الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

«عد تنازلي».. مسبار الأمل يستعد للانطلاق بحلم الوطن إلى المريخ

«عد تنازلي».. مسبار الأمل يستعد للانطلاق بحلم الوطن إلى المريخ

تستعد الإمارات على قدم وساق لاستقبال الحدث العالمي لإطلاق مسبار الأمل في 15 يوليو المقبل، حيث يجسد هذا الحدث طموح الدولة ورسالتها الإيجابية للمنطقة والعالم، فهو يعتبر أول مسبار يدرس المناخ على كوكب المريخ والغلاف الجوي السفلي، كالعواصف الغبارية والتغيرات في درجات الحرارة، بالإضافة إلى دراسة المناخ فوق القمم البركانية الضخمة الموجودة على سطح الكوكب الأحمر وأعماق الوديان على سطحه.

ويعتبر مسبار الأمل انطلاقة عربية حقيقية في عالم الفضاء ليخلق منحنى جديداً، فجميع المسابير التي أطلقتها الدول المتقدمة لاستكشاف المريخ كانت تأخذ فقط لقطات ثابتة في أوقات محددة من اليوم، ما يجعل «مسبار الأمل» الأول من نوعه في العالم.

وشملت أيضاً أهداف المسبار بناء كفاءات إماراتية يشهد بجهودها في مجال تكنولوجيا الفضاء وتطوير المعرفة، والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية التي تعود بالنفع على البشرية، والتأسيس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة، وتعزيز التنويع وتشجيع الابتكار والارتقاء بمكانة الإمارات في سباق الفضاء، لتوسيع نطاق الفوائد وتعزيز جهود الدولة بمجال الاكتشافات العلمية، وإقامة شراكات دولية في قطاع الفضاء لتعزيز مكانة الإمارات.

في هذا الصدد، قالت وزيرة الدولة للعلوم المتقدمة وقائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ سارة بنت يوسف الأميري، إن مسبار الأمل سيعمل على دراسة التغيرات المناخية ونظام المناخ لكوكب المريخ، وستكون البيانات العلمية متاحة للجميع في سبتمبر 2021 بدون حظر للكشف عن النتائج.

جزيرة تانيغاشيما

منذ استقبالها «مسبار الأمل»، أجريت العديد من الاختبارات والفحوصات عالية الدقة للتأكد من جاهزية المسبار للتحليق، تضمنت فحص خزان الوقود وتعبئته من وقود الهايدروزين، والتأكد من عدم وجود أي تسريبات أو عيوب تصنيع فيه، بالإضافة إلى تركيب مقياس طيفي بالأشعة تحت الحمراء على المسبار، ليقوم بمهمة قياس درجات الحرارة ومدى انتشار الغبار وبخار الماء والجليد في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي للمريخ، عندما يصل إلى مدار الكوكب الأحمر بنجاح.

كما قام الفريق المعني باختبار الفحص البصري لقياس زوايا المحاذاة النسبية بين كل جهاز من الأجهزة العلمية، للتأكد من أنها موجهة بشكل صحيح ولم تتأثر أثناء عملية نقل المسبار، حيث تمثل هذه القياسات مرجعاً مهماً لفريق العمل عندما يصل المسبار إلى الفضاء، لذا ينبغي معرفتها بدقة قبل إطلاقه.

ويتولى الفريق حالياً تجهيز عملية العد التنازلي، ليبدأ مهامه الفنية قبل 7 أيام من عملية إطلاق المسبار إلى الفضاء، والتي تشمل: جاهزية المحطة الأرضية وفريق العمليات، والتأكد الفني والتقني من جاهزية الصاروخ الذي سيحمل المسبار إلى الفضاء.

وصرح قائد اختبارات مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» عمر الشحي، في رسالة مصورة له من المحطة الفضائية تانيغاشيما باليابان، بأن إطلاق المسبار يعتمد على عوامل مختلفة تتم مراعاتها بدقة عالية، منها الطقس الذي يجب أن يكون مناسباً لعملية الإطلاق، ومراقبته بشكل متواصل خلال فترة نافذة الإطلاق، والتي تظل متاحة لنحو الشهر وتحدث كل عامين بسبب اقتراب كوكب المريخ من الأرض.

رحلة وطن

من المخطط أن يصل المسبار إلى المريخ بحلول عام 2021، تزامناً مع ذكرى مرور 50 عاماً على قيام اتحاد الدولة، وسيندفع باتجاه الفضاء بسرعة 34.082 كم/الساعة، وبعد مرور دقيقة على تحرير المسبار من الجاذبية الأرضية سيكمل المسبار رحلته للمريخ عبر النظام الشمسي، وسيحتاج المسبار الفضائي تغير موضعه من وقت لآخر لتوجيه ألواحه الشمسية باتجاه الشمس، بهدف شحن بطارياته ولإعادة توجيه لاقط الموجة الخاص به باتجاه كوكب الأرض.

وستصل مسافة الرحلة إلى 493.5 مليون كم، وستستغرق لاكتشاف المريخ 7 أشهر تقريباً، كما سيحتاج إلى 55 ساعة لإكمال دورة كاملة حول المريخ، وسينطلق المسبار صباح يوم 15 يوليو، الساعة 5:51:27 بتوقيت اليابان، و00:51:27 بعد منتصف الليل بتوقيت الإمارات.

مكونات مسبار الأمل

يتكون المسبار من ألواح شمسية تنتج 1.800 واط كهرباء، بالإضافة إلى هوائي عالي الكسب للتواصل مع الأرض، ويصل وزنه إلى 1.350 كلغ، مثبت على جوانب 3 آليات، ستظهر المريخ عن طريق التصوير المرئي والحراري وموجات الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية.

  • مطياف الأشعة فوق البنفسجية المريخي الإماراتي
  • مطياف الأشعة تحت الحمراء الإماراتي
  • كاميرا الاستكشاف الإماراتية EXI
وبالنسبة لمركبة الإطلاق، تتكون من صاروخ دفع يستخدم الوقود الصلب 510.00 ورطل من الدفع وفوهة متحركة، ومحرك LE-7Aو247.000 رطلاً من الدفع، بالإضافة إلى خزان هيدروجين سائل وخزان الأكسجين السائل وغطاء حمولة.

مراحل تصنيع المسبار

بدأت مرحلة التصنيع والتصاميم الأولية في 2015 ـ 2016، وفي 2017 تم عمل مراجعة نهائية على التصاميم، و بدأت مرحلة البدء والاختبارات في 2018 ـ 2019، لتكمل مرحلة التحليق والانطلاق نحو الكوكب الأحمر في 2020، وفي 2021 الوصول المتوقع إلى المريخ ثم مرحلة عمليات القياس العلمي والتي ستكون في 2022 ـ 2023.

فريق المشروع والشركاء

يتكون الفريق القائم على مسبار الأمل من 150 إماراتي وإماراتية من الكفاءات الوطنية من باحثين ومهندسين، بالتعاون مع المؤسسات العلمية الشريكة داخل وخارج الدولة، بالإضافة إلى الشركاء الأكاديميين من جامعة كولورادو، وجامعة ولاية أريزونا، وجامعة كاليفورنيا بيركلي، ومختبرات علوم الفضاء.

وتمثلت جهودهم في تجهيز ونقل المسبار من مركز محمد بن راشد للفضاء إلى مطار آل مكتوم الدولي بدبي، واستغرقت هذه العملية نحو 16 ساعة، وامتدت المرحلة الثانية لنقل المسبار من مطار آل كتوم إلى مطار ناغويا في اليابان حوالي 11 ساعة، وشملت شحن المسبار ومعدات الدعم الأرضية إلى طائرة النقل العملاقة الخاصة بالدعم اللوجستي من طراز «أنتونوف 124» العملاقة، أكبر طائرة شحن في العالم.

أما المرحلة الثالثة فامتدت من مطار ناغويا إلى موقع الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما، وشملت إنزال المسبار من الطائرة وفحصه والتأكد من سلامته، ثم نقله براً من المطار إلى ميناء شيماما، وبعدها نقله بحراً إلى جزيرة تانيغاشيما، حيث امتدت الرحلة 56 ساعة، وبعد وصوله من الميناء المتخصص بالجزيرة، عمل الفريق في موقع الإطلاق على تنزيل وفحص المسبار قبل البدء بعمليات التجهيز للإطلاق.

لا يوجد مستحيل

وقال وزير الدولة لشؤون التعليم العالي ورئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء الدكتور أحمد بن عبدلله حميد بالهول الفلاسي: «قمنا بتخطي تحديات عديدة في الفترة السابقة، على غرار مشاريع دول أخرى تم إلغاؤها على خلفية التحديات اللوجسيتة الناجمة عن تفشي وباء فيروس كورونا، والتي تخطاها فريق مشروع مسبار الأمل بالفعل».

ومن جانبه، صرح مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء يوسف الشيباني بأن مشروع مسبار الأمل هو نتاج للمبادئ التي أصلتها القيادة في أبناء هذا الوطن، ومفادها أن التحديات هي فرص جديدة للتعلم، والمخاطرة أساس التقدم، وأنه ليس هناك مستحيل».

لحظة الحسم

وستكون لحظة حاسمة ونقطة تحول أخرى لهذا المشروع عندما يقترب المسبار كثيراً إلى كوكب المريخ، وقد تكون هذه اللحظة الأكثر صعوبة، لأن في هذه اللحظة سيكون المسبار بعيداً وستستغرق الإشارات اللاسلكية من 13 إلى 20 دقيقة لتصل إلى كوكب الأرض، لهذا صممت برمجيات المسبار بحيث يكون ذاتي التحكم قدر المُستطاع، وقادراً على اتخاذ القرار لتصحيح مساره دون الحاجة إلى أي تدخل بشري لحظي.

وسيتعين عليه أن يُشغل محركاته تلقائياً لمدة 30 دقيقة، سيكون فريق العمليات والمراقبة على الأرض في حالة ترقب، بانتظار استلام إشارة من المسبار تدل على أنه دخل مدار المريخ بنجاح وبدأ في الدوران حول الكوكب الأحمر، وسيدخل المسبار أولاً في مدار واسع بيضوي الشكل، لينتقل فيما بعد إلى مدار علمي أقرب إلى الكوكب وستراوح سرعته بين 3600 و14.400 كم/الساعة، وستبلغ أقصاها عندما يجعله مداره البيضوي أكثر قرباً من الكوكب، وسيقوم بتشغيل مجساته، ويبدأ بجمع البيانات التي سيرسلها فيما بعد إلى كوكب الأرض.