الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

المحيطات في خطر

المحيطات في خطر
من الحقائق المهمة: أن مياه المحيطات التي تغطي 70% من سطح الأرض، تلعب دور المختبر الطبيعي الذي يؤمن أكثر من نصف كميّة الأكسجين الذي نتنفسه، وهي تؤمن الغذاء، وأسباب الرزق لمليارات الأشخاص عبر العالم.

وتُعد موطناً لمجموعة لا يمكن حصرها أو إحصاؤها من الأحياء البحرية، من الطحالب البحرية العالقة «البلانكتونات» وحتى الحوت الأزرق الذي يعد أضخم كائن حي على سطح الأرض، والآن، تعاني محيطاتنا من عدة أزمات خطيرة من أهمها: التلوث والصيد الجائر وتزايد حموضة المياه.

ولقد حان الوقت لتغيير الطرق والأساليب المنحرفة التي نتعامل بها معها، وخاصة من حيث اعتبارها مورداً مشتركاً ذا قيمة هائلة، والتِّخلي عن التعامل معها كمصادر نأخذ منها ما نريد من مغانم، ونطرح فيها نفاياتنا وموادنا الضارة.


ويتحتم على كافة الحكومات والمنظمات المعنية العمل بكل جدّية على تبني الإجراءات، التي تضمن استعادة صحة المحيطات، لأن الحلول لا تزال في متناول أيدينا بشرط أن تتعاون كافة الأطراف على تحقيق هذا الهدف الحيوي.


وقد يبدو للبعض أن المحيطات هي تكوينات مائية هائلة ذات مساحات شاسعة، وغير قابلة للتدمير أو التلوّث، ولكن الحقائق المثبتة بالأدلة والقرائن والإحصائيات، تؤكد أنها باتت في خطر حقيقي.

ولقد فقدنا حتى الآن نصف مساحات الشعاب المرجانية وغابات أشجار القرم (المنغروف) الشاطئية، ذات الأهمية الكبيرة في تحقيق التوازن البيئي للبحار والمحيطات، وبسبب جشع وأطماع الصيادين والشركات المتخصصة بصناعة تحضير الأغذية البحرية، دفعنا أكثر من نصف المخزون الحيوي البحري إلى حافة الانهيار.

وتبدو هذه المشكلات أكثر وضوحاً في المناطق الشاطئية التي تنعم بأفضل مخزون من الموارد البحرية، وهي الأكثر اكتظاظاً بالسكان، إلا أن المجتمعات الساحلية تتعرض بشكل متزايد لظاهرة تضيّق الأرزاق وأضرار العواصف والتلوث البحري، وفقر المياه البحرية بأنواع الأحياء التي كانت تعمر البحار ذات يوم.

ويقول العالم الأسترالي في الدراسات المحيطية جون تانزير: «إن أزمة المحيطات هي أزمة البشرية كلها، ولا يمكن إلا للمحيطات التي تتمتع بالصحة البيئية أن تسهم في الحفاظ على التوازن المناخي، وإمداد سكان الأرض بالطعام، وتحسين النمو الاقتصادي، وتوفير المأوى الآمن للحياة البحرية».

وتُعتبر البحار والمحيطات محركات حقيقية للتنمية الاقتصادية، ولكن بشرط أن نحرص على إدارتها على نحو مستدام، وتقدم مراكز الدراسات والبحوث المتخصصة أرقاماً وإحصائيات تعبّر عن أهمية المحيطات بالنسبة لسكان الأرض.

وقدرت تلك المراكز مجمل القيمة الاقتصادية السنوية للموارد المحيطية الأرضية بنحو 2.5 تريليون دولار، وأن 2/3 (ثلثي) الناتج البحري العالمي يرتبط بالحالة الصحية العامة للمحيطات.

وتسهم المحيطات أيضاً في التخفيف من حدة التغير المناخي لأنها تمتص 30% من غاز ثاني أوكسيد الكربون الناتج عن النشاطات البشرية، وهو السبب الأول لظاهرة الاحتباس الحراري، ويعتمد أكثر من 500 مليون فرد عبر العالم على الموارد البحرية للحصول على الغذاء.

وتمثل النشاطات البشرية غير الحميدة خطراً عظيماً على النظام البيئي البحري، ومن أخطرها، تفريغ النفايات والبقايا البترولية ومياه الصرف الصحي في البحار، بالإضافة لاختلاط الانبعاثات الغازية الضّارة في مياه المحيطات.