الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

علماء اليابان يستخدمون الفيروسات للقضاء على السرطان

علماء اليابان يستخدمون الفيروسات للقضاء على السرطان
على الرغم من تحسن علاجات السرطان بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إلا أن الخيارات الرئيسة لعلاج السرطان لا تزال تتكون من الجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي. وهو قيد كبير يمثل مشكلة للسرطانات العدوانية مثل سرطانات الجلد العدوانية أو الرئة أو السرطانات الدبقية وسرطانات الدماغ التي تقاوم عادة العلاجات التقليدية.

في ستينات القرن الماضي، قام بعض العلماء باقتراح طريقة يمكن استخدامها للقضاء على السرطان عبر استهداف الخلايا الورمية بفيروسات تهاجمها وتحدث فيها استجابة التهابية تؤدي إلى منعها من التكاثر وموتها في نهاية المطاف.

في تلك الآونة، استخدم الباحثون فيروسات شلل الأطفال، وفيروس كوكساكي، إلا أن مضاعفات العلاج، والتي شملت حدوث حالات عدوى شديدة أدت إلى وفيات كبيرة أوقفت مسار تلك الأبحاث.


وفي مطلع القرن الحالي، ومع تطور تقنيات التعديل الجيني، بدأ العلماء في التفكير مرة أخرى في استخدام الفيروسات لمهاجمة الخلايا الورمية وقتلها، ومنع انتشار السرطانات لبقية الجسم.


وبالفعل، نجح العلماء في تصميم مجموعة من الفيروسات لعلاج أنواع متنوعة من السرطان، إلا أن فاعليتها ظلت محدودة للغاية.

غير أن فريق من العلماء اليابانيين نجحوا أخيراً، حسبما نشرت دورية ساينس ترانسيشنال ميديسن، في ابتكار استراتيجية جديدة كُلياً، يستخدم فيها نوع من أنواع الفيروسات، إضافة إلى العلاج المناعي، للقضاء على السرطان.

وتقول الدراسة إن تلك الطريقة حققت نجاحاً بنسبة 93% في علاج فئران التجارب المصابة بسرطان الجلد المقاوم للعلاجات التقليدية، علاوة على نجاحها في علاج سرطان القولون والرئة في فئران التجارب بنسبة تتجاوز 53%.

في البداية، قام الفريق بدراسة الفيروسات التي تتكاثر بشكل انتقائي في الخلايا السرطانية. ووجد الفريق أن بعض أنواع الفيروسات يمكن أن تسبب مرضاً غير خطير في البشر. قام الباحثون بإعادة تصميم تلك الفيروسات لاستهداف الخلايا السرطانية فقط.

تقوم تلك الفيروسات بانتقاء الخلايا السرطانية وتلتصق بها لتحدث الفيروسات «التهابات» على سطح الخلايا السرطانية، وهو أمر يحفز الجهاز المناعي على مهاجمة تلك الأورام وقتلها.

يقول ناكاو شنشوسكي، المؤلف الأول لتلك الدراسة في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»، إن الفريق العلمي قرر بعد ذلك دمج استراتيجية العلاج المناعي مع العلاج الفيروسي لتعزيز فاعلية كلا العلاجين.

قام شنشوسكي وفريقه بتصميم فيروس من عائلة الفيروسات المسببة للجدري، يقوم ذلك الفيروس بإفراز نوعين من «السيتوكينات» وهو نوع من أنواع البروتينات التي تحفز الاستجابات المضادة للسرطان من الخلايا المناعية.

بعد ذلك، قام الفريق بتحميل الفيروس نفسه بنوع من أنواع الأدوية المناعية، ثم قاموا بحقن الفيروس مباشرة في الأورام في الفئران.

ولاحظ الباحثون تراجعاً حاداً في حجم تلك السرطانات، إذ أصبحت البيئة المحيطة بالسرطان التهابية ولا تعزز على الإطلاق انتشار الأورام. كما قام الفيروس بتثبيط نمو الورم في وقت لاحق بنسبة 93% في سرطان الجلد و53% في سرطانات القولون والرئة.

بعد 3 أشهر من تلك التجربة، قام الباحثون بحقن الفئران التي عولجت سابقاً بخلايا سرطانية لاختبار مدى إمكانية إصابتها بالسرطان، ليجدوا أن تلك الفئران أصبحت «محمية» من الإصابة بالنوع ذاته من الأورام التي كانت قد عولجت منه في وقت سابق.

وخلص الفريق إلى أن تعزيز البيئة الالتهابية حول الأورام يمكن أن يكون المفتاح لعمل مجموعات من فيروسات مكافحة الأورام السرطانية. كما يمكن أيضاً أن تنشيء تلك الفيروسات «ذاكرة مضادة للأورام» تطيل حياة الأشخاص المصابين بالأورام وتجعل احتمالات ارتداد المرض أقل بكثير.

ويقول شنشوسكي في تصريحاته لـ«الرؤية» إن تلك الطريقة يبدو وكأنها «ولدت مناعة ذاتية ضد هذه الأورام.. وهذا يعني إمكانية استخدامها كلقاح لمنع الإصابة بالسرطانات في الأشخاص الأكثر عرضه للإصابة بالأورام».

ويشير المؤلف الأول للدراسة إلى أن الفريق بصدد بدء التجارب السريرية على البشر خلال 8 أشهر من الآن.

وبسؤاله عن كلفة العلاج بتلك الطريقة، قال شنشوسكي إن الأمر لا يزال في إطار التجارب، ولا يمكن الإجابة بدقة عن الأسئلة المتعلقة بالتكاليف إلا بعد إكمال التجارب السريرية بجميع مراحلها على البشر، وقتها يمكن أن نحتسب التكاليف بشكل أفضل، بالتالي تكون الصورة أكثر وضوحاً حول سعر الدواء في الأسواق.