الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السناجب السبعة.. و«منطقة التخدير»

السناجب السبعة.. و«منطقة التخدير»
القرار والتنفيذ صنوان لا يفترقان عن حياة الناس، وبينهما شائكتنا، هي فجوة، تعرف في علم النفس بـ«منطقة التخدير»، وهي خطيرة، إذْ بها يتوهم الناس فيتخبطون في حياتهم.

لنقرّب للقارئ الصورة، نروي قصة بها عبرة، تعقبها فرحة فهمٍ، فتنشأ فكرة، يتبعها إما عمل يصدق تلك الفكرة أو نوم يعاشر تلك القصة ولكم الاختيار.. يحكى أنه كان هناك أب حكيم، وقف يحدث أبناءه قائلاً:

ـ كان هناك سبعة سناجب يقفون على ضفاف النهر، يتحادثون فيما بينهم، من سيقفز إلى النهر، فقرر ستة منهم أن يقفزوا إليه.


ثم سأل الأب أبناءه: كم سنجاباً بقي؟ قال أحدهم: بقي سنجاب واحد يا أبي، فقال الأب: كَلّا، فعلق الابن: يا أبي قلت إنهم سبعة، قرر ستة منهم أن يقفزوا إلى النهر، إذاً بقي واحد.


فقال الأب: كَلا، لقد بقي سبعةُ سناجب.. تساءل الابن: كيف؟ فقال الأب:

ستة قرروا أن يقفزوا إلى النهر لكنهم لم يقفزوا، هم قرَّرُوا لكن لم ينفذوا، هم أرادوا لكنهم لم يعملوا.

كثيرة هي قرارتنا، ولكن كم نفذنا منها؟! وها نحن نعود إلى ما بدأنا به، هو: بين القرار والتنفيذ فجوة يتوهم الناس فيها أنهم نفذوا، وهذا هو التخدير الذي يعيق عن الإنجاز، فمثلاً: كثيراً ما نقرر أن نعلّم أبناءنا التربية السليمة، واللغة العربية الرصينة، وكتاب الله القويم، فيسبقنا الزمن، ثم نجد حسرة أعمالنا فيهم.

وكثيراً ما قرَّرنا أن نبرّ والدينا فيسبقنا الموت، ونحن لا نزال في قرارنا ولم ننفذ، فنخسر كنزاً وبركة كانت بين أيدينا، وكثيراً ما نقرر أننا سنستغل صحتنا ومالنا وعافيتنا وقوتنا في رضا الله، فيسبقنا المرض والشيب والفقر، فنبكي على ذلك بسبب غبائنا.

إذاً، كي نصل إلى مبتغانا، ونتجنَّب منطقة التخدير، لنتبع القرار بالتنفيذ دون تفكير، فقد سبق القرار التفكير.