الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

أطباء: الصحة النفسية السليمة أول الطرق لمواجهة كورونا

تعد الحالة النفسية للإنسان من الدعائم المهمة لمواجهة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» الذي انتشر في جميع دول العالم تقريباً، ومن أجل مواجهته تحتاج المجتمعات إلى حصانة نفسية كافية لمواجهة القلق والخوف من المجهول الذي أصاب الناس جراء انتشاره السريع والذي أجبرهم على التحصن في بيوتهم للنجاة من هذا الفيروس.

وقال نائب المدير التنفيذي للشؤون الطبية استشاري الطب النفسي في مستشفى العين التابع لشركة «صحة» الدكتور غانم الحساني إن الشعور بالتوتر وبعض القلق هو أمر طبيعي في التعامل مع المواقف الحياتية الصعبة أو الشديدة وهو الدافع للاستعداد والتجهيز لمواجهة هذا الموقف وكذلك هو الحال بالنسبة لجائحة فيروس كورونا المستجد حيث يكون الشعور الطبيعي بالقلق مهماً وذلك حتى يتخذ الإنسان الإجراءات المناسبة لحماية نفسه وغيره مما يجعله يشعر بالأمن والأمان.

وأضاف أن اتباع التعليمات الصحية للوقاية من انتقال العدوى هو السبيل الوحيد الذي يجعل الشخص يشعر بالأمان الحقيقي المبني على الأخذ بالأسباب وخاصة أننا نعيش في دولة الإمارات التي تعد من الدول الـ10 الأولى عالمياً في القدرة والجهوزية للاستجابة لهذه الجائحة مما أضاف بعداً مهماً للشعور بالأمان لكل المواطنين والمقيمين على أرض الإمارات.

وأوضح أنه فيما يخص تقديم الدعم النفسي فقد وفرت الجهات الصحية في دولة الإمارات بما فيها شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» خطاً ساخناً لتقديم الدعم المباشر للطواقم الصحية ولأفراد المجتمع مما ساهم بشكل كبير في التقليل من الآثار النفسية السلبية الناجمة عن انتشار هذا الوباء.

وأشار إلى أنه تم التعامل بكل حرفية مع حالات تعاني من الوسواس القهري و اضطرابات القلق والاكتئاب النفسي مما عرضهم لضغوط شديدة مما استدعى تقديم الإرشاد والدعم النفسي والسلوكي لمساعدتهم للتعامل مع مشاعر الخوف أو القلق وتخطي هذه المرحلة للوصول إلى تقبل واستعداد نفسي للتعايش مع الأجواء الناجمة عن هذه الجائحة.

ومن جانبها قالت استشاري طب نفسي في جناح العلوم السلوكية في مدينة الشيخ خليفة الطبية التابعة لشركة أبوظبي للخدمات الصحية »صحة» الدكتورة فاطمة راشد المنصوري إن هناك عدة طرق لمواجهة الخوف الناجم عن انتشار فيروس كورونا المستجد وهي تقبل الخوف الفسيولوجي الطبيعي وعدم مقاومته أو الهروب منه وتعلم آلية التعامل مع الخوف بالطريقة التي تناسب كل شخص مثل ممارسة تمارين الاسترخاء.

وعن تأثير الفيروس على الأسرة نفسياً وكيفية التعامل فيما بين أفراد الاسرة خلال هذه الفترة أكدت المنصوري على أن انتشار فيروس كورونا سبب ضغطاً كبيراً وغير مسبوق قد يؤدي إلى زيادة في العنف الزوجي والأسري لفظياً وجسدياً إن لم يسارعوا بمعالجته، فهدوء الوالدين ينعكس على أطفالهم وعليهما شرح حقيقة ما يجري والإجراءات الاحترازية بعبارات يسهل فهمها ومراعاة مشاعر الأبناء مع الحرص على بث الأمل والتفاؤل.

وأشارت إلى أن على الأسرة التقليل من آثار التباعد الجسدي والوحدة بالتواصل التكنولوجي والتركيز على جوانب قوتهم في مواجهة هذا التحدي والتركيز على أن هذا التحدي مؤقت وسيزول بمشيئة الله والحرص على مواصلة روتين الحياة ما أمكن. وفي حال أصيب أحد أفراد الأسرة بالفيروس فعلى أفراد الأسرة التعامل معه على أنه مريض عادي وإشاعة جو التفاؤل وأنه سيمر بسلام كما حدث مع الكثيرين إذ أصيب به البعض ولم تظهر عليه أية أعراض وبعضهم ظهرت عليهم أعراض بسيطة... وضرورة الإبلاغ والمتابعة والشفافية مع المصاب من أفراد الأسرة وإعلامه بوضعه والتعامل معه بكل إيجابية.

وعن كيفية تحويل المشاعر السلبية نتيجة سماع الأخبار السلبية عن كورونا إلى ‏مشاعر إيجابية، قالت الدكتورة المنصوري في الوقت الحالي يعتمد الناس كثيراً على التكنولوجيا ومن خلال ذلك يمكننا قلب موازين الوحدة التي قد تنتج عن التباعد الجسدي بالتواصل التكنولوجي وهذا يؤدي إلى قلب الاحساس بالضعف إلى إحساس بالقوة والتمكن، إذ إن الإحساس بفقد السيطرة بالإمكان عكسه إلى الإحساس ببعض السيطرة من خلال الحرص على استمرارية روتين الحياة بشكل شبه طبيعي مع الحرص على الإجراءات الاحترازية والتفكير بروح سامية حيال ما يحدث والتركيز على الأحاسيس اللحظية والآنية يحررنا من أسر الأفكار والمخاوف السلبية والتعاطف مع ذواتنا ومع من حولنا مع الإشادة بكل ما نحاول القيام به وتغيير الإحساس بالخوف بالله مما يعطي الإحساس بالأمان.

وقالت الدكتورة فاطمة إن الشعور بالحزن والقلق أمر طبيعي وهو أمر فيسيولوجي إذ يعد الجسم نفسه للمواجهة أو الهرب ذهنياً بالخوف وبدنياً وتقوم هرمونات الجسم بمد الجسم بما يحتاجه من طاقة وضخ المزيد من الدم وارتفاع ضغط وزيادة ضربات القلب وتوسعة وتضييق الأوعية الدموية فاستمرارية ردة الفعل هذه بالخوف لفترة طويلة قد يتعب الجسم بدنياً وذهنياً لذلك فمن المعروف أن التعامل مع الأوبئة ومنذ القدم يكون بالتباعد الجسدي ومهارة التعامل مع الخوف.

وأكدت على أن الأشخاص الأكثر عرضة للضغوط بشكل عام هم الشخصيات القلقة أي الشخصيات التي لا تستطيع تقبل المجهول وفقدت السيطرة والذين ارتباطهم الأسري غير آمن ومن عندهم مرض نفسي والأشخاص الذين لديهم ظروف اجتماعيه صعبة ومن لا سند لهم ولا معين والذين لا يمتلكون مهارات التواصل ومن يفتقد الدعامة الروحانية وكبار وصغار السن وموظفو القطاع الصحي.

وعن التقليل من الخوف والفزع والحزن لدى من أصيبوا بالفيروس وعن أهلهم قالت: يمكن التقليل من الخوف والحزن لمن أصيب بالفيروس بالاستماع لمخاوفهم والسماح لهم بالتعبير عنها والتواصل المستمر لإشعارهم بالدعم وتقليل الوحدة والتركيز على أهمية استمرار الروتين اليومي حيث إنه يشعر الإنسان بالقوة وبعض السيطرة والتركيز على الجوانب الإيجابية الحالية.

وعن الأشخاص الذين يجب عليهم مراجعة الطبيب النفسي في هذه الظروف قالت: في حال كانت الأعراض النفسية قوية ولم يستطع الإنسان التكيف والتعامل معها بمفرده وخاصة إذا أعاقت حياته الوظيفية والاجتماعية فعند ذلك يجب مراجعة الطبيب النفسي لمساعدته على تجاوز الحالة التي يعاني منها. وعن مواجهة الآثار النفسية بسبب فقدان الحياة الطبيعية أو فقدان أحد الأحبة بالوفاة نتيجة الإصابة بالفيروس قالت لا شك أن انتشار فيروس كورونا المستجد أثر بشكل كبير على مجريات حياة الناس وأعاد صياغة الحياة بالمفهوم والوضع الحالي، وعلى الرغم من ذلك فإن ما جرى لا يمنع بأي حال من الأحوال من استمرار دفة الحياة بشكل أو بآخر مع التركيز على الزوايا الإيجابية ونقاط القوه في القدرة على التكيف فالحزن نتيجة الفقد يمر بمراحل: أولها الصدمة التي قد يليها الإنكار ثم الغضب الذي قد يليه المساومة والمقايضه ثم الحزن ثم التقبل فجميع ما سبق مراحل طبيعية قد يمر فيها من فقد عزيز وتقوم دفاعات الجسم النفسيه بمساعدة الفاقد للوصول لمرحلة القبول.

أما أخصائية علاج نفسي في مستشفى العين التابع لشركة «صحة» الدكتورة مريم سلطان العلي فقالت إن أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها هم أكثر الناس شعوراً بالأمان إذ إن لديهم قناعة كبيرة وثقة في أن دولة الإمارات حريصة أشد الحرص على سلامة أفراد المجتمع وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لهم في جميع الظروف وهذا ما لمسناه من خلال التعامل اليومي مع المصابين وذويهم الذين كانوا ممتنين لما يقدم لهم من الرعاية والعناية والاهتمام.

وأضافت أن الكثير من المرضى كانوا بحاجة لمن يستمع لهم ويتيح لهم الفرصة للحديث ومن خلال الاستماع لهم والحوار معهم تبين أن لديهم معلومات مغلوطة عن فيروس كورونا ومن هؤلاء أحد الآسيوين الذي كان في بلده ويتناول علاجاً محلياً وتواصل أبناؤه المقيمون في الإمارات معنا وتحدثنا مع المريض الذي كان مرعوباً جداً ويعتقد أنه سوف يموت لكن بحمد الله ومن خلال ربطه مع أحد الأطباء النفسيين تمكنا من تبديد الخوف والرعب الذي كان لديه وأوضحنا له الحقائق عن المرض وقدمنا له التوجيهات للتعامل مع حالته إلى أن تحسن وشفاه الله.

وأوضحت أن هناك نوعاً من المرضى لديهم تقبل للمرض ولكن يحتاجون من يكون إلى جانبهم وهم في العزل وذلك من خلال التواصل الهاتفي مما كان له الأثر الإيجابي الكبير على نفسياتهم وهناك أشخاص تحتاج حالتهم لمواصلة التواصل معهم حتى بعد شفائهم ومغادرتهم للمستشفى.