السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

كنوز «المكتبة البشرية»

كنوز «المكتبة البشرية»
رامي عبدالله شاعر وباحث في مجال القيادة ــ الأردن

حين قرأت للمرة الأولى عن فكرة «المكتبة البشرية»، وجدتها في غاية الرّوعة والإنسانية والأهمية، خاصة أن الإنسان لا يمكنه الاستغناء عن تجارب الآخرين، وللعلم فقد ظهرت فكرة المكتبة البشرية في الدنمارك عام 2000 على يد المبدع «روني أبيرجل».

وتتلخّص هذه الفكرة بأن تقوم إدارة المكتبة «الخالية تماماً من الكتب» باستقطاب متطوعين من أصحاب مواقف مختلفة في الحياة لتمكين الأفراد الاطلاع على التجارب والخبرات، وقصص النجاح والفشل من خلال جلسات مباشرة تتولى تنسيقها إدارة المكتبة.


فمثلاً، إذا كنت قد عانيت من فشل تجاري في الشهور الماضية، ووجدت أنك فقدت السيطرة على الأمور وتحتاج للمشورة والنصيحة، فيمكنك التوجه للمكتبة البشرية لتنسيق اجتماع مع أحد الأشخاص، الذين كان لهم نفس التجربة واستطاعوا الوقوف من جديد.


وقد أشار عالم النفس السوفييتي ليف فيغوتسكي إلى أهمية العلاقة الاجتماعية بين الأفراد كأداة من أدوات التطوير وتبادل الخبرات والمعلومات، وفي موروثنا العربي تتكرر عبارة «إن المجالس مدارس» وهذا جعلني أتأمل في الكنز الذي يحيط بنا جميعاً، وهي تجارب الآخرين التي كانت حصيلة التعب والضحكات والدموع.

إن التجربة الواعية الحكيمة كما وصفها الشاعر والفيلسوف والناقد الإنجليزي صومائيل تايلر كولردج «هي: كالأنوار المثبتة في مؤخرة السفينة.. إنها تضيء الطريق التي سلكتها»، وفي نفس السياق يرى عالم الرياضيات الألماني «جيرهارد هيسنبرج»: «أن الخبير هو من يعرف أخطاء كبيرة في ميدانه، ويعرف كيف يتجنبها».

بعد هذا كله ننتهي إلى القول: ما يجب الانتباه له في هذا السياق، هو أنه لا يجوز لأحد الاستخفاف بمستوى الفكر والمعرفة لأي إنسان، والذكي هو من يختار دور المتعلم لا المعلم في هذه الحياة.