السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«فوبيا كورونا» تحرم المرضى من الرعاية الطبية.. تأخر في العلاج وتفاقم للأمراض

كشف أطباء عن تأخر مرضى في مراجعة العيادات الطبية لحالات تتطلب الحضور الشخصي للفحوصات الدورية أو بعد ظهور أعراض طارئة والانقطاع عن صرف الأدوية، مرجعين السبب إلى الاعتقاد السائد بأن المراكز الطبية تتصدر أماكن نقل عدوى فيروس كورنا المستجد «كوفيد-19» بسبب استقبالها للمراجعين الذين يمكن أن يكونوا حاملين للفيروس.

وأكدوا أن العيادات والمراكز الطبية من أكثر الأماكن تعقيماً، كما أن استقبال مرضى «كوفيد-19» يقتصر على مراكز محددة، إلى جانب تطبيق العيادات للاشتراطات المنصوص عليها تفادياً لانتقال أي عدوى بين المرضى ومنها الإلزام بالكمامات ومسافات التباعد الجسدي والتعقيم المستمر قبل وبعد كل موعد.

من جانبهم، بيّن مرضى وكبار مواطنين تخوفهم من زيارة العيادات الطبية وتأجيلهم للمواعيد والتحاليل الطبية والفحوصات الدورية منذ ما يزيد على 3 أشهر، خوفاً من الإصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد، كما اعتمدت أمهات على الوصفات الطبية أو الاستشارات الهاتفية للتعامل مع الطوارئ أو الحالات المرضية لأطفالهن وأفراد الأسرة، لتجنب زيارة المستشفيات خلال هذه الفترة، الأمر الذي حذر منه الأطباء بسبب احتمال تفاقم الوضع الصحي للمصاب أو تجاهل أعراض تشير إلى اعتلال يتطلب العلاج الفوري مثل أمراض الكلى والقلب وغيرها.

العيادات آمنة

وحثت شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) على عدم تأجيل المواعيد الطبية من قبل المرضى، خاصة من يعانون الأمراض المزمنة التي تتطلب فحوصاً دورية وعناية طبية مثل السرطان والسكري وغسيل الكلى.

وأكدت أن كافة منشآت صحة آمنة تماماً وملتزمة بكافة الإجراءات الوقائية المعتمدة وجاهزة لاستقبال كافة المرضى والمراجعين، موضحة أن الموظفين والزوار يرتدون الأقنعة طوال الوقت، إلى جانب إجراء فحوص الخلو من «كوفيد-19» للعاملين بشكل دوري، كما يتم تعقيم العيادات بشكل مستمر، وتخصيص مدخل خاص للموظفين وأجنحة عزل لمرضى فيروس كورونا.

حالات متأخرة

وذكر رئيس قسم الأطفال وحديثي الولادة استشاري أمراض الأطفال وأمراض الحساسية الدكتور غياث صندوق أن تأخر وصول الحالات المرضية لتلقي العلاج باتت شائعة بين المرضى في الأشهر الثلاثة الأخيرة، مبيناً أن منهم من يعاني أمراضاً مزمنة تستوجب المتابعة وصرف الأدوية بشكل مستمر.

وذكر الطبيب أن التردد والتأخر بطلب العلاج شمل أيضاً حالات لأبناء كوادر طبية، بسبب تهويل الخوف من الإصابة بعدوى فيروس كورونا، مبيناً أن العيادات الطبية أكثر أماناً وتعقيماً من أي مكان عام كالمراكز التجارية التي يمكن أن يزورها الأفراد حالياً، وخاصة أن المستشفيات التي تستقبل حالات كورونا محددة، داعياً المرضى أصحاب الحالات التي تستوجب المراجعة الطبية بعدم التردد في زيارة الأطباء.

وعن الحالات المتأخرة، شرح الدكتور صندوق أن أحد المرضى كان طفلاً مصاباً بالربو الشديد، عانى من خنّاق تنفسي استوجب رعاية طبية عاجلة بسبب خوف الأهل من المراجعة الدورية، وعدم تجديد صرف الدواء المناسب لحالته، ما أدى لإصابته بأزمة حادة بدون توافر العلاج المطلوب، وحالات أخرى لإصابات بالرئة ذاتها، استدعت المعالجة بالحقن الوريدية بسبب تفاقم الأعراض التي استخف بها أهالٍ وكان يمكن أن تعالج بالأدوية الفموية لتتطور بشكل سيئ.

وبيّن أن من الحالات المتأخرة التي باتت تزور العيادات، أطفال يعانون من إسهال لأكثر من 10 أيام بدون علاج، أو فقر دم تم التغاضي عن أعراضه، إلى جانب بعض أمراض الحساسية وخاصة التنفسية التي تتفاقم بسبب حاجة المريض للفحص الصدري السريري.

وشدد على ضرورة الحذر في تعامل الأهالي مع حالات طارئة مثل الرضوض على الرأس التي يتسبب إهمال الأعراض المصابة لها باحتمال حدوث نزف دماغي، أو التعامل مع طفح جلدي يكو مثلاً سببه فطريات على سبيل المثال، ويتفاقم بسبب استخدام مراهم «أكزيما» تمت التوصية بها من قبل غير متخصصين لتتفاقم الحالة وتزيد.

تأخر التطعيمات

ونبه الدكتور صندوق إلى خطر تأخير التطعيمات للرضع، وهو ما بات شائعاً بعد أزمة تفشي فيروس كورونا، على الرغم من التوصيات العالمية لجمعيات أطباء الأطفال وهيئة الصحة بأبوظبي أن التطعيم خط أحمر ويجب ألا يتأخر.

وقال: «هناك أطفال تخطوا عمر 6 أشهر بدون لقاحات حتى الآن، وهو أمر ينذر بخطر إصابة الأطفال بعدوى السعال الديكي على سبيل المثال الذي يجب أن يتحصنوا منه على جرعات في عمر الشهرين، 4 أشهر و6 أشهر.. وهو مرض لا يزال موجوداً ويصيب الكبار بأعراض طفيفة، والتقاط الرضع للسعال الديكي له مضاعفات خطيرة تصل إلى توقف التنفس، مضيفاً أن لقاح «الروتا» من التطعيمات المهمة والذي بدونه يصاب الأطفال بالتهابات معوية حادة يصاحبها إسهال شديد وحرارة مرتفعة وتجفف، وقد يضطر لدخول المستشفى.

وأضاف أن الاستشارات الهاتفية أو عبر الإنترنت «عن بعد» مفيدة في حالات الأمراض المزمنة المستقرة إلا أنه بعد فترة معينة يجب على المريض إجراء التحاليل والحضور بشكل شخصي مثل مرضى السكري، مبيناً أن هناك معوقات كثيرة تشوب الاستشارة الطبية عن بعد، ومنها عدم ارتياح المريض وإفصاحه بشكل دقيق عما يعاينه هو أو طفله، وهناك حالات كثيرة لا يمكن الاكتفاء بتطبيبها عن بعد لأسباب تقنية إلى جانب عدم تقدير حالة المرضى إن كانوا أطفالاً بشكل دقيق بسبب صعوبة وصف الأعراض والحاجة للفحص السريري.

الأمراض القلبية

وقالت اختصاصية القلب والأوعية الدموية الدكتورة غانية سليماني أن من الصعوبات التي ترتبت جراء تردد المرضى من زيارة الطبيب خوفاً من الإصابة بفيروس كورونا، كانت وجود مرضى يعانون أمراضاً قلبية كان يتطلب فحصهم سريرياً وحالتهم تستوجب المتابعة عن كثب، رفضوا القدوم لمتابعة العلاج وفضلوا المتابعة هاتفياً.

وأضافت أن أمراض القلب والأوعية الدموية تتطلب متابعة مستمرة ولا يجب تجاهلها، موضحة أن كافة العيادات تخضع لرقابة عالية جداً وتعقيم على مستوى عالٍ حفاظاً على صحة المرضى والمراجعين كما الطاقم الطبي والذين يخضعون بدورهم لفحوص الخلو من كوفيد-19 بشكل مستمر.

وأضافت:«بات الناس يزورون المراكز التجارية بعد افتتاحها والحدائق وغيرها في حين ما زالوا يتجنبون المراجعات الطبية في المستشفيات بحجة أنه يتم فيها استقبال مرضى وبالتالي ترتفع احتمالية إصابة أحدهم بفيروس كورونا.. إلا أن ذلك غير دقيق بسبب المراقبة الحثيثة لمستوى التعقيم والنظافة وتطبيق مسافات الأمان وعدم المخالطة في كل الأوقات».

التشخيص عن بعد

وأفادت طبيبة الأطفال يسرا سمير غويبة بأن بعض الحالات المرضية تستدعي الفحص السريري، خاصة عند الأطفال، لأنه ليس بإمكانهم وصف الأعراض التي يشعرون بها بشكل صحيح، أو حتى وصف مكان الألم بدقة، الأمر الذي يصعب تقييم الحالة عبر الهاتف ووصف الدواء.

وأضافت أن لجوء الأهل لاستخدام وصفات طبية منزلية أو استشارة الأقارب ممن واجهوا الحالات الصحية ذاتها واستخدام الأدوية نفسها، حتى ولو كانت تقتصر على قطرات عينية أو مراهم، يمكن أن يفاقم الحالة الصحية للطفل ويسبب له آثاراً جانبية أو حساسية بسبب عدم ملاءمتها لحالته أو احتوائها على مواد مثل مضادات الالتهاب والكورتيزون اللذين يمكن أن يسببا للطفل آثاراً جانبية صحية لاحقاً.

وشددت على ضرورة متابعة الطفل، وخاصة أن كثيراً من أعراض الحساسية الدوائية تظهر مع تقدم عمر الطفل ولا يكون لها تاريخ طبي في ملفه سابقاً، الأمر الذي يصعب اكتشافها حين يتصرف الأهل من تلقاء أنفسهم ويفسرون الأعراض التي تصيب أبناءهم بدون استشارة طبية متخصصة.

إجراءات زيارة المراكز الصحية

وقال استشاري العظام والمفاصل الدكتور جواد حمود تويج إن تجاهل الأعراض وعدم زيارة الطبيب خوفاً من كورونا قد يفاقم المرض ويشكل خطورة على صحة وحياة الإنسان، وتابع: «في الإمارات لدينا تعليمات من قبل الجهات الصحية على الجميع الالتزام بها للوقاية ولا داعي للخوف».

وأضاف: "أي إنسان يحدث له طارئ أو حالة مرضية تستوجب مراجعة الطبيب المختص في المراكز الطبية والمستشفيات يمكنه المراجعة ضمن التعليمات والضوابط التي قامت بها دائرة الصحة والوزارة والتي يجب على المريض والمؤسسات الصحية اتباعها أيضاً من أجل الوقاية من مرض COVID 19»

وتابع أن ما يخص المريض الذي يراجع المراكز الطبية أو المستشفيات هو ارتداء الكمامات الطبية وغسل اليدين بالماء الحار والصابون لمدة 20 ثانية، لافتاً إلى أنه من المفضل ارتداء القفازات وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي المتعارف عليها، وعند وصوله إلى المركز الطبي أو المستشفى يتم فحصه من قبل كادر طبي متمرس ويسأل إذا كان لديه سعال أو أي أعراض أخرى.

وبيّن أن هذه الإجراءات تتم في مكان خاص يسمى «تراياج»، وإذا تبين أنه سليم، يرسل إلى الطبيب المختص كل حسب حالته مطبقاً كذلك التباعد الاجتماعي «مترين أو أكثر»، وبعد أن ينتهي من الفحوصات السريرية من قبل الطبيب المختص، يرسل للتحاليل أو يتم إعطاء العلاج.

ومنعاً لحدوث الازدحام، بيّن تويج أنه من الأفضل وصول كل مريض حسب موعده المقرر، وإذا كان لديه أعراض الحمى والسعال يفضل أن يتصل بالجهات الصحية للتأكد من حالته الصحية، وأضاف: «بتطبيق التعليمات التي أقرتها دوائر الصحة ووزارة الصحة من قبل المريض والمراكز الطبية والمستشفيات يصبح لا وجود للخوف من مراجعتها لأن الامتناع عن مراجعة الطبيب قد يتسبب في مضاعفات للمريض».

مضاعفات الفوبيا

وذكرت الشابة سوسن إبراهيم أنه جراء خوفها من التوجه للحصول على العناية الطبية، بشأن ألم متزايد في خاصرتها، بسبب كورونا، تعاملت مع الأعراض المصاحبة بالمسكنات بعد استشارة هاتفية، متجاهلة احتمال أن يكون سبب الألم اعتلال في الكلى، وهو ما اكتشفته بعد تفاقم الحالة وإسعافها إلى المستشفى لتمكث هناك أياماً بسبب التهاب شديد في حوض الكلى كان يمكن علاجه في مراحله الأولى بالأدوية.

وأفادت ليلى محمود، بأنها بسبب تجاوزها 60 عاماً وخطر مضاعفات فيروس كورونا عليها إن التقطت العدوى، أهملت فحوصاتها الدورية على الرغم من تواصل طبيبها معها وحثها على إجراء التحاليل، ليتم إسعافها بسبب هبوط في سكر الدم، كاد يتحول إلى مشكلة صحية كبيرة لولا تدخل الأطباء في الوقت المناسب.

من جانبها، أعربت الموظفة سامية عثمان عن قلقها من تداول الأمهات لاستفسارات صحية بشأن أطفالهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موضحة أن إحدى قريباتها كادت تعرض ابنتها للخطر بسبب تجاهلها زيارة الطبيب حين ظهور طفح جلدي على جسد الطفلة واستخدامها دواء غير مناسب لهذه الحالة، الأمر الذي ازداد سوءاً وتطلب تدخلاً عاجلاً لإنقاذ الطفلة.