الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

«سُكَّر أمَّي».. وعصر أبنائي

«سُكَّر أمَّي».. وعصر أبنائي
كانت أمي العزيزة، التي أعيش في حضنها إلى وقتنا هذا، تمدني وأنا صغير بقطعة سكر مع حلول كل امتحان، وينتهي دورها عند الدُّعاء، وما ألطفه وأجمله من دعاء، لا يزال حاضراً معي، محفوراً في ذاكرتي، وقد كان سلاحي وزادي وملاذي في معركة الدراسة.

تلك المعركة، أحاول اليوم أن أحدث عنها أبنائي، فأجدهم غير مبالين تماماً.. إنهم يختلفون في حاضرهم عن الماضي الذي كنت عشته بكل ما فيه.

أنظر إليهم مندهشاً، محاولاً الوصول إلى مكمن الخلل، كوني أحس كأنهم يستمعون لخرافات وأسَاطير، مع أن الفاصل بين تجاربي وتجاربهم ليس يقدر زمنيّاً بسنوات قلائل مما يعدون، فتنتابني الدهشة من جديد لأسلوب تفكيرهم، وأعاود الكرة فلا أجد إلا ابتسامات غير بريئة من أبرياء، وأقنع نفسي بالقول: «إنهم خلقوا لزمان غير زماننا»، لكن ما يرعبني حقاً، هو حين أن أنظر للأمام متطلعاً شوقاً لمستقبل زاهر لهم، وأتساءل:


ــ هل يستطيعون المضي حقاً في طريقهم؟ وهل سيتزوجون مثلنا وينشؤون بيوتاً؟


لقد وُجدوا في عصر حدوده هذه السماء المفتوحة أمامهم، والمعلومات تأتي إلى غاية عندهم، ومؤسسات ووسائل متطورة تمدهم بكل ما يحتاجون إليه، لدرجة أنهم لا يستطيعون التفريق بين غثها وسمينها، فينجرفون ويتأثرون، وقد ينحرفون.

تبدو الحياة سهلة لأبنائنا لجهة توافر المعلومات ووسائلها، وهي أيضاً سهلة بما نوفره نحن لهم، لكن ماذا بعد حين؟

أتصور صعوبة الأمر بالنسبة لهم، لكن الحكمة تقول: «وحده الوقت يَحْكُم».