الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

«كورونا» يغير بوصلة الطلبة نحو التخصصات الجامعية المطلوبة

كشفت جامعات في الدولة أن التخصصات الصحية باتت تشهد إقبالاً لافتاً من قبل الطلبة المستجدين لتصبح في الصدارة مع تخصصات أخرى مطلوبة في الآونة الأخيرة، تزامناً مع جهود مكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، مشيرة إلى أن أغلبية الطلبة كانت تتجه نحو تخصصات إدارة الأعمال في السنوات الأخيرة.

وأوضحوا أنه بالرغم من أن تخصص إدارة الأعمال لا يزال مطلوباً ولكن الظروف الحالية دفعت بالطلبة نحو تخصصات تنسجم مع مستقبل المهن المتوقع والذي يركز على الوظائف التي يمكن ممارستها عن بعد، وتتصل بشكل مباشر مع تطورات سوق العمل.

من جانبهم أوضح طلبة في المرحلة الثانوية أن الظروف الحالية التي يواجهها العالم أثرت على تغيير بوصلتهم الدراسية وحولت رغبتهم من دراسة إدارة الأعمال إلى التفكير في تخصصات علمية وطبية وتكنولوجية، مؤكدين على ضرورة رسم خطط حياتية على المدى الطويل تتناسب والواقع الحالي ليكونوا أكثر استعداداً لمواجهة المستقبل بكافة ما يحمله من متغيرات.

تخصصات صحية

وأفصحت مساعدة العميد لشؤون الطلبة في كلية الآداب وعلوم الاستدامة بجامعة زايد الدكتورة فاطمة العنوتي عن زيادة القبول في التخصص الرئيسي للصحة العامة والتغذية بنسبة 20%، مبينةً أن هذا التخصص يمكن الطلبة من التعلم ودراسة علم الأوبئة، متوقعةً زيادة إقبال أكبر العام المقبل بعد الشراكة مع وزارة الصحة وخدمات الإسعاف المتنقلة التي تمت الصيف الجاري.

وأوضحت أن تخصصات الابتكار التكنولوجي والعلوم الإنسانية والصحية كانت من أبرز التخصصات التي شهدت أيضاً إقبالاً على التسجيل من قبل الطلبة، موضحةً أن التخصص الرئيسي الأكثر صلة بمواجهة جائحة «كوفيد-19» والذي توفره الجامعة للطلبة هو الصحة العامة والتغذية إلى جانب تخصص علم النفس لأنه يتعامل مع الصحة العقلية والنفسية للأفراد.

تسجيل مفتوح

ورجحت جامعة أبوظبي أن تشهد برامج الصحة الجديدة في كلية العلوم الصحيّة إقبالاً من المستجدين بالتزامن مع جهود الدولة والعالم كله في محاربة انتشار الأوبئة والأمراض.

وأرجعت سبب الإقبال على التسجيل في التخصصات الطبية إلى تلبيتها احتياجات ملحة في القطاع الصحي، لافتة إلى برامج حالية تتم في الكلية وهي الصحة والسلامة البيئية وبكالوريوس العلوم في الصحة العامة، كما تتضمن البرامج بكالوريوس العلوم في علم الوراثة الجزيئية والطبية، بكالوريوس العلوم في تحاليل المختبرات الطبية، بكالوريوس العلوم في التغذية والحميات، وجميعها تندرج تحت بند القبول المشروط.

وأشارت الجامعة إلى أن باب التسجيل لا يزال مفتوحاً أمام الطلبة ولم تنطلق بعد أي فصول دراسية جديدة، لذلك لا يزال الوقت مبكراً لمقارنة نسبة إقبال الطلبة على تخصص ما بالمقارنة مع العام الماضي.

علوم إنسانية

بدوره، أوضح مدير إدارة التسجيل في جامعة السوربون أبوظبي علاء حسن أن المرحلة التي يمر بها العالم اليوم نتيجة جائحة كورونا بما فيها من تغيرات كبيرة، أثرت بلا شك على نمط حياة الأفراد وأولوياتهم وكان لها وقع كبير على توجه الطلبة في اختيار تخصصاتهم، إذ طال التغير مستوى الماجستير حيث تزايد الإقبال على تخصص ماجستير اقتصاديات القطاع الصحي بعد أن كانت تخصصات إدارة الأعمال تتفرد بالصدارة بحسب تعبيره.

وقال: «لاحظنا اهتماماً متزايداً على التسجيل في تخصصات العلوم الإنسانية بمجال علم الاجتماع بسبب شعور الجميع بأهمية دورها في مساعدة المجتمع على العودة للحياة الطبيعية بعد فترة عزلة ليست بالقصيرة، الأمر الذي انعكس على مختلف المستويات ومنها الاهتمام ببرنامج البكالوريوس المزدوج في الفلسفة وعلم الاجتماع الذي زاد بمقدار ما زاد الاهتمام بماجستير علم الاجتماع والبحث العلمي».

تخصصات لا مكتبية

وتوقعت جامعة سوربون أبوظبي توجه الطلبة نحو وظائف لا تستلزم العمل ضمن المكاتب، مبينةً أن التجربة الإماراتية كفيلة بإثبات أن توظيف التكنولوجيا ساهم في تمكين أغلب الوظائف من العمل عن بعد في مثل هذه الظروف الاستثنائية، مشيرةً إلى أنه وعلى الرغم من ذلك تبقى لدى الأغلبية الرغبة في العمل في بيئة عمل تتيح فرصة التواصل البشري المباشر مما يساهم في اكتساب ومشاركة الخبرات.

قطاعات متخصصة

ولفت رئيس كلية الخوارزمي الدولية الدكتور عاصم الحاج إلى ارتفاع إقبال الطلبة على التسجيل في تخصصات الرعاية الطبية الصيف الجاري، تزامناً مع الجهود لمكافحة تفشي جائحة فيروس كورونا «كوفيد-19» واستجابةً لرؤية أبوظبي 2030 والتي تركز على تطوير القطاع الصحي، مضيفاً أن القطاع الصحي أصبح بحاجة إلى التخصصية في المؤهلات العلمية أكثر من المؤهلات العامة وعليه فإن الكلية ماضية قدماً في تنويع برامجها الصحية المتخصصة والتي تلبي احتياجات سوق العمل.

وأشار إلى طرح الكلية العام الجاري لبرنامجين جديدين وهما بكالوريوس الرعاية التنفسية وبكالوريوس الرعاية الطبية الطارئة إضافة إلى البرامج المطروحة سابقاً وهما تحاليل المختبرات الطبية والإدارة الصحية، مؤكداً أن باب التسجيل مفتوح للفصل الدراسي الصيفي الثاني.

التوجه للعلوم

وأيد طلبة مدارس في المراحل الثانوية فكرة التوجه لدراسة تخصصات يسهل فيها العمل خارج المكاتب، أو تسهل العمل عن بعد على غرار تخصص تقنية المعلومات والابتكار التقني، وذلك بعد التجربة التي خاضها الجميع في الفترة الأخيرة والتي أثرت بشكل كبير على نمط العمل الذي يجب أن يتسم بالمرونة.

وعبرت الطالبة في المرحلة الثانوية فاطمة محمد أنها قررت بعد معايشتها للظروف الحالية دراسة تخصص في مجال علم الأحياء والعلوم الصحية والفيزيائية، بسبب ما واجهه العالم من صعوبات وحاجة أعداد متزايدة من الأفراد للمساعدة في مختلف المجالات، مضيفةً أنه على الطلبة أخذ كل الظروف المحيطة التي يمر بها المجتمع والعالم حين اختيار التخصصات العلمية وتحديد مجال العمل في المستقبل حتى يكونوا أكثر فاعلية ومساهة في دعم مجتمعهم بشكل أفضل.

وأوضح الطالب جعفر جهاد أنه كان يخطط لدراسة إدارة الأعمال العام الماضي، إلا أن التجربة التي خاضها خلال أزمة تفشي فيروس كورونا التي شهدها العالم جعلته ينوي التخصص في إدارة تقنية المعلومات حتى يكون له دور فاعل في تسهيل آليات العمل خارج المكاتب، وابتكار طرق جديدة وبرامج تجعل من التواصل عن بعد يسيراً أمام كل القطاعات دون الحاجة للتواجد في مقر عمل.

وأضاف أن ذلك سيسهم بلا شك في خفض نسبة الأفراد الذين يمكن أن يخسروا وظائفهم بسبب صعوبة العمل عن بعد في بعض المجالات، وهو ما حصل بالفعل أثناء جائحة كورونا، مبيناً أن أفكار الجيل الجديد الذي عايش المرحلة يمكن أن تكون مبتكرة وغير نمطية وتساهم فعلياً في دعم عملية التحول إلى الأنظمة الإلكترونية لتأدية مختلف المهام لتتناسب وكل الظروف.

الطب البشري

وأشار الطالب محمد عبدالغفار أنه سيتخصص في مجال العلوم وسيكتفي بأخذ دورات في مجال إدارة الأعمال مبيناً أن جائحة كورونا كانت كفيلة بتقديم دروس وعبر للجميع، وبينت التخصصات الحقيقية التي يحتاجها المجتمع ليكون قادراً على تخطي الأزمات وأهمها العلوم الصحية والاقتصاد، مضيفاً أن كل فرد مسؤول عن خياراته وتحقيق الهدف الأسمى من دراسته الجامعية وهو أن يكون فاعلاً ومؤثراً في كل الظروف، وأن يتجه للتخصصات التي تناسب قدراته واستثمارها لخدمة.

وأوضحت الطالبة جودي عبدالحميد أنها كانت تطمح لدراسة إدارة الإعمال نظراً للفرص العديدة المتاحة في هذا المجال، على الرغم من تفوقها في دراسة المواد العلمية، مؤكدةً أنها قررت أخيراً اختيار الطب البشري ليكون تخصصها بعد جائحة كورونا وتصدر الأطباء كخط دفاع أول لحماية الإنسانية وهو ما لا يستطيع أي إنسان في تخصص آخر تقديمه لحماية أخيه الإنسان.

إرشاد أكاديمي

وشرحت الأخصائية النفسية سحر خوري أن الإرشاد الأكاديمي يعد من أهم الخدمات التي يجب على طلبة الثانوية الاستعانة بها حين التقدم لاختيار التخصص الجامعي، إذ لا تكفي الرغبة الفردية في دراسة مجال معين حتى يتحقق هدف الطالب في تكوين مسيرة مهنية وعلمية ناجحة، موضحةً أن الطالب في المرحلة الانتقالية من المدرسة إلى الجامعة يحتاج لتوجيه ومشورة واضحة من قبل خبراء ومتخصصين حتى يتمكن من تقييم قدراته ورسم خطته المستقبلية تبعاً لعوامل ومتغيرات على كافة الصعد التي أهمها سوق العمل.

ولفتت إلى تغير واضح بتوجهات الطلبة في الآونة الأخيرة، ويرجع الأمر إلى الظروف الراهنة التي يمر بها العالم في مواجهة جائحة كورونا «كوفيد-19» والتي بلغ أثرها النفسي إلى الحاجة لرسم مستقبل وخطط جديدة تتلاءم مع احتمالية استمرار هذه الجائحة أو تكرارها بشكل أو بآخر، وهو ما يجب أن يتفهمه الأهل وتتم مراعاته من قبل الجميع.

وأضافت أن بعض التخصصات كانت بعيدة عن تفكير الكثيرين مثل التمريض أو علم النفس لاعتبارها ثانوية، في حين أثبتت أزمة تفشي فيروس كورونا أهمية هذه المجالات وقدرتها على مساعدة الإنسان لتخطي الأزمات وأهمها الأزمات الصحية والأوبئة.