السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

استراتيجية «كما لو كان»

استراتيجية «كما لو كان»
د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ـ مصر

في تجربة طريفة لعالم النفس المرموق «ثورندايك» أجراها على عدد من الشباب، عمل فيها على إبقائهم متيقظين لمدة أسبوع كامل تقريباً، وذلك من خلال إسناد أعمال لهم ولكنها في نطاق اهتماماتهم وميولهم، اكتشف «ثورندايك» أن هؤلاء الشباب لم يشعروا بالملل أو الإرهاق طوال هذه المدة، بل على العكس تماماً فقد غمرتهم المتعة، وزادت قدرتهم على بذل الجهد والإنجاز.

وهذه التجربة تؤكد أن مشاعر الملل تصيب من يجبر على عمل يتنافى مع ميوله واهتماماته، وذلك ما نراه جميعاً في سلوك أبنائنا وطلابنا في أوقات الامتحانات، حيث ترى النعاس والإرهاق يطاردهم، وكذلك آلام الرأس والجسد والعين والمعدة وغيرها.


والغريب في الأمر أن هذه الآلام ليست أوهاماً كما كان يظن كثير من الناس، فقد خضع بعض هؤلاء الطلاب لفحوصات طبية أظهرت أن ضغط الدم واستهلاك الأوكسجين يتضاءل مع مشاعر الملل، وبتلاشيها تعود عمليات الجسد إلى طبيعتها المعتادة.


والسؤال الآن هل من الممكن أن نحول العمل التقليدي الذي يبعث على الملل إلى عمل ممتع؟ يجيب علم النفس بإمكانية هذا الأمر، من خلال استراتيجية «كما لو كان» والتي تعني أن تعتبر العمل كما لو كان ممتعاً، وهي استراتيجية ناجحة وتستحق التجريب، فالتظاهر بسلوك معين قد يقنع الذات به فيتمثله ويسلك وفقاً لمقتضاه.

إن تجريب استراتيجية «كما لو كان» تدريب ذهني دافع للخطو الإيجابي، وينطلق من مبادئ علم النفس التي ترى أن حياتنا من صنع أفكارنا، وبتدريب أنفسنا على هذه الاستراتيجية نستدعي الأفكار الإيجابية التي تغير مسار حياتنا نحو الأرقى والأفضل، وننزع عن ذواتنا مشاعر الملل والقلق التي قد كانت مرافقة لكثير منا، لا نفارقها ولا تفارقنا.