الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

تعديلات «الأحوال الشخصية» .. مكاسب جديدة للزوجات وأعباء إضافية على الأزواج

رجح قانونيون انخفاض حالات الطلاق بعد أن اعتمد مجلس الوزراء، المرسوم المتعلق بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي في شأن الأحوال الشخصية، ومنح حقوق جديدة للمرأة.

وشمل التعديل حذف المواد 71 و72 و272 وإجراء تعديل على المادتين 118 و 120 من ذات القانون، بحسب نسخة من مذكرة صادرة من وزارة العدل بشرح مبررات التعديل.

وأوضح القانونيون أن تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي في شأن الأحوال الشخصية يمنح الزوجة مساحة أكبر من الحرية لمزاولة نشاطها التجاري والمساهمة في خلق كيان اقتصادي مستقل لها.


وتوقع القانونيون تراجع حالات الطلاق، بعد المرسوم، نتيجة صعوبات إجراءات الخاصة به مثل رفض دعوى الزوجة إذا لم يثبت له أي ضرر وقع عليها من الزوج، كما توقعوا أن يتكبد الزوج دفع نفقة لزوجته في ظل إلغاء المادة التي نصت على إسقاط نفقة الزوجة في حال تركت بيت الزوجية دون عذر شرعي، بخلاف نفقة الطلاق التي لا تدفع إلا للأبناء فقط، مشيرين إلى «وجود لبس وعدم وضوح في بعض بنود التعديلات».


و قال المحامي والمستشار القانوني حميد درويش إن أهم بنود التعديل جاءت في إتاحة رفض القاضي لدعوى الطلاق إذا لم يثبت له أي ضرر واقع على الزوجة من الزوج، بينما لم يكن هذا الخيار متاحاً في القانون، فإذا استمر الشقاق والخلاف بين الزوجين، ورفعت الزوجة دعوى طلاق للمرة الثانية يتولى القاضي تعيين حكمين لنظر النزاع ومحاولة الإصلاح أو الحكم فيه.

وأشار إلى وجود لبس في المادة المشار إليها كونها لم تتضمن المدة التي يحق للزوجة فيها رفع دعوى ثانية في حال رفض الدعوى الأولى عند عدم تقديمها ما يثبت الضرر، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم المشاكل في حال وجودها بين الزوجين.

وأوضح أنه جاء في تعديل بنود المادة 118 الرجوع إلى أصل التقاضي، أي أنه في حال عدم ثبوت الضرر الواقع على الزوجة من الزوج ترفض الدعوى، وفي حال استمر الشقاق بين الزوجين ورفعت الزوجة دعوى جديدة للمرة الثانية فإنها تحال للحكمين لإيقاع الطلاق بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ولفت في هذا السياق إلى أن القانون يتضمن: «إذا كانت الإساءة من جانب الزوجة فيقرر الحكمان التفريق ببدل مناسب، ما لم يتمسك الزوج بها، على أن يكون التمسك بدفع قانوني باستمرار الحياة الزوجية ورفض طلب الطلاق، أو بدعوى متقابلة لإلزامها بالطاعة، على الرغم من إلغاء المادة 72 من القانون، وأنه إذا كان الحل مجهولاً ولم يتوصلا للمسيء منهما، وكانت الزوجة هي طالبة الطلاق جاز للحكمين أن يحكما برفض التفريق أو بالتفريق ببدل مناسب وفق ما يريانه مناسباً لحال الأسرة».

وقال إنه يؤخذ على هذا التعديل أن الإساءة مجهولة السبب ولم يتم تحديدها، كما أن القانون أعطى صلاحية للحكمين ليقررا، في حين أن السلطة التقديرية للقضاء وهي من صلاحيات القاضي، إذ إن دور الحكمين يقتصر على بيان الحقائق فقط دون أي قرار، وهذا بخلاف ما جاء في المادة 121 التي أعطت صلاحيات للتدخل في تحديد البدل.



عداد النفقة

وأشار درويش إلى أن حذف المادة 71 التي نصت على أن نفقة الزوجة تسقط في حالات تمت الإشارة إليها بنص المادة، سيلغي صفة النشوز عن الزوجة، ما يدفع بالزوج للسعي إلى الطلاق بمجرد خروجها من منزل الزوجية بدون عذر شرعي من أجل إيقاف عداد النفقة، التي سيدفعها في حال رفعت الزوجة عليه دعوى نفقة، والتي سيلزم بدفعها ابتداء من تاريخ مطالبتها بها وحتى ثلاثة أعوام، بحسب المادة 67 من القانون ذاته.

وبيّن أن المادة المذكورة تعتبر نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع عن الإنفاق مع وجوبه ديناً على الزوج بلا توقف على القضاء أو التراضي، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء، ولا تسمع الدعوى بها عن مدة سابقة تزيد على ثلاث سنوات من تاريخ رفع الدعوى ما لم تكن مفروضة بالتراضي.

وأوضح في هذا الخصوص أن الزوجة كانت تعتبر ناشزاً وتسقط عنها النفقة قبل إلغاء المادة 71، متوقعاً زيادة حالات الطلاق في ظل التعديل الجديد.

وتابع أن إلغاء المادة 72 سيزيد من المشاركة الفاعلة للزوجة في العمل عند توافر الوعي لدى الزوجات بأهمية أن يكون دورهن مسانداً للأزواج من حيث المصاريف وسواها من الأمور المالية التي تخص الأسرة.

الإصلاح الودي

وأشار الباحث والمستشار القانوني خالد المازمي إلى أن سبب النفقة هو عقد زواج صحيح يوجب انعقادها، ويترتب عليه شروط والتزامات من كلا الطرفين، الزوج والزوجة، وفي حال نشزت الزوجة، فإنه واجب على الطرف الثاني، الزوج، الامتناع عن النفقة لأن النفقة جاءت مرادفاً لطاعتها له، وفي حال امتناعها عن طاعته وجب عليه الامتناع عن النفقة باعتبار عقد الزواج ملزماً للطرفين ويتضمن شروط الزواج المشار إليها في المادة 57 المتعلقة بحقوق الزوج على زوجته.

حالات الطلاق

وأوضح المازمي أن عدم النفقة يعتبر في حال نشوز الزوجة عقاباً لها بهدف الرجوع إلى صوابها من دون اتخاذ أي إجراء آخر ضدها وفقاً للقانون كالطلاق، باعتبار عدم النفقة من الوسائل الودية للإصلاح بين الزوجين من دون لجوء إلى الطلاق، فإن رجعت الزوجة عن نشوزها الذي كان بدون وجه حق أو سبب شرعي، فإنها تستحق النفقة الشرعية المقررة لها وفقاً للشرع والقانون، وكما قرر الفقهاء ذلك في عمومها على مذهب الحنفية الشافعية والحنابلة، وذلك لما فيه من مصلحة تتحقق للزوج وللزوجة نفسها وللمجتمع كي تلزم نفسها بشرع الله بحيث يكون رادعاً لها، الأمر الذي يقلل من حالات الطلاق.

نشاط الزوجة الاقتصادي

وأكد المازمي أن التغييرات الجديدة، بعد إلغاء المادة 71 فيما يتعلق باعتبار الزوجة ناشزاً، أضعفت حجة الزوج عند رفع دعوى طلاق الضرر، وهي إحدى الحجج القوية التي قد يقدمها الزوج عند رفع هذا النوع من دعاوى الطلاق، والتي تمكنه من كسب الدعوى.

وأضاف أن التعديل سيمنح الزوجة مساحة أكبر من الحرية لمزاولة نشاطها التجاري، وتالياً المساهمة في خلق كيان اقتصادي مستقل لها، مشيراً إلى أن الضرر الذي يقع على الأسرة والمنزل من حيث تقصير الزوجة تجاه بيتها وزوجها يقدّره القاضي، وعليه يحكم بتركها العمل وبقائها في المنزل.

عدم زيادة الخلع

من جانبه، لفت المحامي سعود علي إلى أن التعديل الذي أتاح للقاضي رفض دعوى الطلاق إذا لم يثبت له أي ضرر واقع على الزوجة من الزوج، لن ينتج عنه زيادة حالات الخلع كما يتوقع البعض لأن إجراءات الخلع لا تقل صعوبة عن إجراءات الطلاق، لذا ستفضّل الزوجة البقاء على ذمة زوجها والحصول على نفقتها وأبنائها على الدخول في إجراءات الخلع التي تضطرها لتقديم بعض التنازلات عن حقوقها.

عدم اتفاق

بدوره، قال المحامي مختار غريب إنه سينتج عن حذف المادتين 71 و72 صعوبة في إجراءات الطلاق مع سريان النفقة التي يتوجب على الزوج إعطاؤها لها ما دامت على ذمته، التي تحدد وفقاً لدخل الزوج.

وأضاف أن إلغاء المادة 72 من القانون شجع على خروج المرأة للعمل من دون موافقة زوجها، ما سيؤثر في استقرار الأسر ويخلق عدم اتفاق بين الزوجين، ما قد يؤدي إلى الطلاق.

رؤية الأبناء

واقترح غريب تعديل ومعالجة المواد المتعلقة برؤية الأبناء عند انفصال الأبوين، إذ إنه في حال الطلاق يحكم للأب برؤية أبنائه أربع ساعات أسبوعياً إلى حين بلوغهم عمر الـ 13 عاماً قبل أن ينتقلوا إلى حضانته بحكم القانون.

وأشار إلى أن إجمالي الوقت الذي يقضيه الأب مع أبنائه لا يتعدى شهراً ونصف الشهر خلال الأعوام التي يكونون فيها بحضانة أمهم.

ولفت إلى أهمية دراسة البند أو المادة فيما يخص تخفيض قيمة النفقة التي يدفعها الزوج للزوجة والأبناء في حالات الطلاق كونه أضحى عبئاً يثقل كاهل الأزواج.

حجة الزوجة

وقالت ندى حاتمي إن التعديلات في قانون الأحوال الشخصية ستضعف حجة الزوجة في المطالبة بحقوقها في حال تعرضت للظلم أو العنف من قبل الزوج، لا سيما في ظل الخلافات الزوجية التي تحدث في البيوت بشكل مستمر، التي يكون فيها خروج الزوجة من منزل زوجها هو الحل المتاح أمامها.

تصفية حسابات

فيما أكدت فاطمة علي أن رفض القاضي دعوى الطلاق إذا لم يثبت له أي ضرر واقع على الزوجة من الزوج سيؤدي إلى تعنت الزوج في منح المرأة حقها بالطلاق بدافع تصفية حسابات بينهما، وتالياً يضطرها إلى رفع دعوى خلع ضد الزوج.

وأضافت أن الزوجة ستقدم تنازلات عدة عن حقوقها في مثل هذه الحالات بهدف حصولها على الخلع، موضحة أن بعض الأضرار تكون معنوية ومحسوسة يصعب على الزوجة إثباتها.

انخفاض حالات الطلاق

بدوره، أشار سليمان صلاح، إلى أن التعديل الذي شمل رفض الدعوى في حال عدم ثبوت الضرر الواقع على الزوجة، سيقلل من حالات الطلاق رغم الادعاءات التي تسوقها بعض الزوجات للحصول على الطلاق بهدف منحها منزلاً مستقلاً، وحصولها على حريتها كما تدعي ما يثقل كاهل الزوج، ويؤدي إلى تشتت الأسر والمساهمة في توفير بيئة غير مستقرة.

تعزيز كيان المرأة

ورأى علي محمد أن التعديل سيسهم بشكل فاعل في تعزيز كيان المرأة بالمجتمع بما يحقق لها الاستقلال الاقتصادي الذي يضمن لها الحرية في مزاولة الأنشطة التجارية المختلفة لتسهم في منظومة الاقتصاد بالدولة، وفي الوقت ذاته يحفظ حقوقها بالحصول على نفقة في حال رفعت دعوى بهذا الخصوص عند خروجها من منزل زوجها لضرر وقع عليها.

دخل ثابت للأيتام

قال المحامي والمستشار القانوني حميد درويــش إن التي تنظم حذف المادة 272«الوصية الواجبة» سيتطلب إيــجــاد مــصــدر دخـــل ثابت يــتــام مــن قــبــل الجهات لألــ لغياب ًالحكومية بالدولة، نظراثقافة الوصية التي تحفظ حقوق الأحفاد، إذ كانت المادة تشجع على مسألة الوصية. وأوضح أن إلغاء هذه المادة يحرم الأحفاد، في حال وفاة الآباء قبل الأجــداد، من تركة أجــدادهــم وجداتهم، لكون الأعمام يحجبون الأحفاد، ما يستدعي توفير دخل آخر يوفر لهم الحياة الكريمة.وأشـــار فــي هــذا السياق إلــــى الـــدعـــوى رقــــم (1) من المحكمة لسنة 2014 من المحكمة الاتحادية العليا، التي أكدت أن دستورية المادة 272 من قانون الأحــوال الشخصية لا يخالف حكماًً قطعيً الثبوت والدلالة.