السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

أسر الشهداء: تضحيات أبنائنا نموذج مشرّف لرد الجميل للوطن

أسر الشهداء: تضحيات أبنائنا نموذج مشرّف لرد الجميل للوطن
أكدت أسر الشهداء أن تضحيات أبنائهم في ميادين الواجب والشرف نموذج مشرف لرد جزء من الجميل للوطن، وحماية أرواح الناس والدفاع عنهم، والتضحية ليبقى اسم الإمارات عالياً خفاقاً.

وذكروا خلال لقائهم «الرؤية» أن الوطن يستحق الكثير ولن يبخل أبناؤه بالتضحية وتقديم الأرواح للذود عنه، مشيرين إلى أن الشهادة في سبيل الحق واجب، وما قصص شهداء الإمارات إلا دروس تتعلم منها الأجيال المقبلة معنى حب الوطن والإخلاص والتفاني.

وأضافوا: «كل بيت إماراتي يفخر بشهداء الوطن، ويعتز بالقيادة الرشيدة التي تقدم الكثير لأسر الشهداء من دعم وبرامج تخلد ذكرى الأبطال وتقدر تضحياتهم الغالية».


درس في الشجاعة


ويقول أحمد (14 عاماً) ابن الشهيد الملازم مهندس خميس سلطان الراشدي الذي استشهد أثناء أحد التدريبات العسكرية داخل الدولة في عام 2005: «استشهد والدي حين كان عمري 4 أشهر، وأضع اليوم نصب عيني نهجه في خدمة الوطن، الأمر الذي يدفعني للتميز في مسيرتي التعليمية لأكون ضمن المتفوقين دراسياً ومن ثم التحق بصفوف القوات المسلحة».

وتابع: «حين بلغت الخامسة من عمري عرفت قصة والدي، وقررت لاحقاً أن أتفوق في دراستي لأخدم وطني في المجال العسكري الذي خدم به والدي أعواماً قبل أن تصعد روحه الطاهرة إلى السماء».

ويروي يوسف شقيق الشهيد الملازم مهندس خميس سلطان الراشدي حكاية نشأت أحمد الذي لقي اهتماماً استثنائياً من الدولة والقيادة، إضافة إلى جميع أفراد العائلة منذ اللحظة الأولى بعد تلقي خبر استشهاد أبيه، فقال: «الشهيد كان يبلغ من العمر عند استشهاده 25 عاماً، وكان متزوجاً ولديه رضيع عمره 4 أشهر سمّاه أحمد، ويبلغ حالياً 14 عاماً، وحرصت مع والديّ وإخوتي وبمساعدة والدته على الاهتمام به منذ طفولته، وتقديم التوجيه الصحيح له، ولم نغفل عن غرس قيم الولاء وحب الوطن في نفسه، إلى جانب مشاعر الفخر بوالده الشهيد الذي منح روحه فداء لتراب الوطن الغالي».

وأكد يوسف أن الدولة والقيادة الحكيمة لم يألوا جهداً في رعاية أسرة الشهيد، إذ وفروا كل أشكال الدعم المادي والمعنوي للأسرة، ويتابع المسؤولون دراسة ابن الشهيد ويسعون لتلبية كافة احتياجاته.

وأضاف: «على الرغم من مرور 14 عاماً على استشهاد أخي إلا أن اسمه لا يزال مرتبطاً في ذاكرتنا بالولاء للوطن، وهذا ما حرصنا على تعليمه لابنه أحمد منذ نعومة أظفاره، ما جعله يتميز بتفوقه الدراسي ويتطلع إلى الالتحاق بالقوات المسلحة، ليواصل مشوار والده العسكري».

وتابع: «أي دولة تفخر بأن يكون من بين أبنائها مثل هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بحياتهم وبأغلى ما يملكون وفاء لقسمهم على حماية تراب هذا الوطن ورفع رايته عالياً في شتى الميادين، وسيظل ما قدموه محفوراً في وجدان وذاكرة أبناء الشعب الإماراتي الوفي، وستظل سيرهم منهاجاً للشجاعة وحب الوطن يدرس للأجيال القادمة».

نموذج مشرف

وتستذكر والدة الشهيد سلطان السويدي بعد 16 عاماً على ارتقاء ابنها خلال تأديته واجبه الوطني أثناء أحد التدريبات العسكرية في الدولة، تفاصيل مواقف ابنها النبيلة في حياته، والتي لا تزال راسخة في ذاكرتها، فشجاعته ومآثره التي كرمته بالشهادة ومنحت عائلته وسام العز تفخر بها أمه في كل مناسبة لتزرعها في جميع أفراد أسرتها.

وقالت: «خلّد التاريخ اسمه في سجل التضحية، والفداء، والبطولة، فاستشهاده فخر لنا جميعاً ودرس وطني أعلمه لأبنائي وأحفادي وأرسخه بنفوسهم، فسلطان نموذج مشرف لتأدية الواجب الوطني يجب أن يضعوه نصب أعينهم من أجل أن يعملوا باجتهاد في رد الجميل للوطن الغالي».

وأضافت: «أحرص في كل تجمعات أفراد الأسرة على سرد سيرة سلطان العطرة عليهم، إذ أحدثهم عن حبه للعلم وتفوقه الدراسي والتزامه في تأدية عباداته وفروضه الدينية، وأنه كان مثالاً للابن الصالح الذي يتمتع بالأخلاق الإنسانية النبيلة، فضلاً عن برّه بي، خصوصاً بعد وفاة والده، إذ كان لي نعم السند والمعين، كما كان يشجع أخواته على متابعة التحصيل العلمي والحصول على أعلى الدرجات العلمية لخدمة الوطن الغالي.. فالتاريخ يخلد سيرة الشهداء في صفحاته ليبقوا رمزاً يفتخر به شباب الأمة ومورداً تنهل منه أجيالنا القادمة وتقتبس منه معاني العطاء للوطن وللقيادة الحكيمة».

وتابعت: «أواظب باستمرار على شحذ همم شباب الأسرة للالتحاق بالخدمة العسكرية والتفاني في رفع اسم الوطن عالياً، ضاربة لهم المثل بسيرة الشهيد سلطان وتفوقه، إذ درس في كلية زايد الجوية، وأكمل تدريب الطيران في فرنسا لمدة عامين، ومن ثم خضع لتدريب طيران حربي، واستشهد عقب تخرجه بنحو 5 أعوام، ليكون نموذجاً مشرفاً للمواطن الذي قدّم روحه فداء للأرض والقيادة، وخلد التاريخ اسمه بحروف من نور في سجل الشهداء البواسل».

وذكرت أم الشهيد: «على الرغم من الفراق إلا أنني فخورة لأنني قدمت بطلاً روى تراب الوطن بدمائه ليبقى اسمه خالداً في سجلات التاريخ.. بطلاً ناضل من أجل الوطن ودفع روحه في سبيله، فأم الشهيد هي رمز للتضحية ونموذج للصمود، وأنوه بدور الحكومة الرشيدة في دعم أسر الشهداء والتواصل المستمر معهم، ما يخفف عنهم حزن الفراق ويشعرهم بمكانة أرواح أبنائهم التي سطرت ملاحم البطولة والإخلاص والتضحية في ميادين العز».

واختتمت والدة الشهيد حديثها برسالة لابنها البطل فقالت: «ابني الغالي سلطان على الرغم من أني افتقد حضورك الهادئ ورائحتك الطيبة وصوتك الدافئ.. لكنني فخورة بك وبأنك منحتني لقب (أم الشهيد)».

قدوة في التفاني

وعن قصة الشهيد الملازم سيف راشد الطنيجي بعد 16 عاماً على استشهاده، يروي شقيقه حمد راشد الطنيجي أن سيف قدم حياته فداء لأمن وأمان الوطن، ولم يتوان لحظة عن تلبية النداء دون تقصير، وهو لم يكن بالنسبة له مجرد أخ أكبر، بل كان صديقه الذي يلازمه ويفضي له بأسراره، وناصحاً مرشداً ومعيناً على الخير.

وقال: «نحن 5 أشقاء و5 شقيقات.. علاقتنا الأسرية وطيدة جداً.. وسيف كان أكبرنا وأنا أصغره بعامين ولديه ابنة أصبح عمرها اليوم 22 عاماً»، وأضاف: «أتذكر يوم استشهاده كأنه البارحة.. كنا نلعب كرة القدم يوم الاثنين بعد العشاء.. ويومها هاتفني ليؤكد الموعد.. وتقابلنا عند المغرب ولا يزال في مخيلتي وهو يرتدي قميصاً وسروالاً أبيضين.. جلسنا في مقهى نتجاذب أطراف الحديث.. وحين خرجت لدقائق وعدت.. كان يهم بالخروج على عجالة.. ناديته فالتفت وقال لي أنه سيشتري كرة جديدة ويقابلني في الملعب بعد العشاء».

وأضاف، «في الحقيقة.. انطلق ليكون في الميدان إلى جانب رفاقه.. بعد تلقيه اتصالاً هاتفياً من العمل وهناك استشهد أثناء تأدية واجبه الوطني».

وأوضح أخو الشهيد أن استشهاد سيف شرف كبير له ولأسرته، وقال: «الفراق صعب.. إلا أن سيف شهيد قدم روحه في سبيل أمن الوطن والمواطنين.. وترك له بصمة مشرفة أينما ذكر اسمه.. هو قدوة في التفاني والإخلاص من أجل الإمارات».

إخلاص وتضحية

وتتحدث أسرة الشهيد الإطفائي جاسم عيسى البلوشي عن بطولات ابنها الذي استشهد أثناء عملية إطفاء حريق طائرة هبطت بشكل اضطراري في مطار دبي الدولي عام 2016، ليصبح أيقونة للتطوع والوفاء.

وذكرت أن شهيد الواجب زرع معاني التضحية والعطاء بين أفراد أسرته، لتنمو بينهم كشجرة ثمارها الولاء والانتماء للوطن، والإخلاص في تأدية الواجب، والسعي للعمل الإنساني، وأن ما قدمه الشهيد من تضحية من أجل سلامة الآخرين وسام شرف يعتزون به، معتبرين أن هذا الفداء شهادة فخر لهم.

وقال والد الشهيد عيسى البلوشي إن استشهاد أكبر أبنائه وهو يقوم بواجبه الوطني في حماية أرواح الناس، منحه وإخوانه العزيمة وقدّم درساً في التضحية من أجل الآخرين من منطلق فداء الإنسانية والوطن.

من جانبه، قال سلمان عيسى البلوشي أخو الشهيد، إن أخاه الذي ضحى بروحه فداء للآخرين، في سبيل الواجب والإنسانية، زرع فيه نبراس الأمل لتقديم كل ما هو ثمين وفاء من أجل الوطن.

وقال ابن عم الشهيد حسن بهلول البلوشي إن استشهاد جاسم يجسد مبادئ الإخلاص للعمل، والوفاء للوطن، والتضحية من أجل الإنسان.

معاني الانتماء

ويقول عبدالملك شقيق الشهيد الملازم أول طيار وحيد محمد عبدالرحمن البناي الذي استشهد قبل 27 عاماً حين كان يؤدي واجبه الوطني في وظيفته: «للشهيد محبة كبيرة في قلوب الناس، حيث اتصف بمعاونته للغير، وصلته للرحم، وثقافته واهتمامه بالعلم، الذي جعل منه شخصية محببة».

وأشار إلى أن الشهيد أكمل تعليمه الثانوي، ومن ثم التحق بالكلية الجوية، واهتم بشكل كبير في كتابة الشعر، وله يوميات خاصة، ومن ضمن مقالاته، «أهمية العلم وروح الانتماء».

ولفت إلى أن الشهيد حصد العديد من الميداليات الذهبية في بطولات محلية ودولية في تنس الطاولة التي بدأ لعبها في المرحلة الابتدائية، إضافة إلى كرة اليد.

وتابع أن أخاه الشهيد الملازم أول طيار وحيد البناي قال لأهله قبل وفاته: «إذا كان الموت مكتوباً علي، فهو آتٍ ولو كنت على فراش النوم».

على النهج

وعبّر عبدالرحيم الحمادي خال الشهيد الرقيب عبدالله محمد الحمادي عن فخره واعتزازه بابن أخته الشهيد الذي قدم روحه فداء للوطن وقال: «عزائي لنفسي على فراقه أن الله خصه بهذا الشرف العظيم، واستشهاد عبدالله خلال قيامه بمهمة داخل الدولة علمنا درساً في حب الوطن والتفاني في سبيل مجده ورفعته».

وقال: «احترام الشهداء والاقتداء بتضحياتهم واجب وطني يجب على الآباء أن يعلموه لأبنائهم ويحثوهم على انتهاج نهجهم في التضحية والشجاعة والإقدام»، مشيراً إلى أن الدولة وقيادتها لا تنسى أبداً أبناءها المخلصين الذين يقدمون أرواحهم فداء لها، ويزرعون بتضحياتهم الكبيرة القيم النبيلة في حب الوطن.

وأضاف: «نحرص في كل مجلس على تواجد أبناء الشهيد الأربعة معنا وعلى ذكر مآثر شهداء الوطن ودعوة الشباب للسير على نهجهم بالإخلاص في العمل، فهؤلاء الشجعان وعدوا فأوفوا وأقسموا فأبروا ولم يترددوا لحظة واحدة في تلبية نداء الوطن».

وتابع: «استشهد عبدالله وهو يدافع عن الوطن، أثناء مهمة رسمية، ونحن لا نحزن على الشهداء، ولا نبخل على الوطن بكل ما هو غالٍ مهما بلغ»، مشيراً إلى أن عبدالله ترك إرثاً عظيماً و«جعلنا نشعر بأننا نملك ثروات الأرض، إذ أورثنا وأبناءه سيرة استشهاده العطرة التي سيسطرها التاريخ بأحرف من فخر وستبقى خالده في ذاكرة الزمن».