السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

فلك الأرواح.. وحب بيتهوفن

فلك الأرواح.. وحب بيتهوفن

PSX_20200212_121528 فلك الأرواح

بقلم: د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ـ مصر

في ورقة ضمن ما خلفه «بيتهوفن» وُجدتْ هذه الأسطر الدامعة: «الحب ليس غير الحب، وهو وحده الذي يستطيع أن يجعل الحياة سعيدة، يا إلهي دعني أجدها، تلك التي في مقدورها أن تدعم فضائلي، تلك التي قد سُمح لها أن تكون زوجتي..»، ومات بيتهوفن ولم يُسمح له..

الحب أسمى المشاعر الإنسانية وأرقها على الإطلاق، تتسامى النفوس نحوه لا تحيد عنه، وكلما عرَّجت إليه خطوة، امتد أمامها رحب المدى عالي الذرى، وهي تزداد شوقاً له رغم مشاق العروج، وشموخ المعراج.


ولا يكون الحب حباً إلا إذا تآلفت القلوب واندمجت النفوس وتعانقت الأرواح، وراء عالم الواقع ومقاييس المادة وقيود الحس وأبعاد الزمن المنظور. والمحب الذي يرى نفسه في فضاء الآخر يتشبث بوجدان رفيق المودة، يُشد إليه بأمراس لا تنحل، وقيود صلبة لا تلين، تعرفه قبل أن تلقاه، يأخذك أخذ السحر وهو مُسلَّط عليك بجبروته الآسر، تُصغي إليه بكل وجدانك فيجرك إلى أصداء بعيدة شجية. وما سار المحب على درب الوجود خطوة، إلا ليرى من يحب، فكأنه قد عرفه في العالم الآخر وراء مجهول الغيب، ومجالي الرؤى وفلك الأرواح، لينطلقا معاً لتبدأ رحلة الحياة.


وشصب العيش نصيب من حرم نفسه مشاعر الحب، يبحث سدى عن السعادة فيما سواه، فلا يجدها، كما يجدها المحبون، ثمرة نضرة مذللة للمشتهين. والمحرومون يألمون، ويرجون من الطبيعة ما يرجونه المحبون، لكن الحياة تمضي وتزول من تحت أقدامهم، لتغيب عنهم حظوظ السعادة التي يعيشها من وضع على منكبيه رداء الحب.

بالحب نجلو البصيرة، ونشحذ الوجدان، ونستجدي الوحي والإلهام، فينتشر فيض من التآلف يشيع على الأرض الود والوئام.