الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بناءُ الإبداع.. وغربة القراء

بناءُ الإبداع.. وغربة القراء
بقلم: مروان أحمد الشامي كاتب ـ سوريا

على الرُّغمِ من وجودِ الكُتَّابِ على وسائلِ التَّواصلِ وسهولةِ متابعتِهم، فإنَّا نشعرُ أننا غرباءٌ عنهم.. لا نعرفُ شيئاً عن أفكارِهم وتوجُّهاتِهم إلا النَّزرَ اليسيرَ، ولا نعرفُ عن حياتهم ومعاناتهم شيئاً، كما يعرفُ القارئُ عن كُتَّابِ العصرِ الذَّهبي، فلا يرتبطُ النَّاسُ بهم ولا يتأدَّبون بكتاباتِهم.. هذا دُونَ النَّظرِ إلى بعدِها عن روحِ اللُّغةِ الأصليةِ.

فالشِّعرُ العربيُّ في أزرى أحوالِهِ بما يسمُّونهُ بـ (قصيدةَ النَّثرِ)، حيث أصبحَ هذا النوعُ من الأدبِ منتشراً بكثرةٍ ولا أعلمُ سبباً لذلكَ إلا سهولةَ انتحالِهِ، إذ لا تحتاجُ أكثرَ من أن تكتبَ أسطراً بلا رابطٍ بينَها وتغربَ بالخيالِ وتخلطَ الحابلَ بالنَّابلِ فتخرجَ قصيدةُ النَّثر، ولو قِيلَ إنَّها قصيدةٌ مترجمةٌ لكانَ أسهلُ على النَّفسِ قراءتَها.


وكأنَّ من خصائصِ أَهْلِ هذا النَّوعِ أن يعقِّدوا المعاني، ويسلكوا طريقَ الإغرابِ والمعاناةِ وحشدِ (معلوماتِهم العامةِ) قسراً في نصوصِهم، فإن قرأتَ تقرأُ تجميعاً سيئاً لمواضيعَ شتَّى وما تدري عندما تنتهي ما الذي قرأتَ، وقد أحسنَ العقَّادُ عندما أبعدَ مثلَ تلكَ الكتاباتِ عن قسمِ الشِّعرِ وأحالَها إلى قسمِ النَّثرِ، ولولا رحمتُهُ بها وإشفاقُهُ عليها لأحالَها إلى محكمةِ الجناياتِ بتهمةِ التَّزويرِ.


وأمَّا الشِّعرُ الذي يسمُّونهُ (الخليليَّ)، فتجدُهُ في الملتقياتِ الشِّعريةِ هنا وهناكَ وعلى صفحاتِ المنتدياتِ ووسائلِ التَّواصلِ الاجتماعي ورسائلِ القرَّاءِ إلى الصُّحفِ والمجلاتِ، ولا أدري مَن ألومُ على عدمِ انتشارِ هؤلاءِ المبدعين!! أألومُ دورَ النَّشرِ التي تبحثُ عن الرِّبحِ فقط!! أم ألومُ النُّقَّادَ الذين غرقوا بالحداثةِ ووبائها فلا يتحدَّثون إلا عن (الشِّعرِ النَّثريِّ) وأصحابِهِ!! أم ألومُ أولئكم المبدعين على تقصيرِهم في نشرِ كتاباتِهم