السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

أيّامي الجامعيّة.. ألا ليتها تعود

أيّامي الجامعيّة.. ألا ليتها تعود
د. أمل آل علي أكاديمية ورائدة أعمال ـ الإمارات

كنت طالبة في «جامعة الإمارات»، ولكونها في مدينة العين وأنا من إمارة أخرى، فقد كنت أقطن في سكن طالبات الجامعة، ومن أجمل الذكريات في السّكن الجامعي، كانت تلك الأوقات التي نقضيها مع الصديقات.. فرصة لم نكن نحظى بها كثيراً في منازل ذوينا، حيث كانت الزيارات مقتصرة على بعض الأقارب، لذلك كنا في السكن الجامعي نستمتع جداً بالبقاء معاً كصديقات وقضاء الليل ما بين مسامرات ومشاجرات وضحكات، أو ما يسميه جيل اليوم بـ«سليب أوفر»، وهي كلمة إنجليزية، تعني قضاء الليل في بيت الصديقات.

ومع ذلك فقد كُنَّا دائمات التذمر.. نتذمر من مواعيد المحاضرات، وكثرة الامتحانات، وصعوبة المساقات، وحرارة الجو، وقلّة الفعاليات والرحلات، ونوعية الطعام، والازعاج في ممرات السكن، وقوانين الحرم الجامعي، ولم يكن هناك شئ إلا قد تذمرنا منه.


في بعض الأحيان كنّا نتشارك همومنا مع مشرفات السكن، وهناك مقولة أتذكرها كانت المشرفات يرددنها دوماً وهي:


ـ «احمدو ربّكم على توفر كل شيء، وعيشو أيامكم، ففترة الجامعة من أحلى فترات العمر».

طبعاً لم نكن نشعر بذلك نهائياً، فكيف تكون فترة الجامعة فترة جميلة وسط كل تلك الضغوطات؟ اليوم وبعد مرور زمن على تخرجي من الجامعة، وأنا أنظر للطالبات والطلاب العائدين إلى مقاعد الدراسة الجامعية هذه الأيام، أتذكر كلام المشرفات، وأتذكر كم كانت فترة الحياة الجامعية جميلة.

تلك الفترة التي يبدأ فيها الشخص بتحديد ملامح مستقبله، وينتقل فيها الطالب من مرحلة التعليم المدرسي، التي تتسم بالروتين والانتظام إلى مرحلة فيها حريات أكبر من ناحية اختيار أوقات المحاضرات ونوعيتها، ووضع المسار العلمي والجدول الدراسي بطريقة أكثر مرونة، وفيها أيضاً يتم الاستعداد للحياة العملية، وتعلم المهارات التي ستساعدنا على مرحلة جديدة.

في مرحلة الحياة الجامعية نلتقي اشخاصاً مختلفين، منهم: الدكتور المحاضر، الذي يتعامل مع الطلاب على أساس تحملهم مسؤولية تعلمهم كاملة، فتختلف طرائق التعليم، وتتحول عملية «التعليم» إلى «تعلم»، فالطالب الجامعي لا يتلقّى المعلومة فقط بل يبحث عنها.

نلتقي كذلك بزملاء آخرين من تخصصات مختلفة، قد يدرسون معنا بعض المساقات المشتركة، فتتوسع مداركنا بالحديث معهم ومعرفة العلوم المختلفة التي يدرسونها.

ونلتقي كذلك بباحثين من مجالات مختلفة، كما نلتقي بموظفين في بيئة العمل، ونتعرف على طرق ممارسة الأعمال وأداء المهام الوظيفية من خلال التدريب العملي.

أثناء دراستنا الجامعية نعاني من ضغوط الدراسة، ولا نستوعب أن تلك الضغوط هي أبسط ما يمكن أن يعانيه الإنسان، وأنها تصقل شخصية الفرد، وتخرج أفضل ما لديه.

في الحياة الجامعية لدينا الوقت لنعيش القصص الخيالية، مع الصديقات، ونتحدث عن مستقبل ما بعد التخرج وكيف أننا سنغير هذا العالم، هنا أتذكر أبياتاً شعرية للشاعر الأمير خالد الفيصل كتبها عن أيام الدراسة، منها:

يوم أنا طالب تحمّست ووعدت

أني أصلح ما تبيّن لي خطاه

يوم أنا طالب على الغيمة رسَمت

ضحكة الدنيا على عذب الشفاه

يوم أنا طالب تخيّلت وحَلمت أني ألبس من هَدب شمسي عباه

يوم أنا طالب حَسبت أني وصلت

أثرني ما دست بالرجل الوطاه

بعد التخرج تبدأ ضغوطات الحياة الحقيقة، فتصبح المتطلبات كثيرة، ويرتفع سقف التوقعات فيصبح الوقت ضيقاً جداً ولا يتسع لعمل كل ما نتمنى عمله.

اليوم وطلاب الجامعة يستعدون للعودة إلى مقاعد الدراسة أوجه لهم هذه الكلمات: اجعلوا من هذه الأيام أسعد أيام حياتكم، فهي كذلك بالفعل، تعلموا كل شيء من أجل التعلم وليس من أجل الامتحانات، شاركوا في الفعاليات، مارسوا الرياضة، وأقرؤوا ما استطعتم من كتب خارج المنهاج الدراسي، كونوا فاعلين في مجتمعكم الجامعي.. تلك هي أيامكم الجميلة فعيشوها.