذه الدراسة التي ظهرت نتائجها مؤخراً في مجلة اسكندنافية متخصصة بنشر نتائج البحوث في مجالات الطب البيطري، قام «إسبيرون» وزملاؤه بأسر 118 حمامة من الساحات العمومية والشوارع السكنية في مدريد باستخدام الشباك، وركزوا دراستهم على تحديد مدى انتشار أنواع البكتيريا التي تسبب الأمراض للبشر في أجسادها.

واكتشفوا فيها نوعين من البكتيريا الخطيرة، يدعى النوع الأول «كلاميدوفيلا بسيتاسي» Chlamydophila psittaci، والذي يصيب 52.6% من أفراد الحمام، ويدعى الثاني «كامبيلوباكتير جيجوني» Campylobacter jejuni وينتشر في 69.1% منه.

ويمكن أن ينتقل النوع الأول إلى الإنسان بمجرد لمس الحمام المصاب أو الاقتراب منه، وتبدأ العدوى بظهور التهاب ذي أعراض أوليّة شبيهة بأعراض الأنفلونزا، وقد تتطور إلى التهاب رئوي خطير يهدد حياة المصاب.

ويقول «إسبيرون» إن النوع الثاني من البكتيريا «كامبيلوباكتير»، يُعد السبب الأول لحدوث حالات الإسهال الحاد عند البشر في العالم أجمع.

ويضيف إسبيرون: «في العديد من الدول مثل إنجلترا وكندا وأستراليا ونيوزيلاندا، تسبب بكتيريا كامبيلوباكتير جيجوني الإسهال الحاد بأكثر مما تسببه أنواع بكتيريا السالمونيللا»، ويُعرف عن بكتيريا السالمونيللا أنها تسبب للبشر المصابين بها الحمى والإسهال والغثيان والقيء.

ويوجّه العلماء الذين قادوا هذه البحوث نصائحهم للمسؤولين عن البلديات وإدارة شؤون المدن ومؤسسات الصحة العمومية، بضرورة الاستفادة من نتائجها من أجل التوصل إلى خطة آمنة للتعامل مع الملايين من طيور الحمام التي تستوطن المدن.

ووجد باحثون آخرون أن استنشاق الغبار أو رذاذ الماء الملوّث بفضلات الحمام وطيور التربية المنزلية، يمكن أن يؤدي للإصابة بالعديد من الأمراض بما فيها مرض شبيه بالأنفلونزا يدعى «الببغائية» psittacosis.

وأثبتت البحوث أيضاً أن فضلات الحمام تحتوي على نوع خطير من الفطريات يدعى «كريبتوكوكوس» Cryptococcus، وهو قاتل إذا تم استنشاقه.

وفي عام 2019 توفي طفل في مستشفى جلاسجو لهذا السبب، وأظهرت البحوث أيضاً أن نحو عشرات الأمراض يمكن أن تنتشر من خلال فضلات الحمام والطيور المنزلية، تراوح أعراضها بين الحمى الشديدة والالتهاب الرئوي وأمراض الدم.