الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الاتحاد الأوروبي.. وأخطار التَّفكُّك

الاتحاد الأوروبي.. وأخطار التَّفكُّك
يواجه الاتحاد الأوروبي، منذ عدة سنوات تحدّيات كبرى، وصفها بعض الخبراء بأنّها لم تكن منتظرة في مجملها، وكانت من أخطرها المشكلات المالية الصعبة التي واجهها البنك الألماني للاستثمار «دويتشه بنك»، وبنك «كريدي سويس» السويسري، وكبريات المؤسسات البنكية والمالية الإيطالية عندما عانت إيطاليا من أزمة ديونها.

وفي 2016، صوَّت النَّاخِبون في بريطانيا لصالح استفتاء يدعو للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، أو ما بات يعرف باسم «بريكسيت» على الرغم من أن بريطانيا، ليست عضواً في منطقة اليورو، حيث بقي البريطانيون يستخدمون الجنيه الاسترليني، ومع ذلك، خلق «بريكسيت» جوّاً من الشكوك وتضاؤل الثقة بشأن الصفقات التجارية المتبادلة بين الدول العضوة في الاتحاد الأوروبي.

وفي محاولة بدت يائسة، ولكنها أثبتت نجاحها فيما بعد لإعادة تحفيز النمو، عرض البنك المركزي الأوروبي ECB أسعار فائدة سالبة لعدة سنوات، وبالرغم من نجاح المبادرة إلا أن العديد من التحديات بقيت تقضّ مضاجع البلدان التي تنتمي لمنطقة اليورو.


وأصبحت تلك البلدان في مواجهة تحديات جديدة وخطيرة، بعد أن تسبب انتشار جائحة فيروس كورونا في انخفاض معدل النمو خلال عام 2020.


ويتحدث خبراء في الوضع الاقتصادي الأوروبي عن احتمال أن يؤدي انهيار اليورو إلى تعريض «اتفاقية شنغن» كلها للخطر وهي التي تسمح بحرية حركة الأفراد والسلع والخدمات، ورؤوس الأموال بين الدول العضوة في الاتحاد الأوروبي، وقد يحتاج كل بلد عضو في الاتحاد إلى التفكير في إعادة العمل بعملته الوطنية، وتحديد السعر المناسب لصرفها في التجارة العالمية، وهذا يعني بكلمة أخرى أن انهيار اليورو سوف يكون سبباً في عودة لامركزية السلطة النقدية في دول الاتحاد الأوروبي.

وجاء في تقرير صادر عن «الوكالة الإحصائية للاتحاد الأوروبي» Eurostat أن منطقة اليورو حققت بين عامي 2014 و2019 نمواً بنسبة تراوح بين 2 و3%، وفقاً لحسابات الناتج المحلي الإجمالي الذي يعبّر عن قيمة السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد.

وفي عام 2017، شهدت المنطقة حالة اقتصادية مطمئنة أوحت بالنجاح في الإفلات من أزمة الديون، التي هددت العديد من بلدان اليورو بعد أزمة الركود الأكبر التي عانى منها العالم عام 2008، وأصبحت دول الاتحاد أقوى وأصلب عوداً وتراجعت فيها معدلات البطالة.

وفي وقت كانت فيه منطقة اليورو تنعم بحالة من الانتعاش الاقتصادي النسبي، شهدت حالة مفاجئة من الركود عام 2020 بسبب الانتشار السريع لفيروس كورونا، وكان لهذا التطور أثره القوي على اقتصاد منطقة اليورو، حيث أدى إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 12% خلال الربع الثاني من عام 2020، وبلغ معدل البطالة 7.8% بدءاً من شهر يونيو 2020.

ومن المحتمل أن يهدد انهيار اليورو بإسقاط منظومة «منطقة شنغن» برمتها، وهي التي استعارت اسمها من اسم اتفاقية شنغن لعام 1995 حين اتفقت 26 دولة أوروبية على حرية عبور الأفراد والسلع والخدمات ورؤوس الأموال داخل حدود المنطقة التي تشملها الاتفاقية.

وليس كل عضو في الاتحاد الأوروبي عضواً في «منطقة شنغن»، ولا يمثل كل عضو في «منطقة شنغن» جزءاً من الاتحاد الأوروبي، إلا أن انهيار اليورو سوف يترك أبلغ الأثر على كل البلدان داخل وخارج تلك المنطقة.

وإذا انهارت «منطقة شنغن»، فستحتاج بلدان الاتحاد الأوروبي لتنفيذ ضوابطها الحدودية وإعادة تنشيط مراكز المراقبة ونقاط التفتيش والعمل بقوانين سبق إلغاؤها بناء على الاتفاقية، وبما سيترك أبلغ الأثر على الشركات الخاصة، وعلى التجارة المحلية والاقتصادات العالمية برمتها.