الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ما هي متلازمة «اليد» التي طرحها تامر حسني في «مش أنا»؟

فيلم «مش أنا» الذي حقّق نجاحاً باهراً في السينما العربية، وأضحك الكثير، امتلك رسالة خفيّة، لم تملأنا حزناً فقط، لكن زادت من رغبة بعضنا في البحث في عالم الأمراض الغريبة. الفيلم وسّع آفاق الجمهور في الاطلاع على ما يعنيه أن تكون ضحية مرض تخجل من التعبير عن أعراضه، التي قد تقضي على حياتك بشكل ما. «متلازمة اليد الغريبة» ليس ابتكاراً سينمائياً لخلق الكوميديا، وإنّما مرضٌ حقيقيٌ يعاني منه بعض الأفراد، من ضمنهم من ليسوا على دراية بإصابتهم به.

متلازمة اليد الغريبة مرضٌ حقيقي، إذن ما هو؟



متلازمة اليد الغامضة أو اليد الغريبة، هو اضطراب عصبي ينجم عن أسباب عصبية، أعراضه أن تقوم اليد أو القدم، بأفعال غريبة غير مسؤول الإنسان عنها، فتتصرّف هذه اليد وحدها وكأن لها عقلٌ مستقلٌ، مثل أن تقذف أشياء، أو تمسك بأشياء، وفي بعض الأحيان «قد تبدو وكأنها تصرخ»، كما تقول الدكتورة منال الفحام، المختصة في أمراض المخ والأعصاب في تصريحٍ خاص للـ«الرؤية». وفي الحالة الطبيعية، يتلقّى الإنسان إشارات من الحواس إلى الدماغ، ثم يقرر القيام بفعل ما ويعطي دماغه الأوامر، لكن في حالة مريض متلازمة اليد الغريبة، تكون هناك مشكلة في أحد أجزاء الدماغ المسؤول عن التوصيل بين استقبال المعلومات وإصدار الأوامر. وقد تم رصد أول حالة مصابة بهذه المتلازمة في القرن التاسع عشر، والتي لم يكن معروفاً سببها، لذا سُميّت «بالمتلازمة». ومع تقدّم العلم تبين أنه هناك عدة أسباب عصبية محتملة لهذه الحالة.

متلازمة نفسية أم عصبية؟



أغلب من يصابون بهذه المتلازمة ينفصلون تلقائياً عن المجتمع أو يتم تهميشهم من قبل المجتمع بسبب «التصرفات غير المسؤولة أو غير المفهومة من قبل الآخرين»، ما قد يتسبب بإحراج العائلة، أو فقدان التوازن أمام المجتمع، كما تصف لمى الصفدي، مستشارة نفسية وأسرية في تصريحٍ خاص للـ«الرؤية». ومثالٌ على ذلك هي إحدى الحالات التي مرّت الفحام بها، وهي حالة لطالبة مدرسية كانت دائماً ما تقوم بتصرّفات غريبة بقدمها، مثل أن تسقط على الأرض، أو تصطدم بمن حولها، أو تدعس على العصافير، بدون أن تعي ما تقوم به. والمثير للجدل هو أن الفتاة لم تستطع تفسير تصرّفاتها الغريبة في قدمها، بل لم تجد الحرية للقيام بذلك، خصوصاً أن أمها كانت تتنازع معها بشكل دائم، وتحطّم معنوياتها وتصفها بالبلهاء أو الخرقاء. وأسوء ما يمكن فعله هو اتّهام صاحب المرض «بأفعال نظن أنه مسيطر عليها»، حسب قول الفحّام. وتبيّن لاحقاً أن الفتاة مصابة بالتصلب اللويحي الناجم عن المتلازمة لمدة أكثر من عامين، وإهمال الحالة أدّى إلى تفاقمها ووصول الفتاة لغرفة الطوارئ بعد وقوعها على رأسها.

المرض عصبي، لكن الأسباب والتداعيات قد تكون نفسية‍!



تصف الفحام أنه «لا ينبغي أن نفكر لوهلة أن هذا المرض نفسي»، وهنا تكمن مخاطر إهمال الحالة، وبالتالي تفاقمها. وهناك فرق كبير بين حقيقة أن هذه الحالة قد «تُثار بالضغوط النفسية»، أو أنها حالة نفسية، ذلك أن الضغط النفسي هو «عنصر لانوعي يمكنه أن يثير جميع الأمراض كارتفاع الضغط، أو السكري، أو الجلطة القلبية.. إلخ». من جانب آخر، وبسبب اتهامات المجتمع للمصاب، ينفصل المريض عن المجتمع ويكون عرضة لاضطرابات نفسية أخرى بجانب مرضه الأصلي، كالاكتئاب أو الشخصية ثنائية القطب.. إلخ، كما تصف الصفدي. وهنا تكمن أهمية تفهم المجتمع للمريض، وإعطائه فرصة لتبرير أفعاله التي لا يستطيع التحكم بها.

أحقاً لا يوجد علاج كما عرض الفيلم؟



في الحقيقة لا، يوجد علاج لهذا المرض، وأولى مراحله هي التشخيص، الذي يحدث بتصديق المريض وإعطائه حريّة للتعبير عن نفسه. ويتم بعد ذلك التعرّف إلى السبب العصبي المؤدي للحالة، ثم يتم استخدام العلاج بالأدوية والعلاج السلوكي. من جانب آخر، أصاب الفيلم في أمرٍ آخر، إذ كما يلاحق الفنان تامر حسني شغفه في الرسم في الفيلم، ينبغي على المريض القيام بالأمر نفسه، وإلهاء يده للقيام بما يحب، كي يقلّل من فرصة أن تتصرّف اليد وحدها.