الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

منتدى الإعلام الإماراتي يرسم خريطة المستقبل .. ويؤكد دور النقد لتطوير الخدمات

وقف المشاركون في الدورة الخامسة لمنتدى الإعلام الإماراتي بدبي، أمس الأول، والذي عقد تحت شعار «نقاش المئة إعلامي ومؤثر» برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على واقع الإعلام المحلي والدور المأمول له خلال المرحلة المقبلة، بهدف رفع مستوى تنافسيته وفق أعلى المعايير العالمية، مشيدين بحوار المنتدى الاستثنائي ودوره المهم كمحطة لطرح جميع القضايا التي تخص تطوير الإعلام المحلي.

وبحثوا في حوار صريح وجريء متطلبات تطوير قدرات الإعلام الإماراتي من حيث الانتشار والتأثير، وكيفية تعزيز دور المؤثرين الإماراتيين على منصات التواصل الاجتماعي للمساهمة في إحداث تطور إيجابي حقيقي داخل المجتمع على جميع الأصعدة.

وتطرقوا ضمن جلسة جمعت لفيفاً من الرموز الإعلامية الإماراتية وقيادات المؤسسات التلفزيونية والإذاعية والصحافية المحلية ورؤساء تحرير الصحف الإماراتية وكُتَّاب الأعمدة وأبرز الصحافيين والمراسلين، ونخبة من المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، إلى قدرة الإعلام المحلي على التكيف مع التطورات والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة، وإسهامه الرئيس في التعريف بمواقف الدولة الراسخة من مختلف القضايا الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية.


وذهب المشاركون إلى أن انتقاد بعض السلبيات لا يضر بصورة الدولة أو بمؤسساتها، بل على العكس قد يكون في مصلحة المجتمع، حيث قدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، المثل عندما عبّر سموه عبر حسابه على «تويتر» عن عدم رضاه عن الخدمات التي تقدم للمواطن من قبل إحدى المؤسسات، وهو ما يصب بشكل مباشر في مصلحة تطوير الخدمات وبذل المؤسسات قصارى جهدها لتقديم أفضل ما لديها لأفراد المجتمع.


وتباينت آراء المشاركين في الجلسة عما إذا كان الإعلام الإماراتي يعمل وفق استراتيجية فردية، حيث رأى جانب منهم أن الأسلوب الفردي يغلب بصورة أكبر على استراتيجيات العمل في مؤسسات الإعلام المحلية، وأن تقييم تأثير الإعلام المحلي لا بد أن يكون في ضوء الوقوف بصورة واضحة على تفاصيل مجموعة من العناصر وفي مقدمتها الجمهور الذي يتابع المنتج الإعلامي الإماراتي عبر مختلف الوسائل والمنصات الرقمية، فضلاً عن أهمية ذلك في التعرف إلى ما يتطلع إليه الجمهور من محتوى، وتحديد متطلبات العمل الإعلامي الضرورية لخدمة الوطن والمجتمع.

وأكد الحوار على أهمية مراجعة قانون الإعلام الإماراتي الصادر في عام 1980، مع التنويه بأهمية مواكبة هذا الإطار القانوني لمسيرة التطوير الكبيرة في الدولة من أجل منح الإعلام القدرة على أداء الدور المنتظر له في المرحلة المقبلة.

أكدت مديرة نادي دبي للصحافة ميثاء بوحميد أن تنظيم منتدى الإعلام الإماراتي وتوقيته هذا العام، والذي يصادف شهر رمضان المبارك، جاء مختلفاً عن كل عام وبشكل مقصود لتوصيل رسالة مهمة مغزاها أن العصر الذي نعيشه اليوم هو عصر التجديد والابتكار والبعد عن التقليدي والاتجاه إلى الإبداع، وهو ما نريده لإعلامنا الإماراتي الذي بات اليوم مطالباً أكثر من أي وقت مضى بالاهتمام بالإبداع والتجديد كي يتمكن من رفع سقف تنافسيته وفق أعلى المعايير العالمية.

وقالت إنه رغم النمو والتطور الذي شهده الإعلام المحلي، فإن هناك حاجة للمزيد، مستشهدة بقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «إن دولة الإمارات تسابق الزمن نحو المستقبل»، مشيرة إلى أن المنتدى يحاول رصد مدى نجاح إعلامنا المحلي في مواكبة التطور والنمو الذي تشهده الدولة في كل المجالات، وهل خرجت رسالتنا الإعلامية إلى فضاء العالمية ونقلت صوتنا إلى الخارج أم ما زالت تدور في فلك المحلية؟

إعلام مواكب للحدث

وقال المشاركون إن إعلام الإمارات مواكب للحدث ومبادر يؤدي دوره على الوجه الأكمل، في الوقت الذي يلقى فيه إعلامنا الوطني كل التقدير من القيادة الرشيدة لدولة الإمارات وفي مختلف الأوقات والمناسبات، لإدراك الإعلامي الإماراتي لواجبه ومسؤولياته تجاه الوطن.

ولفت المشاركون في النقاش إلى أهمية توافر المعلومة للإعلاميين لتمكينهم من أداء دورهم على الوجه الأكمل، ودعم قدرتهم على التعامل مع الحدث بصورة مهنية سليمة.

وقال مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام علي عبيد: «إعلام الإمارات يقوم بدوره على الوجه الأكمل، إذ مررنا خلال السنوات الماضية بظروف صعبة، مثل أزمة التنظيم السري للإخوان في الإمارات، الذي يعمل ضد الدولة واكتشفنا أن هناك مؤامرة على المجتمع، وتصدى لها الإعلام، وكذلك التعامل مع الأحداث في اليمن، وغيرها من القضايا المهمة، وفي بعض الأحيان لا تتوافر المعلومة، الأمر الذي يسبب لنا الإرباك، فالإعلام ينشر الحقائق فقط، عكس وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تدقق فيما تنشر والمقارنة بينهما في هذا الصدد ظالمة».

مراجعة قانون الإعلام

وتناول الحوار أهمية مراجعة قانون الإعلام الإماراتي الصادر في العام 1980، وهو ما ركز عليه رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية رئيس تحرير صحيفة الرؤية محمد الحمادي قائلاً: «يجب إعادة النظر في قانون الإعلام، فقانون صدر منذ نحو 40 عاماً لا يتماشى مع متطلبات العصر حالياً».

وفي جانب آخر، لفت الحمادي إلى أن استراتيجيات الإعلام المحلي فردية، موضحاً أن كل مؤسسة تعمل بمفردها ومن يصنع الفارق هم الأشخاص المتميزون، والإعلام الإماراتي نجح بسبب هؤلاء الأفراد المتميزين.

وتابع: «إذا أردنا قياس تأثيرنا كإعلام، لا بد أن نرى من يقرأ صحفنا ويتصفح مؤسساتنا الرقمية، فنحن بحاجة لاستراتيجية تعمل بأهداف محددة، ولا بد أن نعرف ماذا يريده الجمهور، لنلبي احتياجاته الحقيقية».

وشدد على أهمية أن يخرج الإعلام الإماراتي من المحلية في التواصل الاجتماعي إلى العالم، وتابع: «رغم جودة المحتوى على منصات التواصل، فإننا نخاطب بعضنا البعض، ومن الممكن أن نصل للخارج عبر الخطاب الإنساني، خصوصاً أن المنطقة مرت بوضع حساس وخطير وعندما نشعر بأن الوطن في حاجة لصوتنا كمؤثرين يجب أن نكون مستعدين».

المحتوى أم القالب؟

وبحث المنتدى قضية المحتوى في الإعلام الإماراتي ورأي الجمهور في ذلك المحتوى، حيث دفع بعض الحاضرين بأن تركيز الحديث على الوسائل الناقلة والشكل العام للرسالة الإعلامية ترك أثراً سلبياً على جودة المحتوى.

وفي هذا الصدد، قال رئيس تحرير «غلف نيوز» الإعلامي عبدالحميد أحمد: «الدول العربية تحب السياسة لكن القارئ يهتم بأمور أخرى خلاف ذلك، إذا لم تكن تخص بلده، مثل الأمور الحياتية اليومية، كالإيجارات والأكل والشرب والتعليم، ولكن المشكلة الحالية أننا نقوم بدور المرسل كإعلام ونحن لا نعرف رأي المتلقي في إعلامنا، نحتاج إلى أن نعرف رأي القارئ فينا لأن هذا الرأي هو البوصلة التي نتحرك من خلالها».

بدورها، قالت الكاتبة عائشة سلطان: «التخصص على وسائل التواصل الاجتماعي هو الذي يجعل من الإعلامي ناجحاً، أفكر فيما أريد ومن أخاطبهم، فكل مؤثر يعمل في المجال الذي يجيده، لذلك أستطيع الحديث في الكتب والرواية ولا يمكنني الحديث في كثير من الأشياء».

ضوابط عامة

واتفق المشاركون على أن الإمارات لديها ثوابت وطنية يجب أن يلتزم بها المؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي، وأشاروا إلى أنه لا وجود لسقف إلا الثوابت الوطنية الأصيلة للدولة وعاداتها وتقاليدها وموروثاتها الراسخة.

وقال عضو هيئة التدريس بجامعة أبوظبي الدكتور سلطان النعيمي: «لا بد أن نضع سياق الزمان والمكان عند الحديث على التواصل الاجتماعي، مساحة الحرية لها حدود في إطار السياق المكاني والزماني، وكل المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي لديهم رسالة وهناك نوع من التقصير في رسم استراتيجية لرسم إطار لاستخدام المصطلحات من قبل هؤلاء المؤثرين بطريقة صحيحة».

من جانبه، ذكر المعلق الرياضي فارس عوض: «هناك نجوم ومشاهير ما قبل منصات التواصل الاجتماعي، وآخرون صنعهم التواصل الاجتماعي، لكننا نحمل المشاهير أكثر مما يحتملون، فالشخص المشهور عليه مسؤولية والتزامات ولا يحتمل القيام بأدوار ليست أدواره».

بدوره، علق الإعلامي عبدالله الغامدي قائلاً: «في بعض الدول، تأتي الشركات وتتعاقد مع المبدع والمؤثر لتستفيد منه وتعطي له الأموال، فالموهبة وحدها لن تفعل شيئاً بدون الدعم المادي».

ورد المدير العام لمدينة دبي للإعلام ماجد السويدي: «نظمنا ورش تدريب في المونتاج والتصوير لنحو 1500 مواطن، ونظمنا ورشاً أيضاً في مجال التكنولوجيا ولم يحضرها عدد كبير من المواطنين».

منظومة متكاملة

وتناولت الجلسة موضوع الثقة بين المُتلقّي ووسائل الإعلام المحلية، وهل يلجأ البعض لاستقاء المعلومات والأخبار من وسائل إعلام خارجية، حيث أشار المشاركون إلى وجود ثقة كبيرة من قِبَل المُتلقي في وسائل الإعلام المحلية، وأن هناك حاجة لرفع السقف في التعامل الإعلامي مع بعض الملفات حتى يتمكن الإعلام من مواجهة خطاب العنف والكراهية المتصاعد ضد الدولة، مع ضرورة العمل من خلال منظومة إعلامية متكاملة تخدم الأجندة الوطنية والمواقف الثابتة لدولة الإمارات.

وأشار الحضور إلى أن انتقاد بعض السلبيات لا يضر بصورة الدولة أو بمؤسساتها، بل على العكس قد يكون في مصلحة المجتمع.

وفي هذا الشأن، قال أستاذ العلوم السياسة الدكتور عبدالخالق عبدالله: «لا يجوز اتباع خطاب إعلامي خائف، فالإمارات الواثقة من نفسها وحاضرها ومستقبلها تستحق إعلاماً واثقاً من نفسه، فالبعض في الإعلام أصبحوا ملكيين أكثر من الملك، وابتعدوا كثيراً عن نقد الأخطاء وأوجه القصور بشفافية، ويجب أن يتوقفوا فوراً عن تمجيد الذات ويستمعوا للنقد وتقبل الرأي الآخر المختلف».