السبت - 11 مايو 2024
السبت - 11 مايو 2024

الوطني الاتحادي يبحث قانون الأحوال الشخصية مع مستشارين ومحامين ومطلقين ومطلقات

الوطني الاتحادي يبحث قانون الأحوال الشخصية مع مستشارين ومحامين ومطلقين ومطلقات
عقد المجلس الوطني الاتحادي جلسات نقاشية مطولة حول قانون الأحوال الشخصية مع مستشارين ومحامين ومطلقين ومطلقات، بقصد تسليط الضوء على مواضع الخلل في القانون وتأثيراتها على الأسر الإماراتية بعد مضيّ نحو عشرة أعوام على إصداره.

وتوقعت لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والسكان والموارد البشرية سرعة بتّ وزارة العدل في آليات تعديل القانون، إثر نقل أعضاء بالمجلس شكاوى ميدانية من بنوده تقدم بها أطراف متضررون.

وأكد رئيس اللجنة حمد أحمد الرحومي، عدم تبني وجهة نظر مسبقة، مطالباً بمراجعة كاملة ووافية للقانون ترضي الأطراف كافة بما يسمح باستقرار الأسر ويتيح بناء أسر جديدة في المجتمع.


من جهتهم، رأى قانونيون التقتهم «الرؤية» أن بعض مواد القانون المذكور تصب في صالح المرأة من دون مراعاة للرجل، لا سيما المتعلقة بالطلاق والنفقة وتحديد رؤية الأبناء، مشيرين إلى استغلال نساء الجانب التقديري بتحديد النفقة لتصفية حسابات وخلافات مع أزواجهن السابقين عبر المبالغة بالطلبات تحت ذريعة متطلبات الأبناء.


ودعوا إلى تحديد السقف الأعلى والأدنى للنفقة من أجل إرساء مبدأ العدالة والتساوي بين أفراد المجتمع، بحيث يتوافر عنصر تقدير القاضي وكذلك دراسة مستوى المعيشة، فيما رأت محامية أن القانون منصف لا إجحاف فيه، مشيرة إلى تحسس بعض الرجال من تسديد أموال إلى طليقات تجمعهم بهن علاقات سيئة أحياناً.

في السياق ذاته، توافقت آراء رجال منفصلين عن زوجاتهم، حول التكاليف الباهظة التي يتحملونها كنفقات للزوجة والأبناء بعد الطلاق، والتي تخالف في كثير من الأحيان المنطق، ولا تترك لهم من رواتبهم سوى فتات لا يكفي لمعيشتهم، لا سيما أن النفقة تقديرية حالياً بلا حد أعلى من الدخل، فضلاً عن تشفّي طليقات أحياناً بآباء أبنائهن عبر طلبات مبالغ بها لرعاية الأولاد.

وأكدوا أن النفقة التقديرية بلا حد أعلى من الدخل غير منطقية.

رجحت لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والسكان والموارد البشرية في المجلس الوطني الاتحادي أن تبت وزارة العدل في آليات تعديل قانون الأحوال الشخصية قريباً، لا سيما مع بروز سلبيات لتطبيق القانون على أرض الواقع، ووجود شكاوى ميدانية من أطراف متضررين.

قال رئيس اللجنة حمد أحمد الرحومي، إن وزارة العدل، على لسان وزيرها سلطان بن سعيد البادي الظاهري، وعدت منذ نحو ستة أشهر داخل أروقة المجلس بالنظر في القانون بعدما نقل برلمانيون شكاوى ميدانية من بنوده، متطرقين إلى ضرورة سد الثغرات الحالية في القانون الذي مر على سنّه نحو عشرة أعوام.

وأوضح أن مواطنين شكوا من بنود سلبية بالقانون لا تحافظ على استقرار الأسر، كما لا تساعد على بناء عائلات مستقرة جديدة بعد حالات الانفصال بين الزوجين، لا سيما مع وقوع طلاق الضرر بمجرد طلب الزوجة للانفصال، فضلاً عن حسم مبالغ مرتفعة من راتب الزوج لنفقة الزوجة والأولاد ما يعيق تأسيسه أسرة جديدة بعدما انتهت علاقته الزوجية السابقة.

تهرب من النفقاتوأضاف أن بعض بنود القانون أفرزت مخرجات سلبية في المجتمع من حيث حالات الطلاق واستقرار الأسر وكيفية الإنفاق على الزوجة وتهرب بعض الأزواج من النفقات، ما يتطلب تحديثات جديدة تتناسب مع الواقع الذي نعيشه الآن.

وأشار الرحومي، إلى إجراء محادثات مع وزارة تنمية المجتمع حول الموضوع ذاته، حيث طلب المجلس دراسة إفرازات القانون وفق الحالات الميدانية والأرقام التي تمتلكها الوزارة، وهو ما وعدت بتنفيذه.

ولفت إلى أن الكرة أضحت حالياً في ملعب وزارة العدل، ومن بعدها وزارة تنمية المجتمع لإجراء تعديلات على القانون، متوقعاً استعجال وزارة العدل في إجراء التعديلات بالمشاركة مع المجلس الوطني الذي عقد جلسات نقاشية كثيرة في هذا المجال مع أطراف حيوية من مستشارين ومحامين ومطلقين ومطلقات، ما جعل مواضع الخلل في القانون وتأثيراتها على الأسر الإماراتية معلومة إلى حد كبير.

وأفاد بأن جميع الخبراء القانونيين الذين استعان بهم المجلس أشاروا إلى حاجة القانون لإجراء تعديلات بهدف تجاوز إشكالياته.

وجزم بضرورة طمأنة الجمهور بأن التعديلات ستدرس خلال فترة محددة، موضحاً أن المجلس لم يطلب تعديل بنود في القانون بعينها، بل طرح البنود كافة للتعديل بما يتوافق مع الواقع المعاش والمستجدات.

ولفت رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والسكان والموارد البشرية إلى ضرورة أن تتناسب التعديلات مع انعكاسات القانون سواء من خلال قضايا الطلاق والكلفة الاجتماعية والاقتصادية التي تقع على عاتق المطلقين، وإنفاق الزوج على أسرته بعد الطلاق، وغيرها من الإشكاليات.

وشدد على عدم تبني اللجنة وجهة نظر مسبقة، مبيناً أنها تدعو إلى مراجعة ترضي الأطراف كافة بما يسمح باستقرار الأسر ويتيح بناء أسر جديدة، والمحافظة على الأسر الكائنة.

وحسب الآلية التشريعية، سترصد وزارة العدل التعديلات المقترحة من المختصين والميدان، وتعقد نقاشات مجتمعية حولها، ثم تقدم اقتراحات بتعديلها إلى المجلس الوطني الاتحادي الذي يقر تلك الاقتراحات أو يعدلها، قبل أن يرسلها إلى الحكومة مرة ثانية للاعتماد.

وحسب آخر إحصاءات مركز الإحصاء في أبوظبي، فإن 28.5 في المئة من إجمالي حالات الطلاق التي وقعت في الإمارة عام 2017 لم تكمل عاماً واحداً من الزواج، فيما لم يكمل 52.2 في المئة من إجمالي حالات الطلاق ثلاثة أعوام.

كما بلغ عدد حالات الطلاق بين مواطنين ومواطنات 870 من إجمالي 1228 حالة، بنسبة 70.9 في المئة، بينما بلغ عدد حالات الطلاق بين مواطن وغير مواطنة 358 حالة بنسبة 29.1 في المئة من حالات الطلاق التي يشكل المواطنون أحد طرفيها.

تصفية حسابات

وطالب المحامي راشد الشامسي بإعادة دراسة بعض المواد في قانون الأحوال الشخصية لا سيما المتعلقة بالطلاق والنفقة وحقوق الأزواج كونها تصب في صالح المرأة من دون مراعاة للرجل من حيث التزاماته المالية عند تحديد قيمة النفقة، وكذلك لظروفه عند تحديد رؤية الأبناء بعد الطلاق.

وقال إن نفقة الأبناء في الطلاق ليس لها مقدار محدد، حيث تحديدها تقديري بحسب مستوى المعيشة التي اعتاد الأولاد عليها، ما يتيح للمطلقات الانتقام من الطليق وتصفية حسابات الخلافات الشخصية بينهما عبر المبالغة بقائمة المتطلبات والالتزامات التي يصفنها بالضرورية للأبناء، كتخصيص أكثر من خادمة في البيت، وسائق على الرغم من أن الأم تحمل رخصة قيادة مركبة مثلاً.

وأشار إلى أن أحكام النفقات لا تراعي دخل الأب، إذ تحدد أحياناً قيمة النفقة بقيمة تفوق الدخل الشهري رغم تقديمه شهادتي راتب من عمله ومديونية من البنك تحدد قيمة إجمالي راتبه وما يتبقى منه بعد الاقتطاعات البنكية.

ودلل على كلامه بقضية نفقة في حالة طلاق شهدتها محاكم الدولة تم فيها إلزام الزوج وهو رجل أعمال بدفع 100 ألف درهم شهرياً لزوجته وأبنائه قياساً بمستوى المعيشة الذي كان يوفره لهم قبل الطلاق.

حدان أعلى وأدنى

ودعا المحامي والباحث القانوني خالد المازمي إلى تحديد قانون الاحوال الشخصية للسقفين الأعلى والأدنى للنفقة من أجل إرساء مبدأ العدالة والتساوي بين أفراد المجتمع، بحيث يتوافر عنصر تقدير القاضي وكذلك دراسة مستوى المعيشة.

وحث على تطوير كادر لجان المحكمين في المحاكم المختصة بحالات الطلاق بحيث تكون القرارات أو الأحكام الصادرة إجرائية بدلاً من كونها تقديرية.

ولفت إلى أهمية تخصيص محكمة الأحوال الشخصية، قبل تحديد النفقة، خبيراً مالياً يعد دراسة شاملة لجوانب المعيشة على أرض الواقع بعيداً عن التقدير أو القياس على حالات سابقة التي يتم الحكم فيها بالنفقة.

سوء تطبيق المادة 118

وأكد المحامي والمستشار القانوني حميد غلام درويش، الحاجة إلى النظر في بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، مبيناً في الوقت ذاته أن الخلل ليس في قانون الأحوال الشخصية، بل في استسهال موضوع الطلاق، حيث باتت سيدات يطلبن الطلاق بيسر وسهولة ولأسباب غير منطقية.

وأرجع زيادة حالات الطلاق إلى سوء تطبيق المادة 118 من قانون الأحوال الشخصية التي تنص على أن تحال القضية للحكمين حتى في الخلاف البسيط، وأمام الحكمين حلّان إما الإصلاح أو التفريق وهنا صار الطلاق وجوبياً إن تشبثت المرأة برأيها، في حين أنه سابقاً بحسب المذهب المالكي لو رفعت الدعوى ولم يتم إثبات ضرر جسيم فلا يقع الطلاق.

كما أكد أن رؤية الطفل أحد حقوق الأبناء وليس الأبوين أي من حق الطفل مشاهدة والديه وقضاء وقت معهما، ولكن على أرض الواقع، يقع أحياناً في حال الطلاق ضرر كبير على الطفل بسبب تعنت الأم أو الأب.

القانون منصف

بالجهة الأخرى، اعتبرت المحامية والمستشارة القانونية هبة معنّي، أن قانون الأحوال الشخصية منصف للمرأة والرجل.

ونفت أن يكون مجحفاً بحق الرجل، حيث لا يلزمه بشيء تجاه المرأة إذا طُلقت بدون أبناء أو كان هو الحاضن لهم، مبينة أن القانون يحدد للطليقة أجرة حضانة فقط، فيما النفقة للأولاد لا لأمهم.

وأوضحت أن الزوج هو الولي والمسؤول شرعاً وقانوناً عن النفقة لأنه ملزم بالنسب، إلا أن القانون أنصفه في حقه باختيار الجهة التعليمية من مدارس وجامعات لأبنائه.

وأرجعت تبرم بعض الآباء وشعورهم بعدم إنصاف القانون لهم إلى عدم ارتياحهم لفكرة تقديمهم أموالاً إلى زوجة سابقة قد تجمعهم بها علاقة سيئة، ما يؤجج الحساسيات بينهما، لا سيما عند إحساس الرجل أن طليقته انتصرت عليه.

وشددت في هذا السياق على ضرورة الفصل بين الحياة الزوجية الفاشلة والعلاقة المشتركة فيما يخص الأبناء الذين لا ذنب لهم، فضلاً عن ضرورة توعية الزوجين بأن التحدي ليس أسلوباً مقبولاً للاستمرار.

ودعت إلى رفع وعي الأزواج بقانون الأحوال الشخصية ليتمكنوا من فهم التزاماتهم كما حقوقهم بشكل كامل، وتقبل واقع أهمية التسويات بعد الطلاق لمصلحة الأبناء.

وأردفت أن المحكمة تنظر بعين الاعتبار إلى حاجة الأطفال، إذ يمكن أن يكون دخل الوالد مرتفعاً، إلا أن حاجة الطفل لا تستدعي مبالغ مالية كبيرة.

كما بينت أن تطبيق وآثار القانون تعكس أيضاً الواقع الذي نعيشه، فمصاريف الحياة أصبحت غالية عموماً، وهذا الغلاء يؤثر على الأبناء المحضونين، ما يستدعي ارتفاع مصاريف نفقتهم لتغطية تكاليف الحياة.

وروى خالد الزرعوني، أنه يتقاضى حوالي 29 ألف درهم راتباً من إحدى الدوائر الحكومية، لكن لم يتبق له حالياً منها إثر نفقات الطلاق التي ألزمته بها المحكمة سوى 6000 درهم، ما يعتبر ظلماً كبيراً، لا سيما أنه اشترى شقة لطليقته بناء على طلبها، فضلاً عن تسديده قسط سيارة كان اشتراها لها، والمصاريف التي يرسلها لابنه من خارج مبلغ النفقة في مواسم الأعياد وسواها.

تغيير السكن

قال جاسم الضنحاني، إنه طلّق زوجته بعد زواج استمر أكثر من 13 عاماً أنجبا خلالها أربعة أطفال، وكان دافعه أن العلاقة بينهما وصلت إلى طريق مسدود وأصرت على طلب الطلاق.

وأضاف: «فوجئت بعد إنهاء إجراءات الانفصال بأنني مطالب بدفع نفقة شهرية تزيد على 22000 درهم تشمل رسوم دراسة الأبناء في مدارس خاصة، وإيجار السكن الذي يقطنونه مع أمهم في إمارة أبوظبي حيث مكان عملها رغم أني منحتهم سكناً في إمارة الفجيرة حيث كانت أسرتي وأبنائي يقيمون معي قبل انتقالهم إلى إمارة أخرى.

وأضاف «راتبي الشهري لا يزيد أصلاً على 28000 درهم بعد الاقتطاعات البنكية، وهو ما يمثل مشكلة مالية كبيرة لي».

2000درهم فقط

أوضح أحمد ملا، أنه تزوج لمدة أربعة أعوام رزق خلالها بابنة وحيدة، ثم حدث الطلاق الذي تبدلت معه أحواله المالية جراء النفقات، حيث استأجر شقة بـ 5000 درهم شهرياً، كما بات يدفع 6000 درهم شهرياً للنفقة، فيما طلبت طليقته نقل ابنتهما من مدرسة حكومية إلى مدرسة خاصة بدون داع.

وأردف أنه كان يسدد أصلاً أقساط سيارتين كان اشتراهما لها ولنفسه، ليتبقى معه حوالي 2000 درهم فقط من راتبه.