السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

محمد القرقاوي: بناء نموذج مرن للحكومات لتجاوز تداعيات «كورونا»

محمد القرقاوي: بناء نموذج مرن للحكومات لتجاوز تداعيات «كورونا»

محمد القرقاوي خلال مشاركته في الاجتماع.

أكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل محمد بن عبدالله القرقاوي أن الرؤية المستقبلية التي تتبناها دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي ترتكز على الاستعداد المبكر للمستقبل، جعلت دولة الإمارات هي الأكثر استعداداً لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد.

وشدد على أن هذه الرؤية الفذة ستشكل منهجية عمل للحكومة لتكون الأسرع نهوضاً والأذكى في استباق متطلبات مرحلة عالم ما بعد كوفيد-19.

جاء ذلك، في كلمة خلال أعمال اجتماع حكومة دولة الإمارات «الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد-19» الذي يعقد «عن بعد» تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ظل الإجراءات الاحترازية الوطنية التي تتخذها الدولة للحد من فيروس كورونا المستجد، بمشاركة أكثر من 100 مسؤول حكومي من الوزراء ورؤساء الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، ووكلاء الوزارات ومديري عموم الجهات الاتحادية والمحلية، لبحث انعكاسات الفيروس على القطاعات الحيوية في الدولة من حيث الفرص والتحديات والاستعداد لمرحلة ما بعد «كوفيد-19».

وقال القرقاوي إن قيادة دولة الإمارات تولي حياة الإنسان وصحته وسلامته أولوية قصوى، وتتبنى تضافر الجهود وتعزيز روح الفريق الواحد لاحتواء هذه الأزمة وصناعة مستقبل مشرق للدولة، مشيراً إلى أن الاجتماع يترجم توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأننا أمام مهمة عظيمة هي صياغة خطة الدولة لما بعد كوفيد-19، والهدف الواضح الذي حدده سموه أن نكون الدولة الأسرع نهوضاً وعودة وتعافياً في العالم.

وأضاف أنه «بفضل المتابعة والدعم والثقة الكبيرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، دولتنا بخير وحكومتنا بخير، والتعامل مع الوباء العالمي كان على مستوى استثنائي عبر كافة القطاعات والجهات والمؤسسات»، مثمناً الدور المحوري للمجلس الأعلى للأمن الوطني ممثلاً بالهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث بقيادة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني في تنفيذ خطط الاستجابة الوطنية الميدانية وتنسيق الجهود بتناغم وتكامل أكد كفاءة وجهوزية منظومة إدارة الأزمة بكل مهنية واقتدار.

3 دروس مستفادة

وقال الوزير القرقاوي «إن المهمة الحالية لفريق حكومة دولة الإمارات اليوم تتمثل بالتفكير فيما بعد كوفيد-19، وكيف يمكن أن نحافظ على المكتسبات ونحمي مواردنا المالية والبشرية، ونعيد ترتيب أولوياتنا الوطنية، ونعيد تشغيل اقتصادنا، وكيف نحافظ على الحياة الكريمة لمواطنينا والمقيمين على أرضنا».

وتطرق وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل إلى 3 دروس أساسية يمكن استخلاصها من فترة الشهرين الماضيين، الأول أن تفشي الفيروس سرع تحويل العديد من الحلول المستقبلية التي استشرفتها القمة العالمية للحكومات، فحول العمل عن بعد إلى واقع مدعوم بجاهزية حكومة الإمارات التي تعمل بالكامل عن بعد كما أن التعليم تحول إلى تجربة مستقبلية للتعلم عن بعد عبر منصات افتراضية، مستنداً إلى تجارب متقدمة مثل برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي، ومنصة «مدرسة»، وبنية تحتية ذكية في وزارة التربية والتعليم.

وأشار إلى أن الدرس الثاني يتمثل في أن تجارب التاريخ أكدت أن أكبر التغييرات العالمية جاءت بعد أحداث عظيمة، وأن ما يشهده العالم في هذه المرحلة يمثل حرباً عالمية ثالثة مع هذا الوباء وآثاره الاقتصادية، ومن ثم يستعيد الاقتصاد عافيته، مؤكداً أنه بعد الانتهاء من الأزمة سيكون هناك نظام عالمي جديد وتغيرات جيوسياسية تتجه بعض الدول إثرها إلى الانكفاء الداخلي على مستويات التصنيع والأمن الغذائي فيما سيتصاعد دور الحكومات وستتحكم التكنولوجيا في جزء كبير من الحياة اليومية ويتغير شكل الاقتصاد بتراجع قطاعات وظهور قطاعات جديدة.

وأوضح القرقاوي أن ثالث دروس هذه المرحلة يتمثل في أن الأزمة وفرت فرصة كبيرة لخلق نموذج جديد للحكومات أكثر مرونة، حكومة تستطيع التعايش مع الموارد المالية المتاحة وتستطيع تطوير موارد جديدة وتستطيع التعامل مع متغيرات سريعة وأولويات وطنية مختلفة وتضمن الحفاظ على حياة كريمة للمواطن.

شكل جديد للحكومة

وتناول محمد القرقاوي عدداً من الملفات المحورية على أجندة حكومة دولة الإمارات للفترة المقبلة، لا بد من العمل عليها برؤية واضحة للنهوض السريع، متسائلاً عن نوع الوظائف والأنظمة التي نحتاجها في المستقبل.

وأشار إلى أهمية وجود نظام جديد لقياس الإنتاجية في ظل العمل عن بعد وتعديل الأنظمة واللوائح التي تتناسب مع مستجدات المرحلة والأهداف والأولويات الجديدة.

و أكد أهمية ترسيخ ثقافة جديدة ومهارات جديدة وأنظمة مختلفة والتخلي عن الطرق التقليدية في العمل، مثل العمل عن بُعد لبعض الفئات بشكل دائم في ظل وصول نسبة الاعتماد على التطبيقات الذكية في تقديم الخدمات إلى 95%، مشيراً إلى أن حكومة الإمارات تتمتع بكل الإمكانات لخلق نموذج جديد يتناسب مع واقع مختلف ويتمكن من مواجهة تبعات «كوفيد-19» على المدى المتوسط.

خطة عملية لإعادة فتح الاقتصاد

وأوضح وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل أن الملف الثاني يتمثل في تطوير خطة عملية لإعادة فتح وتنشيط الاقتصاد، وتفعيل القطاعات الحيوية، مثل السياحة والصناعة والصادرات والأسواق المالية والبنوك والتجزئة، وغيرها، وتحفيزها بأفكار جديدة.

وأكد أن الاقتصاد هو محرك للحكومة والوظائف والأمن الاجتماعي والاستقرار، ومحرك للحياة، وأن الواقع الجديد الذي فرضه «كورونا» على العالم، يتطلب جهوداً استثنائية وفرق عمل متخصصة تستطيع التعامل معه ومواجهة تبعاته.

وقال محمد القرقاوي إن الملف الثالث على أجندة الحكومة يتمثل في توجيه الموارد البشرية لقطاع ريادة الأعمال مثل القطاع التقني وتقنيات الزراعة الحديثة والتعليم عن بعد وأدوات التعليم عن بعد، وتدريب آلاف الشباب والشابات في القطاع الطبي الذي أكدت الجائحة أهميته في تحقيق الاستقرار الاقتصادي للدول، مشيراً إلى أهمية النظر في الأدوات والوسائل الكفيلة بتطوير منظومة فرص جديدة.

وتساءل: «هل نحتاج 12 سنة من التعليم المدرسي في العصر الحالي بالنظر إلى أن حجم المعارف التي يكتسبها الطالب في عام واحد عالٍ جداً عما كان قبل عقود؟ وهل يحتاج الإنسان إلى 4 سنوات دراسة جامعية في عصر تعادل فيه معرفة عام واحد، معارف كانت تتطلب من الإنسان التعلم لفترات طويلة جداً في الماضي».

وقال محمد القرقاوي: «هل لدينا مناهج عن الثقافة المالية؟ هل لدينا مناهج في الجامعات حول ريادة الأعمال وتأسيس المشاريع التجارية والصناعية، علينا التفكير بطريقة مختلفة تفيد مجتمعنا وتضمن مستقبلاً أفضل لأجيالنا».

ثقافة عدم الإسراف

وأكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل أهمية تبني رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مداخلته الأخيرة في محاضرة الأمن الغذائي حين تحدث عن الإسراف، وأكد أن هناك موروثات لا بد أن نتخلى عنها لأنها لا تنفعنا مثل الإسراف.

وقال محمد القرقاوي: «اليوم أعتقد هناك فرصة كبيرة لتغيير ثقافة المجتمع وتسريع الانتقال نحو ثقافة تتناسب مع الأوضاع الجديدة، نحن لدينا إسراف في تكاليف الحياة والكماليات، ونحتاج خطة لهندسة ثقافة جديدة للمجتمع، تمكننا بعد هذه الأزمة من أن يكون لدى شبابنا وأجيالنا ثقافة مالية قوية».