الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

كُتب القانون والروايات تتصدر استعارات نزلاء «إصلاحية دبي»

أسهمت المؤسسات العقابية والإصلاحية في دعم النزلاء وتشجيعهم وتحويل بعضهم إلى مؤلفي كتب في مجالات تاريخية وتوثيقية واجتماعية وقانونية، عبر ما وفرته لهم من مراجع ومصادر وإمكانات أسهمت في تغيير حياتهم واستثمرت وقتهم بشكل فعّال.

وتصدرت الروايات، ومن ثم كتب القانون والمغامرات والخيال العلمي، قائمة الإعارات التي يقبل عليها النزلاء.

وأكد نزلاء ونزيلات أن مكتبة السجن عالمهم المثالي لتقضية فترة محكومياتهم، حيث تدخلهم إلى عوالم أخرى تزيل همومهم وتساعدهم في تزجية الوقت الذي يمر عليهم ثقيلاً، إضافة إلى دور القائمين عليها في دعمهم لإنجاز مشاريعهم في التأليف.


اهتمام


وقال نزيل سجن الرجال «ع»، إنه يهتم بقراءة الكتب القانونية خصوصاً، حيث فتحت آفاقه إلى بنود في القانون ساعدته في التعامل مع تهمته التي أودت به إلى السجن وهي تحرير شيكات بسوء نية.

ونصح النزلاء بضرورة تثقيف ذواتهم قانونياً لفائدة ذلك في تعاطيهم مع أحكامهم وحياتهم بعد الخروج من السجن، مؤكداً اجتهاده في تلخيص بعض فقرات القانون لشرحها للنزلاء الآخرين.

ويعكف النزيل «ر» على تأليف كتب خاصة حول القانون والأسرة والعادات والتقاليد، مفيداً بأنه كان يحلم بتربية أطفاله التربية الحسنة، إلا أن خلافاً أسرياً جعله يقبع خلف القضبان، ولكن هذا لم يمنعه من القراءة والبحث ليحقق حلمه في تأليف كتب تسهم في تربية الأجيال، مستنداً إلى تجربته في الحياة.

وأوضح أن المؤسسة قدمت له كل الدعم لتأليف الكتب عبر المكتبة التي أتاحت له كل المراجع الورقية والإلكترونية.

دعم

بدوره، أفاد النزيل «ج» بأنه كان يعمل قبل سجنه في مجال الإعلام، وهو مقيم بالدولة منذ 35 عاماً، وبعد سجنه بات لديه هاجس تحقيق حلمه في تأليف كتاب يعرض مسيرة الإمارات منذ نشأتها إلى الآن، وتطورها في مختلف المجالات.

وأكد أن المؤسسة قدمت له كل الدعم والمراجع والوثائق التي ستسهم في خروج عمله للنور قريباً، قائلاً إن السجن صعب جداً، إلا أنه منحه الفرصة لإعادة ترتيب أولوياته والبدء من جديد.

حياة جديدة

من جهته، قال النزيل «ق»، إنه نزيل المؤسسة منذ سبعة أعوام، وبدأ القراءة منذ ثلاثة أعوام، وكانت الحياة بالنسبة له هي العمل فقط، إلا أن قراره بالقراءة غيّر حياته، إذ بدأ يقرأ خمسة كتب أسبوعياً.

ونوه بأنه استفاد كثيراً من الدورات التي وفرتها المؤسسة، مثل دورات تغليف الكتب وترميم القديمة وتصميم الأغلفة والفهرسة، كاشفاً عن نيته افتتاح مكتبة خاصة في بلده الأم بعد خروجه من السجن.

تجربة إنسانية

وفي سجن النساء، تصدرت الجنسيات الآسيوية من «الفلبين والهند والصين وروسيا» قائمة الأكثر قراءة، تلتها الجنسيات الأفريقية فالعربية.

وقالت النزيلة «ج»، إنها دخلت السجن منذ أعوام عدة بتهمة تعاطي المخدرات، وكانت تشعر بالخوف والغربة، إلا أنها وبفضل مساعدة القائمين على سجن النساء، تعافت وتخلصت من قلقها وبدأت حياة جديدة، اختارت انطلاقتها من مكتبة السجن.

وبيّنت أنها بدأت بقراءة الروايات كي لا تشعر بمرور الوقت، إلا أنها أصبحت لاحقاً أكثر شغفاً، وبدأت تبحث عن كل كتاب مفيد.

أما النزيلة «م»، فتقول إنها دخلت السجن منذ أعوام بتهمة شيكات، وهي أم لطفل خارج السجن وجامعية، وقررت أن تقرأ وتثقف نفسها كي تستعد للقاء العالم الخارجي عند الإفراج عنها.

وعبّرت عن سعادتها بأنها ستشارك في تأليف كتاب عن تجربة النزلاء في السجن، وعرض تجاربهم فيه.

توثيق وكشف مدير المؤسسات العقابية والإصلاحية في شرطة دبي العميد علي الشمالي عن إطلاق المؤسسة مبادرة خاصة بعام التسامح تتجسد في تأليف كتاب من قبل نزلاء المؤسسات العقابية يوثقون من خلاله تجربتهم في المؤسسة ومفهومهم للتسامح، وتتم ترجمته للإنجليزية نهاية العام الجاري.

وبدأت المؤسسات تنفيذ مبادرة لتشجيع النزلاء على القراءة تحت مسمى «الكتاب الإلكتروني الذكي»، تنطلق في مكتبات المؤسسة بأقسامها كافة.

وتوفر المبادرة أكثر من 2000 كتاب عبر جهاز لوحي يتم استخدامه من قبل نزلاء العقابية.

وأشار إلى بدء تحميل الكتب على 20 جهازاً لوحياً، ليصبح عدد الكتب المحمّلة على كامل الأجهزة 40 ألف كتاب، وسيوفر مستقبلاً 100 إلى 120 جهازاً لوحياً في المكتبة، تحتوي كل منها على 2000 كتاب.

وأوضح الشمالي أنه سيتم البدء بتوزيع الأجهزة على النزلاء المتميزين بحسن السلوك داخل المؤسسة والمعروفين بشغفهم بالقراءة وارتياد المكتبة، في خطوة لتشجيع النزلاء الآخرين، لافتاً إلى توفير المؤسسة مكتبة إلكترونية تضم 1300 كتاب و900 فلم وثائقي على أربعة أجهزة كمبيوتر.

استجابة

من جانبه، كشف مدير إدارة تعليم وتدريب النزلاء النقيب محمد العبيدلي، عن أن المكتبة توفر مختلف العناوين التي يطلبها النزلاء داخل المؤسسة وخارجها، عبر اشتراكها مع مكتبة دبي.

وأفاد بأن عدد الكتب التي تمت استعارتها وقراءتها من قبل نزلاء المؤسسة خلال الفترة المنقضية من العام الجاري بلغ 13752 كتاباً، في حين بلغ عدد الكتب التي قرأها النزلاء طوال العام المنصرم 25835 كتاباً، وفي عام 2017 بلغ عدد الكتب التي تمت قراءتها 20151 كتاباً، في سجنَي الرجال والنساء.

أما في قسم الجنح، فقد تمت قراءة 4716 كتاباً خلال الفترة المنقضية من 2019.

وتضم المؤسسات العقابية ثلاث مكتبات، توجد الرئيسة في السجن المركزي، ومكتبة أخرى في سجن النساء، ومكتبة في قسم الجنح والمخالفات.

وتضم المكتبات 12500 كتاب، 8000 منها في السجن المركزي و2500 في الجنح، و2000 كتاب في سجن النساء.

وتتوافر الكتب بأكثر من 13 لغة، عدا المكتبة الإلكترونية والأفلام الوثائقية، كما توفر المؤسسة خمس صحف يومياً باللغات العربية والإنجليزية.

ويرتاد سجن الرجال يومياً 30 إلى 50 نزيلاً للقراءة مقابل 40 امرأة في سجن النساء.

ويتيح السجن فرصة الاستعارة للنزلاء بمعدل سبعة كتب في الأسبوع، أما النزلاء المتميزون بارتياد المكتبة والقراءة، فيتم منحهم فرصة استعارة عشرة كتب أسبوعياً.

وتتيح المؤسسة للنزلاء طلب كتب خاصة من الهيئات والقنصليات وذويهم، بشرط أن تكون مختومة من المجلس الوطني وحاصلة على إذن بالتداول.

تشجيع

أفادت مديرة سجن النساء في دبي المقدم جميلة الزعابي بأن المؤسسة تحرص على تشجيع النزيلات على القراءة، وتوزع استبيانات شهرية للوقوف على متطلبات النزيلات من الكتب، ورصد رأيهن في الكتب الموجودة. وتمنح الإدارة الفرصة للنزيلات لاستعارة الكتب، وتحرص على تشجيعهن على كتابة ملخصات للكتب التي يقرأنها.

أشار مدير إدارة تعليم وتدريب النزلاء في المؤسسات العقابية والإصلاحية، النقيب محمد العبيدلي، إلى أن الإدارة تحرص على تشجيع وتكريم النزلاء المواظبين على القراءة داخل مكتبة السجن، ويتم منح المتميزين جوائز مادية في كل من سجن الرجال والنساء والجنح. كما يتم تشجيعهم لكتابة ملخصات للكتب التي ينتهون من قراءتها، وذلك لمساعدة النزلاء الآخرين في فهم محتوى الكتب بطريقة سهلة.

تصدرت الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في شرطة دبي قائمة أفضل السجون العالمية في معايير الحفاظ على حقوق الإنسان، وذلك وفق زيارات وتقارير جمعيات حقوقية وسفارات وقنصليات، أشادت كلها بالخدمات المقدمة للنزلاء والتي تطبق أفضل المعايير.

وأكد مدير الإدارة العميد علي الشمالي أن المؤسسات تعامل مختلف المتهمين سواسية، وتعمل على تأهيلهم نفسياً وعملياً ليكونوا أشخاصاً مفيدين للمجتمع بعد خروجهم.