الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

محطة براكة النووية آمنة تماماً.. ومفاعلاتها "ضد الفشل" ومجهزة ضد الطوارئ

منذ حادثة تشيرنوبل، يسعى العالم لتطوير مفاعلات نووية ذات قدرات عالية مع قدرة كبيرة على احتواء الأضرار حال حدوث أعطال أو حوادث؛ لحماية المجتمعات المجاورة للمنشآت النووية والحفاظ على البيئة من التآثيرات الضارة للإشعاع المؤين. وتتخذ جميع الدول مجموعة من التدابير الخاصة برفع مستويات الآمان النووي، إذ يعتبر منع وقوع الحادثة من الأساس هو الهدف الأهم والرئيسي لجميع العاملين في مجال الطاقة النووية.

في الغالب؛ تتمتع المحطات النووية بحواجز أمان متعددة لمنع تسرب الإشعاعات، وضمان التشغيل والإيقاف الآمن للمفاعل في حالات الطوارئ، مع وجود حواجز هندسية لاحتواء التسربات الإشعاعية، وفرق مُدربة لتقييم تأثيرات التسريب النووي، ووضع سيناريوهات محتملة أو افتراضية للكوارث، وخطط للتعامل معها.---



في هذا الملف؛ تستطلع الرؤية رأي مجموعة من الخبراء الدوليين المحايدين حول مدى أمان مفاعلات الجيل الثالث المتطورة، التى تنتمي لها محطة براكة النووية، وتستعرض العديد من الدراسات الهامة الخاصة بهذا الشأن، وتشرح لجمهورها بالتفاصيل الكيفية التى تعمل بها تلك المفاعلات، ووسائل الأمان فيها، ومدى قدرتها على احتواء الكوارث.

"براكة" تتحمل موجات التوسونامي العاتية وموجات المد المصاحبة لها تحتاج 12 ساعة كاملة لتصل إلى المفاعلات.

المحطة تستطيع احتمال زلزال بقوة 8.5 ريختر والتصميم مجهز لتحمل أكثر من 200% من تأثير أقوى زلزال يمكن أن يحدث مستقبلاً.

جدار IRWST من الخرسانة يمتد على طول جدار الاحتواء بحجم 2470 متر مكعب لمنع حدوث أي تسريب للمياه أو المواد المشعة للبيئة المحيطة.

نظام SCS قادر على وقف المفاعل تماماً إذا فشلت جدران الحماية الثلاثة الأولى في استيعاب تأثير أي ظرف طارئ أثناء التشغيل.

أعلى هيئة للسلامة النووية بالولايات المتحدة تعطي "طراز براكة" تصديقاً بالسلامة مكون من 514 صفحة وتشيد بالتصميم والأمان.



مفاعلات المستقبل

تنتمي المفاعلات النووية المدمجة في محطة "براكة" إلى فئة تُسمى APR- 1400 + وهي فئة من المفاعلات التى تقدم قدرة هائلة على توليد الطاقة باستخدام تقنية متقدمة تُعرف بأسم المياه الخفيفة المضغوطة. تم تطوير تلك الفئة من المفاعلات لأول مرة في كوريا الجنوبية عام 1992، وبعد 20 عاماً، خرج ذلك التصميم إلى النور بعد أن حصل على موافقة من الهيئة الكورية لتنظيم الطاقة النووية في مايو من عام 2002، ويستند التصميم على الخبرة التى اكتسبها العلماء الكوريون من تصميم الجيل الأول للمفاعلات القياسية العاملة بالماء المضغوط المعروفة بأسم APR1000. وتقول الدراسات العلمية إن تلك المفاعلات تستخدم تكنولوجيات مُجربة، وتضم عدًا من ميزات التصميم المتقدمة لتلبية احتياجات الطاقة، مع قيمة اقتصادية معقولة، ومعالجة شديدة الصرامة لقضايا السلامة.

وحاليًا، يوجد مفاعلين من ذات الطراز يعملان في محطة كورية لتوليد الطاقة الكهربائية، كما يجري العمل على إنشاء مفاعلين آخرين في نفس المحطة، علاوة على 4 مفاعلات أخرى في محطة "براكة" النووية.



7 جدران للحماية القصوى

وبحسب الدراسة العلمية التى أعدها "هام كون جيم" الباحث في هيئة السلامة النووية الكورية، فإن مفاعلات APR1400 تتمتع بزيادة مستويات السلامة بشكل كبير. ويشرح الباحث في ورقته العلمية مجموعة من العوامل التى أضفت حماية محسنة عززت من اجراءات السلامة في المفاعلات، مشيرًا إلى أنه تم تصميم ذلك المفاعل "بهامش أمان إضافي من أجل تحسين السلامة وحماية الصحة العامة والبيئة المحيطة".

من أجل ذلك الأمر، عمد المصممون لعمل مقاربات كمية لتحقيق أهداف الحماية القصوي، حققت تلك الاجراءات توازنًا بين الوقاية من الحوادث، والتخفيف من حدتها، عبر زيادة هامش الأمان في التصميم وتبسيط النظام.

ويعرض "جيم" في دراسته مجموعة من أنظمة السلامة التى يتمتع بها ذلك النوع من المفاعلات، مثل أنظمة السلامة النشطة، ونظام الحقن الآمن، ونظم خفض الضغط، ونظم تخزين المياه، ونظم تغية المياه، وأنظمة الاحتواء.

وتقول الدراسة أن مفاعلات APR1400 بها نظامين للسلامة، الأول نظاماً نشطًا يعمل في حالة الطوارئ Active system أما الأخر فنظام يتوقع حدوث المشاكل Passive system ويعمل على منع وقوعها من الأساس.

يتمتع المفاعل بنظام حقن فريد لسائل التبريد تحت الضغوط العالية، يضمن ذلك النظام استمرار ضخ السائل في وعاء المفاعل حال انخفاض مستواه في وعاء المفاعلات، في APR1400 يتكون نظام حقن السلامة من أربعة أجهزة ميكانيكية مستقلة؛ مجهزة بخزان حقن سلبي واحد، يوفر كل جهاز 50 % من الحد الأدني لمعدل تدفق سوائل التبريد، عبر تصميم متطور، يناسب العمل في الضغوط العالية، بشكل كافي تمام لتبريد قلب المفاعل حال حدوث خطر يتعلق بزيادة درجات الحرارة داخله.

ويقول أستاذ الهندسة النووية والسلامة بجامعة ولاية بنسلفانيا "فان بيل شونج" في تصريحات خاصة لـ"الرؤية" إن ذلك النظام "فعال ويُعد كم أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا" وقادر على "التحكم في مستويات سائل التبريد" عبر استخدام مؤثرات تحفيزية سلبية تُعزز قدرة احتواء الحوادث، ما يجعل المفاعل "يتعامل بشكل آلي تماماً في حالات الطوارئ الناجمة عن زيادة الضغوط أو الارتفاعات القياسية في درجات الحرارة".

وبحسب دراسة علمية فإن التصميم الوقائي المعتمد على أنظمة حقن سؤال التبريد في المفاعلات من طراز APR1400 تدعم ظروف التشغيل الطارئة، وتُقلل من احتمالية وقوع الحوادث، كما تُعزز من الاستجابة الديناميكية للمفاعلات، وتوفر بيئة عالية الآمان مع كفاءة اقتصادية في توليد الطاقة الكهربائية.



أما جدار الحماية الثاني فيتكون من جهاز يُعرف بأسم "فلوديك" مخصص لتحسين سلامة محطات الطاقة النووية بموثقية عالية مع توفير هامش زمني كاف لتمكين المشغلين من التعامل مع الحوادث.

يتم تثبيت الجهاز في الجزئ السفلي الداخلي من خزان حقن السلامة، للتحكم في معدل تدفق مياه التبريد في حالة الطوارئ، يقوم ذلك الجهاز بمساعدة المياه على التدفق حال حدوث طوارئ، عبر خفض معدلات الدوامية التى تعيق دخول المياه.

وتقول دراسة علمية إن المفاعلات التى تدمج في أنظمتها جهاز "فلويد" تتمتع بمستوى أمان أكبر، بسبب قدرتها على إحداث تدفق كبير حال انخفاض مستوى سائل التبريد، أو ارتفاع ضغوط التشغيل.

أمال في حالة وقوع الحادثة؛ يأتى دور جدار الحماية الثالث، المعروف بأسم IRWST وهو عبارة عن خزان اسطواني حلقي على طول جدار الاحتواء، له أربع فتحات، يتميز ذلك الخزان بموقعه الفريد، فعوضًا عن وجوده خارج منطقة الاحتواء –كما في المفاعلات السابقة- يتواجد بالداخل، وهو الأمر الذى يمنع حدوث تسريب للمياه المحملة بالعناصر المشعة.

يُستخدم ذلك الخزان أيضًا كحوض حرارة لتكثيف البخار الذى يتم تفريغه من صمامات الطوارئ المدمجة في المفاعل، كما يستطيع في الآن ذاته إحتواء النواة المنصهرة حال وقوع الحادثة، إذ يبلغ حجمه 2470 متر مكعب، وهو ما يضمن عدم تسريب أى مواد مُشعة للبيئة المحيطة.

في حالة فشل جدران الحماية الثلاثة الأولى يأتى الدور على جدار الحماية الرابع، وهو نظام يسمى SCS يعمل على إيقاف المفاعل تماماً في حالات الطوارئ، وحسب دراسة علمية نشرت نتائجها في دورية تقنيات الهندسة النووية، يعمل ذلك النظام بكفاءة حين يقع حادث يُفقد فيه سائل التبريد من المفاعل.

يقوم ذلك الجهاز باستشعار حالات التلف، كالكسور والشروخ في الأنابيب التى تقوم بعملية توصيل البخار اللازم لتشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء، يقوم ذلك الجهاز على الفور بوقف التفاعل النووي، وإغلاق المفاعل، كما يرسل إشارة لضخ مزيد من سوائل التبريد لتهدئة قلب المفاعل.

نظام تأمين فائق القدرات

ويقول الأستاذ المساعد بكلية الهندسة النووية بولاية تكساس الأمريكية "بافيل تسفيتكوف" إن ذلك النظام "قوى بدرجة كافية ليمنع حدوث انصهار نواة التفاعل بشكل كامل ذو موثوقية عالية" إلا أنه يشير إلى كونه "باهظ الثمن" بسبب "قدرته الفائقة على حماية الاستثمار" فبدونه "ربما تنهار منظومة توليد الكهرباء كلها".

ويعد نظام نظام تغذية المياه المساعدة الجدار الخامس المخصص لزيادة السلامة في مفاعلات الجيل الثالث، صمم ذلك النظام خصيصًا لإزالة الحرارة في حالة وقوع حادثة تتعلق بأنظمة تغذية المياة الرئيسية، يعمل ذلك النظام على إعادة ملء خزان المياه حال حدوث تسرب أو تمزق لأنابيب البخار. وهو نظام مستقل تماما مكون من مضختين يعملان بطاقة التوربينات، يوفر ذلك النظام مصدرًا أخر للتغذية المرتبطة بالسلامة.

كما يوفر نظام إزالة الضغط والتهوية –وهو جدار السادس- حماية إضافية، يتكون ذلك النظام من سلسلة من الصمامات قادرة على احتواء الضغوط المرتفعة وتقليلها، والسماح بإزالة الحرارة العالية، وتهدئة التفاعل، فيما يوفر جدار الحماية السابع، الذى يُسمي CSS، قدرة على احتواء الضغوط أيضًا، ما يسمح بالإغلاق الكامل للمفاعل حال وقوع حادثة كبيرة.

أما في حالة حدوث الزلازل والكوارث الطبيعية، فقد صممت منشأة "براكة" بطريقة هندسية فريدة، مع وجود مبني هيكلي خرساني ذو بطانة فولاذية، قادرة على تحمل التسارع الجانبي وحركات الأرض التكتونية الناجمة عن حدوث زلزال فائق القوة، دون تأثر المنشأة، أو انهيار المبني.

قامت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بعمل سيناريوهات افتراضية لوقوع موجات مد عاتية "توسونامي" أو زلازل بقوة 8.5 ريختر، ووجدت المؤسسة أن منشأة "براكة" يُمكنها تحمل موجات المد والزلازل.

وتقول المؤسسة في تقريرها إن تلك الموجات تحتاج إلى 12 ساعة حتى تصل إلى موقع المحطة، مشيرة إلى أن المحطة على ارتفاع 7.5 متر حتى يُمكنها الوقوف أمام حدث من ذلك النوع.

أما عن سيناريو الزلازل، فقد صُممت المنشأة لتحمل 0.3 جرام من عامل قوة التسارع الأرضي، يصل مقدار ذلك التسارع إلى 0.14 جرام حال وقوع زلزال قيمته 8.5 ريختر، بما يعنى أن المنشأة تستطيع تحمل أكثر من ضعفي أثر أقوى زلزال يُمكن أن يحدث في المستقبل.



مفاعلات ضد الفشل

ورغم عوامل الآمان المتعددة الموجودة في المفاعلات النووية من طراز APR1400 إلا أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية طلبت من شركة "كيبكو" الكورية المُصنعة إدخال مجموعة من التعديلات على أنظمة الأمان، تشمل تلك التعديلات تعزيز أنظمة التهوية، ومقاومة ارتفاع جفاف الهواء، ومقاومة الغبار والرمال، وتصميم أنظمة تبريد تتوافق مع معايير هيئة البيئة حتى لا تتغير درجة حرارة الخليج، واستخدام مبادلات حرارية أكبر حجمًا؛ ومضخات أكبر قطرًا، لزيادة معدلات تدفق المياه لتعزيز عمليات التبريد، ورفع مستوى الآمان.

وبحسب ما يقول "فيتوريو لوكا" من الهيئة الوطنية للطاقة الذرية بالأرجنتين، فإن التنوع في أجهزة الأمان المرفقة بمحطات الجيل الثالث يجعل نسبة وقوع الكوارث "ضئيلة للغاية" كما تعزز المحطة "ضد الفشل" عبر التحكم الكامل في أنظمتها باستخدام برمجيات متقدمة، وكوادر بشرية مؤهلة للتصدي لكل أنواع الكوارث.

تصريح أمريكي: الطراز آمن تماماً

في سبتمبر الماضي، أعطت لجنة السلامة النووية الأمريكية NRC المفاعلات من طراز APR1400 تصديقًا يقول إنها تفى بمتطلبات السلامة، يعنى ذلك التصديق أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تُمانع إنشاء ذلك النوع من المفاعلات على أراضيها.

ويقول التصديق الواقع في أكثر من 500 صفحة تشرح فيهم اللجنة أسبابها –حصلت الرؤية على نسخة منه- إن المفاعل من ذلك الطراز يتمتع بميزات تصميم متقدمة لتعزيز السلامة والكفاءة الاقتصادية، كما أنه سهل التشغيل والصيانة.

ويُعد ذلك التصديق الصادر عن أعلى هيئة للسلامة والأمان النووي في العالم بمثابة شهادة تثبت أمان التقنية، وفعاليتها، وجدواها من الناحية الاقتصادية.



قالوا عن المفاعل الإماراتي:

لجنة السلامة الوطنية الأمريكية: المفاعل الإماراتي يتمتع بميزات تصميم متعددة تعزز السلامة والكفاءة الاقتصادية في الوقت نفسه.

د. بافيل تسفيتكوف أستاذ الهندسة النووية بجامعة تكساس: نظام الحماية قوي للغاية وقدرته فائقة على الحماية ضد أخطار الانصهار.

د. فيتوريو لوكا من هيئة الطاقة الذرية بالأرجنتين: تنوع أجهزة الأمان المرفقة بمحطات الجيل الثالث تجعل منها "محطات ضد الفشل".

د. هام كون جيم من هيئة السلامة النووية الكورية: المفاعلات من طراز ARP 1400 تتمتع بهامش أمان إضافي وأنظمة سلامة نشطة فعالة للغاية.

د.فان بيل شونج أستاذ الهندسة النووية بجامعة بنسلفانيا: النظام فعال ويستخدم أحدث ما توصل إليه البشر من تكنولوجيا.

رحلة علمية إلى قلب «مفاعلات براكة ..هكذا تعمل الماكينات العملاقة»

تتولد الكهرباء داخل منشأة براكة باستخدام أساليب تكنولوجية وتقنية عالية، تعتمد في الأساس على قوانين علمية منها قانون انتقال الحرارة وقوانين الديناميكا الحرارية وقوانين تشغيل التوربينات.

والمفاعل من طراز مفاعلات الماء المضغوط، وفيها، يمنع الضغط العالي المياه من الغليان، يحكم تلك العلاقة قانون الغازات الشهير، والذي يقول إن الضغط مضروباً في الحجم يتناسب مع الكتلة ودرجات الحرارة، فكلما زاد الضغط على حجم المياه قلّت قابليتها للتبخر حتى مع درجات الحرارة العالية.

في ذلك المفاعل، هناك دورتان منفصلتان تماماً للمياه، الأولى تلامس مباشرة وحدات الوقود النووي، تحت الضغط العالي، تنتقل الحرارة المنبعثة من عملية الانشطار النووي من داخل وحدات الوقود إلى مياه التبريد. تقوم تلك المياه بوظيفتين، الأولى هي تبريد قلب المفاعل للتحكم في درجة حرارة التفاعل. أما الثانية، فهي نقل الحرارة إلى الدورة الثانية من المياه.

يحدث التفاعل داخل المفاعل عندما يتم ضرب قضبان وجود اليورانيوم بمجموعة من النيوترونات، حين يصطدم النيوترون ـ أحد مكونات الذرة ـ باليورانيوم، تبدأ سلسلة من الأحداث الانشطارية التي ينجم عنها المزيد من النيوترونات، تقوم تلك النيوترونات بالاصطدام بالمزيد والمزيد من ذرات اليورانيوم، التي تأخذ في الانشطار مولدة كمية هائلة من الحرارة.

من المعروف أن الحرارة تنتقل عبر ثلاثة طرق، أما التلامس Conduction وفيه تنتقل الحرارة من جسم إلى جسم ملامس له، وأما الحمل Convection وفيها تنتقل الحرارة من جسم ساكن إلى جسم متحرك، وأما الإشعاع Radiation وفيها تنتقل الحرارة عبر وسط غازي أو عبر الفراغ عن طريق الإشعاع.

في مفاعل «براكة»، تنتقل الحرارة في الدورة الأولى عن طريق الحمل، فالمياه التى تسري ملامسة للوقود النووي تحمل الحرارة الناجمة عن التفاعل الانشطاري وتنقلها إلى الدورة الثانية.

تتكون الدورة الثانية من مياه داخل أنابيب المبادل الحراري، مُحاطة ـ لكنها معزولة تماماً ـ بمياه الدورة الأولى الساخنة، والتي تقوم بتسخين مياه الدورة الثانية لتحويلها إلى بخار عالي التحميص Super-heated Vapor. ينتقل ذلك البخار عبر مسار طويل وصولاً إلى التوربينات.

تُعد التوربينات في المحطة ـ أي محطة ـ وسيلة توليد الكهرباء، تقوم تلك التوربينات بتحويل طاقة البخار إلى كهرباء، إذ يمر البخار عالي التحميص على «ريش» التوربينة، تبدأ تلك الريشة بالدوران، إذ تمتص الطاقة الموجودة في البخار الذي يفقد معظم طاقته داخل التوربينة، وحين تقوم التوربينة بالدوران، تبدأ في توليد الطاقة الكهربائية، والتي يتم نقلها مباشرة إلى الخارج وإيصالها بأمان كامل إلى المستهلكين عبر خطوط الضغط العالي المخصصة لنقل الكهرباء.

حقائق وخرافات حول محطات الطاقة النووية

تنتشر الشائعات والأفكار المغلوطة حول المحطات النووية، وآثرها في الصحة العامة، أو كفاءتها في توليد الطاقة الكهربائية، ويعرض ذلك التقرير، استناداً إلى المعلومات المستقاة من الموقع الرسمي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، بعض الحقائق الخاصة بعملية توليد الطاقة ومدى أمان الطاقة النووية.

هناك اعتقاد شائع أن منشآت الطاقة النووية غير آمنة، إلا أن ذلك الاعتقاد خاطئ تماماً، فقد أثبتت سجلات الأداء في أكثر من 30 دولة أن الطاقة النووية آمنة. إضافة إلى ذلك، تتولى الجمعية العالمية لمشغلي الطاقة النووية مسؤولية تتبّع بيانات أداء المحطات مثل أداء نظام السلامة وموثوقية الوقود معدلات الحوادث الصناعية. وعلى الصعيد المحلي، ستؤدي الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في الإمارات دوراً أساسياً في ضمان أمان محطة الطاقة النووية وموثوقيتها وسلامتها.

لكن ماذا عن الإشعاع المنبعث من محطات الطاقة النووية؟ يقول الموقع الرسمي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية إن هناك مصادر طبيعية وصناعية للإشعاع نعيش معها كل يوم وعلى نحو آمن. ومن أمثلة الإشعاع الطبيعي: الإشعاع الكوني القادم من الشمس. وتتضمن أمثلة الإشعاع الصناعي أشعة إكس الطبية وأجهزة الميكروويف في المطبخ، وتعتبر كميات الإشعاع الصادرة عن محطات الطاقة النووية ضئيلة جداً، بل تكاد تنعدم للخارج. وإذا وقفت على حدود موقع لمحطة نووية مدة عام كامل، فإن كمية الإشعاع التي قد تتلقاها ستكون أقل من ربع كمية الإشعاع حال الفحص بتقنية أكس راي.

وحين تكون محطات الطاقة النووية لا تنتج أي انبعاثات كربونية، في حين أن أكثر من ثلث الغازات الدفيئة تنتج عن حرق أنواع الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء. ولأن منشآت الطاقة النووية لا تحرق الوقود الحفري، فإنها لا تطلق هذه الغازات. وبالتالي، إن استخدام الطاقة النووية في دولة الإمارات سوف يساعدنا على تحقيق أهداف تغير المناخ، خصوصاً أن الطاقة النووية يمكنها أن تحُد من انبعاثات الكربون سنوياً بواقع 12 مليون طن، تقريباً.

أما بالنسبة للشائعة التي تقول إن المفاعلات النووية يُمكن أن تنفجر مثل القنابل النووية، فذلك أمر يستحيل حدوثه، لأن مستوى تخصيب اليورانيوم فيها منخفض للغاية. وقد صُممت محطات الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء على نحو آمن وموثوق.

وبخصوص موثوقية وقدرة المحطات النووية على إنتاج الكهرباء، تنتج تلك المحطات نحو 11 في المئة من إجمالي الكهرباء في العالم، وتعتمد 13 دولة على الطاقة النووية لإنتاج 25 في المئة على الأقل من إجمالي الكهرباء لديها.