السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

العربية في شرق أفريقيا.. لا تخضع ولا تلين

العربية في شرق أفريقيا.. لا تخضع ولا تلين
د. صالح محروس محمد محمد كاتب وأكاديمي - مصر

عرفت اللغة العربية طريقها إلى شرق أفريقيا قبل الإسلام لاختلاط التجار والمهاجرين العرب بالأفريقيين، ودخلت في صراع مع اللغات المحلية، ولكن تغلبت على معظم تلك اللغات وساعدها على ذلك انتصار العامل الديني فحين انتشر الإسلام ورسخت قواعده انتشرت اللغة العربية.

كانت اللغة العربية قبل فترة الحماية البريطانية على زنجبار (التابعة لتنزانيا) لغة المعاملات الرسمية والديوانية، أما الحياة العامة والتجارية فقد سادت فيها اللغة السواحيلية (بحروف عربية)، ولذلك لم يشعر سكان السواحل الأفريقية والآسيوية بصعوبة في التعامل مع العُمانيين.


عندما أخذ تيار العروبة يزحف إلى الكثير من أجزاء القارة الأفريقية حتى اصطدم بالاستعمار الأوروبي، وجد الاستعمار أن أخطر ما سيواجهه هو تيار العروبة وأمام ثقافة عربية تُقدم تراثاً فكرياً ودينياً وأدبياً يجعلها لا تخضع ولا تلين أمام الثقافات الأخرى، بدأ الإنجليز بتشجيع اللغات الأفريقية على يد المنصرين.


انتشرت اللغة العربية بين القطاعات المختلفة في السكان في شرق أفريقيا وكانت لغة الصفوة المتعلمة، ولغة التجارة والإدارة والحكم والأدب، أما عامة الناس من المسلمين الأفارقة فاكتفى معظمهم بالقدر اليسير من هذه اللغة، والذي يمكّنهم من ممارسة شعائر وتعاليم الإسلام وتلاوة القرآن .

أثناء الحكم البريطاني لزنجبار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الاستقلال، شجع البريطانيون اللغة السواحيلية كضرورة للتفاهم مع السكان الأفريقيين وإن كانوا في الوقت نفسه قد سمحوا للغة السواحيلية بأن تتبوأ نفس المكان التي تشغله الإنجليزية. وبذلك أصبحت السواحيلية وسيلة التعليم في المدارس الابتدائية فقط وفي المحاكم الابتدائية لا العُليا، لكنها لم تستخدم وحدها في الجرائد والمجلات، وبالتالي كان من الضروري على كل أفريقي يريد مواصلة تعليمه في المرحلة الثانوية أو يريد أن يشغل وظيفة عالية في الحكومة أن يتعلم الإنجليزية.

ورغم كل ذلك تبقى اللغة العربية من أهم اللغات في شرق أفريقيا ويتحدث بها المسلمون بطلاقة عجيبة، وهي في تقدم وازدهار رغم كل التحديات.

شاركوا بمقالاتكم المتميزة عبر: [email protected]