الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

أطباء: «كورونا» فقد جزءاً من حدته.. وانحساره حتمي خلال الفترة المقبلة

أطباء: «كورونا» فقد جزءاً من حدته.. وانحساره حتمي خلال الفترة المقبلة

أكَّد أطباء ومتخصصون أن انخفاض مؤشر الإصابات بفيروس كورونا في الإمارات يرجع إلى أسباب عديدة، أهمها: تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي والالتزام بالتدابير الاحترازية والوقائية، وإجراء المسوحات المبكرة بأعداد كبيرة للكشف عن الفيروس، بالإضافة إلى احتمالية حدوث تحورات جينية بالفيروس نفسه.

وقال استشاري ورئيس قسم العناية المركزة بمستشفى دبي الدكتور أشرف الحوفي، إن أهم الأسباب انخفاض أعداد الإصابات في الدولة، هو الإجراءات الاحترازية التي فرضتها الجهات المسؤولة، سواء التباعد الاجتماعي، أو الإغلاق المؤقت لكثير من المنشآت، أو الالتزام بارتداء الكمامات وغيرها من التدابير.

وأضاف أن انخفاض أعداد الإصابات بالفيروس أمر طبيعي وسيستمر خلال الفترة المقبلة، لأن الفيروسات تأتي في أوقات معينة وتسبب موجة كبيرة، وكان هذا واقعاً خلال الأشهر الأولى للإصابة بـ(كوفيد-19)، حيث لم تكن الناس تعرفت عليه، وبعدها تحدث تحورات في الفيروس فتقل خطورته وتتحول إلى موجات فيما بعد، وذلك خلال فترات زمنية ليست قليلة، وتتيح هذه الفترات، التي تصل إلى سنوات، التخلص من الفيروس بعد إيجاد لقاح مضاد له.

وأوضح أن ما يحدث مع (كوفيد-19) تكرر مع إنفلونزا الخنازير وإنفلونزا الطيور وميرس كورونا وسارس، حيث كانت حادة في البداية ثم انخفضت وهذا أمر طبيعي بالالتهابات الفيروسية، فالجسم يتعرف عليها ثم ينحسر الفيروس، وطبيعة الفيروسات تختلف عن البكتيريا، حيث تحدث التحورات في الفيروسات وتعود موجات جديدة منها على شكل فيروسات جديدة بمسميات وأعراض جديدة، فمثلاً الإنفلونزا الموسمية يتم صنع لقاح مختلف لها كل عام عن العام السابق بسبب تحور الفيروس.

وأوضح الحوفي: أعتقد أن الإصابات ستنحسر خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع التزام الجمهور بالاحتياطات والتباعد الاجتماعي ولبس الكمامات والاهتمام بغسل اليدين والتطهير، تزامناً مع جهود تصنيع لقاحات له.

وأشار إلى أنه لا توجد مدة زمنية معينة للتحور الفيروسي، ولكن يمكن قياسها بسنوات، حيث ظهرت كورونا عام 2000 وحدثت مشكلة، وتحور إلى سارس عام 2003 وكان مميتاً، ثم تحور إلى إنفلونزا الطيور والخنازير بنهاية العقد الأول من الألفية الثالثة عام 2009، مروراً بميرس كورونا عامَي 2013 و2015، وصولاً إلى (كوفيد-19) خلال العام الحالي، وهذا يبين أن تحور الفيروس يستغرق سنوات.

قال استشاري ورئيس قسم الأمراض التنفسية في مستشفى زايد العسكري ورئيس جمعية الإمارات للأمراض الصدرية البروفيسور أشرف الزعابي، إن تسجيل الحالات المصابة بـ(كوفيد-19) في دول العالم يبدأ عند وصول إجمالي الحالات بأي دولة إلى 100 حالة، وتظل الحالات في تزايد حتى الوصول إلى فترة معينة قد تكون أياماً أو أسابيع أو شهوراً، وتبدأ أعداد الحالات في الاستقرار.

وأشار إلى النموذج الإيطالي في الإصابة بـ(كوفيد-19)، حيث استمر منحنى الإصابات في التصاعد بشكل متسارع بالتزامن مع ارتفاع أعداد الوفيات، وعند مرور حوالي شهرين ونصف من بدء المرض بها، استقر المنحنى وبدأ في الانخفاض، وتبعتها دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا وغيرها، وبالتأكيد الإمارات ليست منفصلة عن العالم في ذلك الشأن.

وكشف عن أن ما يلمسه الأطباء بالمستشفيات في الإمارات، وهو شخصياً في عمله، لا يتوقف عند انخفاض عدد الإصابات فقط، بل امتد إلى مؤشر إيجابي هو ضعف وقلة حدة الفيروس، حيث أصبح عدد المرضى الذين يتطلبون الدخول إلى العناية الحرجة أقل بكثير عن بداية انتشار المرض في الدولة.

وفسَّر الزعابي قلة حدة المرض بقوله: تاريخياً كانت نسبة 10% إلى 20% تقريباً من مرضى السارس في العالم يموتون، وبالتالي فهو مرض أكثر خطورة على الشخص، والمرض القاتل ينتهي بسرعة بسبب موت المصابين بسرعة، ولكن حدثت تحورات جينية في السارس، وأي تحور قد يجعل الفيروس أشد فتكاً أو أقل خطورة، وفي حالة السارس أدى هذا التحور إلى انخفاض حدة الفيروس، وفي تجربة (كوفيد-19) هناك عدة احتمالات لقلة حدة الفيروس، أولها: أن الفئة العمرية لسكان الدولة أقل بكثير من معدل الفئة العمرية للمصابين بأوروبا على سبيل المثال، وبالتالي من المنطقي أن يكون تأثر المصاب الأقل عمراً أقل حدة من غيره.

والسبب الثاني أن نوع الفيروس وتركيبه الجيني والتحورات التي تطرأ عليه، وكذلك المريض نفسه وتركيبه الجيني ومدى إمكانية أن يكون هذا المريض عرضه للمضاعفات، وعموماً التركيب الجيني للإنسان يحدد مدى تحمله للأمراض.

وأضاف الزعابي أنه من المفترض، وفقاً للدراسات العالمية، هناك فئات أعلى خطورة عند الإصابة بهذا الفيروس مثل كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة ومرضى السرطان وغيرهم، إلا أنه وخلال عمله، أشرف على علاج سيدة مصابة بكورونا تبلغ من العمر 82 عاماً وتعافت من الإصابة، وكذلك تعافى مريض آخر مصاب بالسرطان، لذا لا يمكن تعميم القاعدة، بل هناك استثناءات يمكن ألا تتعرض لمضاعفات بسبب الاحتمالات السابق ذكرها.

ونوَّه الزعابي بأن الإمارات، وبفضل من الله سبحانه وتعالى على أهل هذا البلد، ما زالت ناجحة في التعامل مع هذا الوباء وكانت أضراره أخف كثيراً عن كثير من الدول الأخرى، بسبب قوة البنية التحتية الصحية بالدولة، واتخاذ إجراءات سريعة ومناسبة مثل العمل عن بُعد، ومنع التجمعات، وبرنامج للتعقيم الوطني، وإغلاق المراكز التجارية، والالتزام بارتداء كمامة الوجه، وغيرها من الأمور التي فرضت واقعاً من التباعد الاجتماعي الذي أدى إلى انخفاض مؤشرات الإصابة، متوقعاً استمرار الانخفاض خلال الفترة المقبلة، بشرط التزام المواطنين والمقيمين بالإجراءات الاحترازية التي تعلنها الجهات المسؤولة بالدولة، وتحمل كل شخص جزءاً من هذه المسؤولية لمحاربة هذا الوباء.

فيما أكدت المتحدث الرسمي عن القطاع الصحي في الإمارات الدكتورة فريدة الحوسني لـ«الرؤية»، أن التباعد الاجتماعي والفحوصات المبكرة كان لهما دور كبير في انخفاض مؤشر الإصابات بـ(كوفيد-19) خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن التوسع في الفحوصات الاستباقية خطوة مهمة للحد من انتشار أي فيروس.

فيما قال استشاري الأمراض الصدرية الدكتور بسام محبوب، إن التزام الناس بالإجراءات الاحترازية والتباعد الجسدي، بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على مدار الأشهر الماضية، كان لها تأثير كبير في الحد من الإصابات، لافتاً إلى أن انخفاض مؤشر الإصابات يشير إلى أن المرضى تم علاجهم بشكل سليم، وفقاً لبروتوكولات علاجية منضبطة، وبالتالي لا يكون المتعافي مصدراً لعدوى غيره في فترة النقاهة التي تلي التعافي.