الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مغرضون ينتحلون صفات مزيفة لترويج أفكار وادعاءات تسيء للدولة

يختبئ أشخاص وراء أقنعة مختلفة بهدف الإساءة للدولة، إذ ينتحلون صفات غير حقيقية لإيهام الجمهور بأنهم على اطلاع مباشر بما يحدث، وإقناعهم بوجهة نظر عدائية وغير صحيحة ترتبط بالقرارات الداخلية والمواقف السياسية للإمارات.

ومن أبرز الأقنعة التي تضعها تلك الفئة لإيهام الجمهور بالمعرفة والدراية بما يحدث وأنهم من أصحاب الاختصاص هي إما بانتحال صفة أكاديمي يحمل شهادة علمية عليا وهو أمر غير صحيح، أو أنه حاصل على تكريم من منظمة دولية، أو امتلاكه ألقاب تشريفية أو شهادات فخرية، أو قربه من أصحاب دائرة اتخاذ القرار، وكل هذا ليتمكن من إقناع الطرف الآخر بآرائه واستضافته في القنوات والمنابر الإعلامية المختلفة، والحصول على أكبر عدد من المتابعين على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي.

واتفقت آراء قانونيين ومتخصصين إعلاميين على أن الأشخاص المسيئين لاسم الدولة ومنتحلي صفات تشريفية والمدعين بحيازتهم شهادات عليا ومسميات وظيفية مرموقة بغرض التكسب المادي، يقعون تحت طائلة تهم عدة أبرزها الإساءة للدولة وشعارها الوطني، ونشر إشاعات كاذبة وأخبار مغرضة، وانتحال شخصية، والتي قد تنتهي، إن اجتمعت، إلى عقوبات مشددة تصل إلى السجن.


ولفتوا إلى أن بعض هؤلاء الأشخاص يلجؤون للظهور عبر وسائل الإعلام المختلفة لإضفاء الشرعية على ادعاءاتهم الباطلة، ولاستخدام كل ما ينشر عنهم دليلاً ملموساً لرفع مستوى مصداقيتهم لدى الآخرين.


الإساءة للدولة

وقال المحامي والباحث القانوني خالد المازمي إن من ينتحلون صفات مزيفة، من قبيل مستشار قانوني أو سياسي، أو يدعون امتلاكهم شهادات عليا في مجال أكاديمي معيّن، يسيئون بتصرفاتهم لاسم الدولة أو شعارها الوطني، وبحسب المادة 176، من قانون العقوبات الاتحادي يُسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من أهان بإحدى طرق العلانية رئيس الدولة أو علمها أو شعارها الوطني.



وذكر أن «المادة 198 من قانون العقوبات الاتحادي، تنص على حبس كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة، إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، فنشر خبراً كاذباً بقصد نشر الخوف في قلوب الناس، سواء كانت النية شريفة أو غير شريفة، لا يُعفى أبداً من العقوبة، سواء ناشر الخبر أو من سهل له ذلك».

وِأشار إلى أن منتحلي صفات ليست فيهم يسعون دوماً للشهرة عبر عرض قصص مفبركة وأحداث غير واقعية، تهدف لجذب انتباه الآخرين، مستخدمين القنوات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي لإضفاء المصداقية على سلوكهم، مبيناً أنه في حال ثبت قيامهم بهذا السلوك فإن العقوبة تزيد بحقهم بحسب المادة 275 من قانون العقوبات الاتحادي، والتي تنص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبالغرامة التي لا تتجاوز 3 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أبلغ السلطة القضائية أو الجهات الإدارية عن حوادث أو أخطار لا وجود لها، أو عن جريمة يعلم أنها لم تُرتكب».

وأبان المازمي أن انتحال الشخصية يختلف عن انتحال الصفة، فعند انتحال الشخصية، يتقمص المتهم اسم شخصية اعتبارية ذات نفوذ ومنصب، من أجل تحقيق أهدافه، مستخدماً في ذلك كل الطرق المتاحة، مثل ارتداء زي رسمي أو انتحال لقب من الألقاب العلمية أو الجامعية المعترف بها رسمياً أو رتبة من الرتب العسكرية أو صفة نيابية عامة، والتي تكون عقوبتها وفقاً للمادة 251 من القانون الاتحادي الحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة التي لا تتجاوز 10 آلاف درهم.

وتابع: «أما انتحال الصفة فهو ادعاء الشخص أنه صاحب شهادات أكاديمية عليا، أو وظيفية ذات نفوذ إداري ومجتمعي لتحقيق مآربه الشخصية».

أشكال انتحال الصفة

بدوره، أشار المحامي سيف الشامسي إلى أن تهمة انتحال الصفة تأخذ أشكالاً مختلفة، لا سيما الصفة الوظيفية (طبيب أو وزير أو سفير مثلاً)، والادعاء بامتلاك شهادة أكاديمية عليا في أحد التخصصات العلمية النادرة، وأحياناً قد يدعي البعض، بشهادات مزورة، أنه حاصل على تكريم من منظمة دولية، وأنه حاصل على أحد الألقاب التشريفية أو الشهادات الفخرية، مشيراً إلى أن البعض يلجأ لهذه الأساليب بهدف الحصول على الشهرة والتكسب المادي ولاستضافته في القنوات والمنابر الإعلامية المختلفة، والحصول على أكبر عدد من المتابعين على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي.

ولفت إلى أن جرائم كبرى قد تترتب على هذه السلوكيات، تقود المتسببين فيها إلى عقوبات مشددة، يمكن أن تصل إلى السجن المؤبد، فمثلاً، قد يلجأ منتحل الصفة إلى السرقة والاستيلاء على أموال الغير أو الاعتداء الجسدي على الآخرين.

ودعا أفراد المجتمع الذين يتعاملون مع هؤلاء الأشخاص بصفة رسمية أن يتأكدوا من مستندات إثبات الهوية الخاصة بهم قبل التعامل معهم، سواء كانوا داخل أو خارج الدولة، لأنهم يسعون دوماً إلى تعزيز صفات غير الحقيقية في أذهان الآخرين عبر التحدث باسم الدولة، وفي حال ثبت عدم مصداقيتهم فعلى من يتعامل معهم إبلاغ الجهات المعنية.

إضفاء شرعية

من جانبه، اعتبر عميد كلية الاتصال بالجامعة القاسمية في الشارقة الدكتور عطا حسن عبدالرحيم أن ادعاءات انتحال صفات غير واقعية هو تزوير وخداع للرأي العام، كما أنه تضليل للحقائق، لتحقيق مكاسب مادية أكثر منها أدبية، بينما في واقع الأمر فإن هؤلاء الأشخاص مفلسون ولا يملكون أي مضمون مفيد للمجتمع وأعطوا أنفسهم مكانه اجتماعية غير مستحقة.



وأوضح أن هؤلاء الأشخاص يلجؤون للظهور في الوسائل الإعلامية لإضفاء الشرعية على ادعاءاتهم الباطلة، إذ يستفيدون من كل ما ينشر عنهم في وسائل الإعلام المختلفة لتعزيز ادعاءاتهم بأنهم يحملون مسميات أو مناصب شرفية ولغش الآخرين.

تزييف معلومات

وقال رئيس قسم الاتصال الجماهيري بالجامعة الأمريكية بالشارقة الدكتور محمد عايش أن التواصل الاجتماعي أضحى متاحاً للجميع وأرض خصبة لنشر المعلومات المزيفة وكذلك لظهور أشخاص ينتحلون صفات مثل خبراء في أحد المجالات الثقافية أو العلمية، أو أصحاب مناصب سيادية سابقة، موضحاً أن ظهور هؤلاء الأشخاص في المنصات والوسائل الإعلامية المختلفة سيؤثر على الرأي العام وكذلك على إدراك المتلقي.

وشدد على ضرورة أن يكون لدى وسائل الإعلام أدوات وطرق للتحقق من المعلومات المتعلقة بالأشخاص المتحدثين عبر قنواتها ومنصاتها المختلفة، عبر التساؤل والبحث عن البيانات الحقيقة، حتى لا يعطى لمنتحلي صفات الغير مجالاً لتقديم معلومات مشبوهة، وأن يكون للإعلام دور إضافي للتحقق من صفة المصادر التي يتعامل معها.