السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

أمواج الأجيال

أمواج الأجيال
د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ـ مصر

لمَّا سُئِل توفيق الحكيم عن الفرق بينه وبين ابنه، أجاب أن ابنه عاش في زمن غير زمانه، فلا هو أحسن ولا الحكيم أسوأ، وأضاف: عندما كنا نسأل في زماننا عن الشيء الذي يعبر البحر دون بلل، كنا نقول: الحوت في بطن أمه، وابن الحكيم يقول: الطائرة تعبر المحيط دون أن تبتل. فالمعنى واحد ولكن الأسلوب مختلف، والاختلاف جاء من تطور العلم والحياة.

وحدث أن قرّر طه حسين ترجمة مسرحيات شكسبير إلى اللغة العربية، فوزع مسرحياته بين تلامذته، وكلف ابنه بترجمة مسرحية هاملت، وتردد تلامذة طه حسين في سؤاله عن لغة ابنه وقدرتها على الترجمة إلى العربية، وفطن طه حسين لذلك، فقال: إن حساسية اللغة التي يمتلكها ابنه تؤهله للتصدي للترجمة الحديثة، وأضاف أنهما مختلفان مع تعايشهما، أحدهما أقرب إلى الماضي في لغته، والآخر أقرب إلى الحاضر في فكره.


إن الفجوة بين الآباء والأبناء هي مسافة زمنية لا ينبغي أن تستحيل نزاعاً وصراعاً، وإنما استيعاباً لمقومات الفجوة بأبعادها الزمنية، فالآباء كانوا صغاراً واستنكروا أفكار آبائهم، والصغار سيكونون كباراً يستنكرهم أبناؤهم. وهكذا أمواج الأجيال التي تتحرك ولا تهدأ، تضرب الشاطئ ولا تزحزحه.


والمشكلة في الخلاف الذي يحدث بين الأجيال، حيث يرى كل جيل أنه على صواب، والآخر لا يعرف، ولا يفهم، ولا يُقدر، وبذلك يصبح التفاهم صعباً، والخسران ينال الجميع.

ولا شك أن كل جيل له ظروفه التي تحكم فكره وقناعاته، وحركات الأجيال تشبه سباق التتابع، حيث يعطي كل متسابق الشعلة لمن يشاركه، ثم يعطيها لمن يأتي بعده، ولتحقيق الانتصار لا بد من التفاهم والتوافق بين أعضاء الفريق الواحد، وهكذا الحال إذا أرادت الأجيال أن تفوز في سباق الحياة.