قلوب نادرة

هناك قلوب نادرة، جميلة من الداخل برغم ما تحمل من ألم ووجع، تجدها تعطي بلا مقابل، تختبئ خلف قناع السعادة، تواسي الآخرين، تعانق أرواحهم بمودة ورحمة، تربَت على أكتافهم، تمارس معهم شعائر الفرح، رغم الضغوط التي تواجهه، وفي فعلها ذاك، لا تنتظر الشكر من أحد.

كما أنها تبتسم لمن حولها، فتجبر قلوبهم المنكسرة، تسأل دائماً وتساعد بلا منٍّ ولا أذى، مصحوبة بمشاعر فياضة، تراها تنشر عطر السعادة أينما وجدت.

تلك القلوب النادرة، تمنح المحبة الوافرة بصدق للآخرين، تعامل الناس بطيب أصلهم، وتفترض فيهم «الخيريّة»، وإن لم يكونوا أهلاً لها، غير أنها وفي خضم تحديات الحياة لا ينتبه أحد لما يجري بداخلها عندما يمر أصحابها بأوقات صعبة، لأن من حولها اعتادوا أن يروها قوية، لذلك سيأتي على أصحابها يوم يكونون في أمس الحاجة لمن يحنو عليهم، يشعر بهم في ساعات الأزمات والمحن، يمسح دموعهم، ويجبر خاطرهم، وإن كانت عزة النفس تمنعهم.

لهذا أقول: جَاوِر من يراك جميلاً رغم انكساراتك وخيبات الأمل التي تهيمن عليك.. جاور الصادق معك بكل شيء ولا يتغير بمرور الزمن، من يسأل عنك باستمرار.. جاور من يراقبك بصمت، صاحب الروح الطيبة الواضحة التي تمنحك الثقة والأمان، التي لا تتركك رهناً للحيرة أو الضياع بين فظائع الاحتمالات والتوقعات، بل اقترب ممن يغزلون خيوط المحبة والمودة والألفة والرحمة من أجلك، ويفتحون لك نوافذ من نور تبدد السواد التي كنت تراه أمامك.

جاور أيضاً من يراك بعين قلبه جميل الروح، من يشبهك ويفهم من أنت، فيرى فيك أشياء تبهرك لم ترها أنت في نفسك، جاوِر من يخاف الله، من يؤمن بوجودك، ويعزز من قدرك، من يزرع فيك الود، ويهوّن عليك صعوبات الحياة.