السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

سياحة الهايكينغ.. مغامرة ولياقة واستكشاف لكل الميزانيات والأعمار

أكد شباب وفتيات أن سياحة رياضة الهايكينغ في الإمارات، واحدة من أهم الرحلات التي يحرصون على الخروج فيها، خاصة في ظل تواجد الكثير من المسارات الجبلية والتي تحظى باهتمام الجهات المختلفة التي تعمل على تحديدها وتعبيدها.

وقال شباب لـ«الرؤية» إن أكثر ما شدهم لهذه الرحلات أنها تعتمد على المغامرة واللياقة والإثارة والتشويق والاكتشاف، مشيرين إلى أن أكثر ما يميز هذا النوع من السياحة أنها تناسب كل الجيوب والأعمار.

في الوقت نفسه أوضح مركز الفجيرة للمغامرات أن هذه الرحلات باتت مصدر دخل للكثيرين، حيث اتخذت طابعاً تجارياً واتجهت الفرق للتحول نحو مجال ريادة الأعمال، من خلال ترخيص المشروع من قبل الجهات المعنية، واعتبارها وسيلة لكسب المال، حيث تراوح الرسوم المفروضة على الشخص الواحد بين 50 و300 درهم في الرحلة الواحدة.



أسعار تنافسية



يرى منسق الفعاليات والأنشطة بمركز الفجيرة للمغامرات، حسين الجاسم، أن قطاع سياحة الهايكينغ بات يشهد تنافساً كبيراً بين الشركات العاملة فيه، من حيث تقديم سعر تنافسي ومميز مع خدمات أكثر، محذراً من استغلال شركات لبعض المقبلين على ممارسة الرياضة خصوصاً المبتدئين فيها.

وتابع: لا شك أن رياضة الهايكينغ لاعب أساسي في رياضة المغامرات، حيث يمكنها المساهمة وبقوة في الدخل الناتج عن السياحة، لا سيما أنها تعتمد على النزل والسكن المحلي والمخيمات والخيام الصغيرة في تلك المناطق وليس على الفنادق الضخمة، الأمر الذي يعني توزيع الدخل السياحي على شريحة أكبر وأوسع.

وأوضح أن مركز الفجيرة للمغامرات، والذي يعد أول مركز حكومي على مستوى العالم بمجال المغامرات وتابع لحكومة الفجيرة، يتعاون مع شركات عديدة، حيث أطلق الحد الأدنى للمعايير التي يجب على الشركات الالتزام فيها كالخبرة والإسعافات الأولية واختيار المسارات وغيرها.

وقال: تحولت هذه الهواية لمنحى تجاري تحقق من خلاله الشركات أرباحاً، حيث تراوح الرسوم على الشخص الواحد بين 50 و300 درهم، وتشمل توفير وجبة أو وجبتين كالإفطار أو الغداء أو العشاء على حسب توقيت الرحلة، إلى جانب الوجبات الخفيفة والعصائر والفواكه، والإسعافات الأولية، وقد لا تشمل المبيت أحياناً، في حين يبلغ عدد الأشخاص بالرحلة الواحدة بين 50 و70 شخصاً.

وأشار إلى أن كثرة المسارات الجبلية خصوصاً في كل من إمارتي رأس الخيمة والفجيرة، ومجانية دخولها قد ساعد في زيادة إقبال كل من الشركات والأفراد على هذه الرياضة، حيث تحولت لمصدر دخل للكثيرين، منوهاً بدور المركز في تأسيس البنية التحتية للمسارات الجبلية بإمارة الفجيرة.

ولفت إلى أن المركز طور تطبيقاً ذكياً للمغامرات الجبلية، بهدف حماية محبي الهايكينغ من خطر الضياع، وفقدان التواصل مع الجهات الأمنية، حيث يمكن هواة الرحلات الجبلية من تحديد طرق واضحة المسار وخالية من المعوقات.

ونوه بأن هناك قوانين يخضع لها هواة الرحلات الجبلية تحاسب من يخالفها، لافتاً إلى أن التطبيق يظهر مدة الرحلة وإجراءات الأمن والسلامة الضرورية، ويحدد عدد الأشخاص واتجاههم، إضافة إلى تسجيل طلب يتضمن معلوماتهم الشخصية وموافقة على الشروط والأنظمة.

آثار نفسية عميقة



وحول الآثار النفسية التي تولدها هذه الرياضة داخل الإنسان، أوضحت مدربة التنمية البشرية واختصاصية البرمجة العصبية مودة الوزير، أن المشي والانتقال بين المسارات الجبلية والصخور يعزز الإدراك والتركيز الذهني الكامل بالطبيعة بعيداً عن أية مشاكل أو أمور قد تشغل العقل والنفس.

وتابعت: وفقاً لدراسات دولية عدة للهايكينغ العديد من الفوائد الصحية المفيدة للإنسان، حيث يمكن اعتبارها كوسيلة للحفاظ على النشاط البدني، وفقدان الوزن أيضاً، إلى جانب الحد من أمراض القلب وخفض ارتفاع ضغط الدم وإبطاء عملية الشيخوخة، كما يقدم فوائد للصحة النفسية عن طريق خفض مستويات التوتر والقلق.

وأضافت: تعزز رياضة الهايكينغ الشعور بالإنجاز، خاصةً عند الوصول إلى خط النهاية أو نهاية المسار المحدد، دون الشعور بمرور فترة زمنية طويلة قد تصل إلى 6 ساعات مثلاً.

إقبال نسائي



تحظى هذه الرياضة بإقبال ملحوظ من النساء والفتيات تحديداً، وأكدت مجموعة من الفتيات على أن هذه الرياضة تساعدهن في التخلص من الطاقة السلبية، وتعزز التواصل المباشر مع الطبيعة، الأمر الذي يمنحهن مشاعر إيجابية، إضافة إلى تكوين علاقات اجتماعية جديدة بالحياة.

وقالت حور موسى محمد: "بدأت علاقتي بالهايكينغ عندما سمعت بالصدفة عن إعلان رحله جبلية للنساء فقط، بقيادة المغامر هزاع فزاع مع منى الدبل برأس الخيمة، ولعل نشأتي وحبي للطبيعة والجبال، دفعني لخوض التجربة، في بدايات 2019. ومن وقتها بدأت في هذه الرياضة، وكانت أعداد الرحلات كثيرة تصل لرحلة أسبوعياً على مدى العام صيفاً وشتاء."

وأشارت إلى أن ممارستها لرياضة الهايكينغ بهدف ممارسة التأمل والاستجمام وتعزيز اللياقة والعلاقات الاجتماعية، لافتةً إلى أن كلفتها المادية حالها حال الرياضات الأخرى، والتي يمكن ممارستها وفقاً لحالة الشخص المادية، فالأسعار في متناول الجميع، حيث تتوافر خيارات متعددة.

وقالت: "بعض الأدوات المستخدمة في هذه الرياضة مثل الأحذية قد تكون مرتفعة الثمن، عند البعض، لكنها لا تختلف في أهميتها عن أحذية الجري، فهي بالفعل مخصصة لهذه الرياضة وتتناسب مع الطبيعة الجبلية لدولة الإمارات والأودية التي قد تمتلئ بمياه الأمطار أو الطحالب، فشخصياً أشتري الأدوات المخصصة للهايك مرتين في السنة، حيث أفضل المنتجات ذات الجودة العالية كي تستمر أطول فترة ممكنة."

خلوة النفس



اتجهت تسنيم نبيل، (29 عاماً)، لممارسة الهايكينغ السنة الماضية، بهدف الاستمتاع بلحظات الخلوة بالنفس وقت الفجر، حيث خصصت لها مكاناً بين الجبال لزيارته كل مرة تشعر بها بحاجة لتصفية ذهنها.

في حين اتجهت لاحقاً إلى الرحلات الجماعية التي مكنتها من بناء علاقات اجتماعية قوية، وتواصل فعال مع الطبيعة، لافتةً إلى أن الهايكينغ يعتبر بمثابة باقة متكاملة تشمل الصحة الجسدية والنفسية والحياة الاجتماعية.

وترى تسنيم أنه الهايكينغ رياضة غير مكلفة بسبب توافر المسارات الآمنة التي لا يتعرض فيها الإنسان للضرر أو الأذى أو الضياع، لافتةً إلى أنها اعتادت الذهاب برحلة هايك مرة كل أسبوع خاصةً في الشتاء، إلا أنها باتت تذهب برحلة واحدة على الأقل مرة كل شهر بسبب انشغالها.

ذاكرة الآباء



وترتبط البيئة الجبلية في ذاكرة البعض مع ذاكرة الطفولة، حيث أوضح الشاب محمد جمعة، (23 عاماً)، أنه بدأ الهايكينغ بسن مبكرة جداً أقل من 10 سنوات برفقة والده الذي يمتلك مزرعة في إحدى المناطق الجبلية في الفجيرة.

وتابع: عندما وصلت لعمر 15 بدأت بممارسة الرياضة بمفردي مستعيناً بحفظ المسارات التي خطوتها مع والدي، إلا أنني اتجهت نحو استخدام برامج GPS وكذلك تطبيق مركز المغامرات في الفجيرة الذكي عندما أصبحت بسن 18 عاماً، وبدأت باستكشاف مسارات جديدة، إلى أن احترفت رياضة مماثلة لهذه الرياضة، وهي جري المسارات الجبلية والتي عرّفتني على العديد من المسارات الموجودة في الدولة، عن طريق المشاركة في تدريبات جماعية أو بطولات.

وأوضح جمعة، الذي يحرص على ممارسة رياضة الهايكينغ بشكل شبه يومي في الشتاء، ومرة أسبوعياً في الصيف، خاصةً أنه من سكان إمارة الفجيرة، أنه يسعى نحو تغذية حب الاستكشاف والمغامرة لديه، بالإضافة إلى التأمل في الطبيعة وما خلقه الله سبحانه من نبات وحيوان والخروج من صخب المدينة والهموم اليومية.

وأضاف: بمجرد رؤية حجم الجبال الضخمة ستدرك أن الهموم في رأسك مجرد أشياء صغيرة.

ونوه بسعيه لبناء فريق مختص في مجال الهايكينغ يوفر تجربة آمنة ورائعة لمحبي رياضة الهايكينغ لكل المستويات.

وحول الكلفة المالية للرياضة، قال: "الهايكينغ رياضة غير مكلفة، فكل ما تحتاج إليه هو حذاء مخصص وملابس رياضية وحقيبة مزودة بالماء والوجبات الخفيفة، أما الأمور التي قد تكون مكلفة، كأجهزة الـGPS وتتبع المواقع فقد تبقى معك فترة طويلة دون استبدالها."

من المشاركة للتنظيم



أوضح سيف الملاحي، (39 سنة)، الذي بدأ ممارسة الهايكينغ عام 2020، مع فريق أي تي سي وفريق مركز الفجيرة للمغامرات، حيث لم تكن لديه أي فكرة عن عالم الهايكينغ، بعدما دفعته مقاطع الفيديو والصور المتداولة لخوض التجربة، إلى أن أصبح يمارس هذه الرياضة بانتظام بمعدل رحلة كل أسبوع بالصيف وبالشتاء لمدة سنة، واستمر حتى أصبح أحد أعضاء فريق أي تي سي، وحالياً يشرف ويساعد الفريق في تنظيم الرحلات.

وقال: "الانتقال من المشاركة إلى التنظيم مع الفريق، تجربة ممتعة ومختلفة تماماً، إلا أنها تحمل بعض الصعوبات التي تكاد لا تذكر كصعود بعض المسارات المتعبة، وتحمل مسؤولية أمن وسلامة المشاركين من الحشرات أو النباتات السامة، فنحرص على تنبيه المشاركين للحفاظ على أمنهم وسلامتهم."

ولفت إلى أنه اعتاد دفع مبلغ يراوح بين 50 و180 درهماً للرحلة الواحدة والتي قد تشمل المبيت أحياناً، وبعض المرطبات والوجبات الخفيفة، معتبراً هذا المبلغ بسيطاً بالنظر إلى الفوائد التي كان وما زال يجنيها من ممارسة هذه الرياضة كتأمل الأماكن وطبيعة تضاريس الجبال وتغيير الجو والابتعاد عن صخب المدينة واللياقة، واستذكار حياة الإنسان في القدم وعبوره للجبال للتنقل من مدينة لأخرى.