الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أخبرهم قبل أن يرحلوا

أخبرهم قبل أن يرحلوا
عصام كرم الطوخي كاتب ومؤلف ــ مصر

على أنين الشوق نَحِنُّ لأطياف من نحب، إلى لمن تحملونا في أسوأ حالاتنا، وتنازلوا وضحوا من أجل إسعادنا، وبحكايات العمر التي لامست جدار أرواحنا.. لقد رحلوا، وتركوا خلفهم عبير ذكرياتنا معهم تحيا عليها قلوبنا.

إننا نَحِن إلى نسيمهم وطلتهم في حضن كل صباح، ولدفء ابتسامتهم الصافية، وهدوء النفس معهم، لنرمم أرواحنا المنكسرة وما بعثرته قسوة الحياة هنا وهناك، ولكي نشعر أننا بخير، فقد كنّا نرى في عيونهم صدق النوايا تحتضن لحظاتنا الهاربة من أوقاتنا الرديئة، وإلى كلماتهم الحنونة تدعمنا وتضمد شقوق أوجاعنا.


ولنا عبرة في قصة رجل عجوز، ذهب إلى محل تصليح الهواتف يريد اكتشاف الخلل في هاتفه، فأخبروه بأن هاتفه سليم، فسأل لحظتها بحزن:


ـــ لماذا إذن لا يتَّصل بي أحد من أولادي؟

فلم يستطع أحد من الحاضرين الرد من الصدمة.

مهما كانت اهتماماتك ومشاغلك لا تترك من أحبوك بكل كيانهم، وهم يحنون لك بكل تنهيدة اشتياق لظنون احتمالاتهم ينتظرونك على شبابيك الروح المتعبة، والحزن يهيمن عليهم لكثرة غيابك.

مد لهم يدك فهم رحمة وطمأنينة لك، ولا تنسهم في زحمة أيامك، بل أسأل عنهم وأخبرهم قبل أن يرحلوا بحبك فهم أحق الناس بمودتك ورحمتك، وأحسن إليهم، فالشوق بعد الموت لا يطاق، ثم إن جمال الحياة لا يكتمل بدونهم، فهم يستوطنون القلب، ومهما حاولنا لن نجد كلمات تصفهم.

أولئك الأحبة يعشقون كل ما يشبهك، ويستشعرون جفاف غيابك، وحضورك لهم في كل مرة معزوفة عشق متجددة لك لا أحد يتقنها غيرهم، وأنت تتحرر من ضعفك أمامهم، لأنهم يعيشون كل تفاصيلك، ولا يملُّون من بوحك، فهم بساتين من المحبة والمودة تثمر لك السعادة والراحة والأمان.