الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

10 أولويات لقطاع الصحة في الدولة «بعد كوفيد-19»

حدَّد مسؤولون وأطباء 10 محاور لأولويات القطاع الصحي في الدولة مستقبلاً «بعد كوفيد-19»، وأكدوا أن عالم ما قبل هذه الجائحة مختلف عما بعدها في كل الجوانب الصحية، حيث كشف فيروس كورونا المستجد عن تحديات كبيرة تواجه كافة الأنظمة الصحية بالعالم، إلا أن الإمارات كان لديها استعداد قوي للتعامل الأمثل مع هذا الوباء.

وأوضح المسؤولون والأطباء أن أهم ما يجب العمل عليه «بعد كوفيد-19» هو: زيادة استخدام التطبيب عن بُعد، صياغة استراتيجيات اتحادية قوية لمواجهة الأوبئة، صناعة الدواء محلياً، الطب الرقمي، الأبحاث الطبية، وضع استراتيجيات لأنماط حياة صحية، جذب الطلاب المواطنين لدراسة الطب، استخدام الذكاء الاصطناعي في الممارسات الصحية، وتحليل البيانات الصحية للتنبؤ بالأوبئة، وربط البيانات بين كافة الجهات الصحية.

الوقاية الاستباقية

وقالت رئيسة اللجنة الوطنية لإدارة حالات كوفيد-19 الدكتورة نوال الكعبي، إن الأولوية الأولى لقطاع الصحة فيما بعد كوفيد-19، صياغة استراتيجية ونظام قوي للوقاية من الأمراض المعدية، وتوقع هذه الأمراض بشكل استباقي، مع وضع سيناريوهات للمواجهة الاستباقية، بحيث تكون آثار مثل هذه الأمراض محدودة.

وأضافت أن المجتمع الصحي في الإمارات استفاد كثيراً من الدروس خلال جائحة (كوفيد-19)، أهمها النظر إلى الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الأمراض السارية، مثل: أصحاب الأمراض المزمنة والسمنة، ومن لا يتبعون نظاماً غذائياً سليماً ولا يمارسون الرياضة، والمدخنين أيضاً، ما يتطلب صياغة استراتيجية وطنية للصحة العامة تهدف إلى الحد من هذه الأمراض والتشجيع على الحياة الصحية.

ونوَّهت بأن الدولة إذا نجحت في تقليل هذه الأمراض المسببة لعوامل الخطورة، ستكون مستعدة لمواجهة أي وباء بما لا يعرض حياة كثيرين للخطر، مشيرة إلى أهمية تعظيم دور التطبيب عن بُعد والطب الافتراضي بدلاً من اتجاه الناس للمستشفيات لأي سبب، فيجب وضع نظام لمتابعة دورية للمرضى عن بُعد، وأن يكون الذهاب للمستشفى عند الحاجة، وتتم متابعة المريض افتراضياً.

التقصي الوبائي

وأكدت الكعبي على ضرورة تطوير نظام التقصي الوبائي بالدولة، ومع ذلك فالإمارات لديها نظام تقصٍّ وبائي من ضمن الأنظمة الأقوى في العالم، لكنه يحتاج إلى الربط على المستوى الاتحادي، بدلاً من أن يكون هناك نظام لصحة دبي وآخر لأبوظبي وثالث لوزارة الصحة ووقاية المجتمع، هذه الأنظمة يمكن ربطها عن طريق نظام إلكتروني مثل (Icloud) أو غيره من أنظمة التسجيل الطبية الإلكترونية، بحيث إذا ظهرت حالات متعددة مثلاً في الرشح أو الزكام في وقت متزامن بأكثر من إمارة يمكن التنبؤ بمرض مفترض.

دراسة الطب

وأكدت رئيسة جمعية الإمارات الطبية الدكتورة موزة الشرهان، أن جذب الطلاب المواطنين لدراسة العلوم الطبية والصيدلية والتمريض أهم ما يجب التركيز عليه خلال الفترة المقبلة، فخلال الأزمة الحالية يقف الأطباء المواطنون في مقدمة الصفوف.

وأفادت بأن جذب الطلاب المواطنين يتم عبر برامج كثيرة، منها: تقديم رواتب مجزية للأطباء والأطقم المساندة لهم لتشجيعهم على دراسة هذه التخصصات، وإقامة معاهد علمية إضافية لهذه التخصصات، وتشجيع البعثات الخارجية للدراسة، بالإضافة إلى دور الأهل في توعية الأبناء بأهمية المهن الطبية في إنقاذ حياة الناس وخدمة الوطن.

صناعة الدواء

وقالت رئيسة شعبة الصيادلة في جمعية الإمارات الطبية الدكتورة مريم كلداري، إن مستقبل الصحة في الدولة بعد (كوفيد-19) يُحتِّم إنشاء مزيد من المصانع وتشجيع الصناعات الدوائية المحلية المدعومة من قبل الحكومة، على أن تكون هذه المصانع متخصصة في أدوية لعلاج أمراض معينة، وأن تكون جاهزة ومهيأة لإنتاج أدوية الأمراض الوبائية كالفيروسات والميكروبات، فور حدوث أي طارئ.

وأضافت أنه يجب إنشاء مصانع أخرى لإنتاج المستلزمات الطبية والمعقمات وأدوات التطهير الطبي، بحيث تنتج أدوية الحماية الشخصية للأطقم الطبية العاملة في مكافحة الأوبئة، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي بالدولة.

المواد الخام

وأوضحت كلداري أن جائحة (كوفيد-19) كشفت عن تحديات تواجه جميع الأنظمة الصحية في العالم بما فيها الإمارات، أبرزها استيراد المواد الخام، حيث توقفت الصين عن التصدير، في حين أن معظم دول العالم تستورد المواد الدوائية الخام من الصين والهند، ما يتطلب إنشاء مصانع للمواد الخام، حتى لا يكون الاعتماد على الاستيراد بشكل كامل، ويجب استغلال التشريعات المتميزة المطبقة حالياً في الدولة كتشجيع للصناعات الدوائية، حيث تتميز بسهولة عملية التسجيل والترخيص.

وأشارت إلى ضرورة الثقة في المنتج الدوائي المحلي، لأن المجتمعات العربية تعاني من «عُقدة الخواجة»، فتجد الناس لا تثق إلا في الدواء المستورد، في حين أن المحلي مصنوع بنفس الجودة، وفي ظل أدوات ووسائل رقابية مشددة، ويمكن دعم هذه الثقة بتسجيل الأدوية المصنعة محلياً في المنظمات الدولية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وغيرها.

ولفتت كلداري إلى أهمية إنشاء مختبرات الأبحاث الدوائية لدعم هذه الصناعة، لتكون هذه المختبرات مستعدة لإنتاج الأدوية الوبائية، مشيرة إلى أن صناعة الدواء مربحة ولكن ليس كما يتصور البعض، لأن المواد الخام والدراسات التي يتم إجراؤها لصناعة الدواء عمليتان مكلفتان للغاية، وهنا يمكن اعتبار صناعة الدواء «مهمة إنسانية».

وشدَّدت على ضرورة إنشاء مراكز للأبحاث التكافؤية الحيوية، حيث تؤدي هذه المراكز دوراً مهماً في مقارنة تركيبات الدواء المصنعة محلياً مقابل الدواء المُخلَّق (المخترع الأساسي)، مشيرة إلى أن إجمالي الناتج المحلي من الدواء المتاح في الأسواق بالدولة حالياً لا يتعدى 20%، ومن المفترض أن يكون 70%، مثل الدول الرائدة التي تنتج معظم أدويتها محلياً ولا تستورد إلا القليل، لافتة إلى أن مصانع الدواء يجب أن تلتزم بتوفير مواد خام في مخازنها تغطي إنتاج 20% من إجمالي ناتجها السنوي.

تطوير الأبحاث

من جانبه، قال مدير المركز العربي للدراسات الجينية التابع لجائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية، الدكتور محمود طالب آل علي، إن الوعي المجتمعي بأهمية الأبحاث صار واضحاً خلال أزمة كورونا، وجاءت هذه الجائحة لتعطي «صدمة» للفت الانتباه إلى أهمية البحث العلمي في المجال الصحي والدوائي.

وأضاف أن عالم «ما بعد كورونا» يجب أن يركز على تطوير الأبحاث ودعمها، وأن مراكز الأبحاث في الإمارات يجب أن تكون متخصصة بمجالات مختلفة، مثل: الفيروسات والميكروبات وجميع الأمراض السارية الوبائية، مشيراً إلى أنه يجب إنشاء مراكز بحثية لجميع أمراض العصر مثل السكري والسمنة والضغط والقلب وغيرها.