الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

اختصاصيون: التعليم «أونلاين» خيار للدراسة بعد «كورونا».. وتطوير مهارات المعلمين مطلب

اختصاصيون: التعليم «أونلاين» خيار للدراسة بعد «كورونا».. وتطوير مهارات المعلمين مطلب
أصبحت منظومة التعليم عن بُعد واقعاً فرضته الظروف جراء انتشار وباء كورونا المستجد «كوفيد-19»، إذ باتت الخيار الوحيد للتعليم في بداية الأمر، قبل أن تظهر حلول أخرى أمام الأسر والمنظومة التعليمية، كنظام التعليم «الهجين» مثلاً.

ونجحت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ بداية الفصل الدراسي الثالث من العام الدراسي الماضي، في تطبيق التعليم عن بُعد في مدارسها وفق آلية ممنهجة وبنية قوية في المؤسسات التعليمية، في الأبنية والكوادر التعليمية، في ظل تجاوب الطلاب مع الطارئ الجديد.

لكن هل تحتاج المجتمعات لمنظومة التعليم «أونلاين» بعد انتهاء جائحة كورونا؟ وما سلبيات المنظومة وإيجابياتها؟ وهل سيفضل البعض هذا الاختيار التعليمي بعد زوال الوباء، فيما لو أتاحته الجهات المعنية؟


«الرؤية» طرحت هذه الأسئلة للتعرف على آراء أصحاب الشأن والمتخصصين في منظومة التعليم، ولتحديد نقاط القوة والضعف في هذه المنظومة المستجدة.


خوف من الجديد

وفي هذا الصدد، أكدت وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لقطاع العمليات المدرسية فوزية غريب، أن التعلم "الهجين " أو "عن بعد" لم يكن وليد اللحظة إذ قامت الوزارة قبل تفشي فيروس كوفيد 19 بإجراء تجربة ميدانية لهذا النمط من التعليم بغية التعرف على خصائصه وما يوفره من ميزات تعليمية تضيف بعدا آخر للتعليم ضمن المدرسة الإماراتية.

وأكدت أن الوزارة كانت على أتم جاهزية قبل جائحة كوفيد 19 من أجل تدشين منظومة تعليمية ذكية حديثة تواكب التطورات المتسارعة في مجال تكنولوجيا التعليم كجزء أصيل من عمل الوزارة القائم على استشراف المستقبل ومستقبل التعليم، خاصة إذ سارعت الوزارة إلى التعرف على أبرز المنظومات التعليمية الحديثة في مختلف دول العالم، ومحاولة استلهام ممارسات تلك المنظومات التكنولوجية ضمن منظومة التعلم الحديثة تحت مظلة المدرسة الإماراتية.

وأضافت أن القيادة الرشيدة ومنذ ما يزيد على 10 سنوات استثمرت في تكنولوجيا التعليم، حيث تم إطلاق برنامج محمد بن راشد للتعليم الذكي بهدف استثمار أمثل للتكنولوجيا خدمة لأغراض التعليم وفق اطر ناظمة تحرص على جودة المنتج التربوي وتهيئته للانتقال بين المنظومات التعليمية، سواء أكانت ذكية أو تقليدية، بما يسهم في مراكمة تجارب تربوية بناءة تخدم توجهات الدولة واستراتيجيتها المرتبطة بملف التعليم.

وبينت أن المعلم ركيزة التعليم، وله أدواره المشهودة بغض النظر عن النمط التعليمي الذي تتبعه وزارة التربية والتعليم، وفي هذا السياق عملت الوزارة إلى تمكين المعلمين من أدوات التعلم الذكي وتطبيقاته من خلال العديد من البرامج التدريبية المتخصص.

بدوره، قال المواطن محمد عبدالله السري: «كان معظم أولياء الأمور في حالة من القلق والتوتر على مصير أبنائهم التعليمي في ظل انتشار وباء (كوفيد-19)، وهو أمر طبيعي، يعود للخوف من كل جديد في بداية تطبيقه، وعدم تقبله وصعوبة التعامل معه في البداية».

وأضاف أن الإمارات استطاعت، ومن خلال مقومات أساسية، أن تتعامل مع المنظومة التعليمية الجديدة وفق بنية قوية أسستها خلال السنوات الماضية، مؤكداً النجاح في إقرار منظومة العمل عن بعد، إذ سارت الأمور بشيء من الارتياح، حتى وإن كان هناك عدم رضا عن مدى التحصيل من قبل الأسر لأبنائها، مع تفهم أن الأزمة عالمية.

وذكر السري أن الأزمة أفرزت سلبيات وإيجابيات عديدة، فيما يتعلق بالمنظومة التعليمية، واختلفت الآراء بين مؤيد للمنظومة ومعارض لها بشدة، ومؤيد للتعليم المباشر والتفاعل الاجتماعي ومعارض «للخلوة الإلكترونية» بين الطالب والمعلم.

وتابع: «حدث تطور كبير في أداء المعلمين وأدوارهم وأداء المدارس وأدوارها أيضاً خلال الفترة الماضية، وفقد الطلاب جزءاً كبيراً من العلاقة مع مدرسيهم وزملائهم، والتي كانت تنتج عن الاختلاط المباشر، بينما توافق البعض مع الواقع الجديد».

وأردف قائلاً: «لا أحد ينكر إيجابيات وسلبيات المرحلة، وأرى أن من الأفضل أن يستمر هذا الخيار مستقبلاً، حتى وإن انتهت أزمة كورونا، ليكون بديلاً للراغبين فيه، وفقاً لظروفهم».

ملاحظات

بدوره، لفت المستشار القانوني في مكتب محاماة بدبي، صلاح مبروك، إلى أن التعليم عن بعد هو خيار فرضته الظروف الوبائية التي ألمت بالعالم، وأن مدارس الدولة استطاعت أن تسيّر الأمور بصورة جيدة، متطرقاً إلى عدة «ملاحظات يجب تداركها مستقبلاً، من أهمها تطوير المناهج بما يتناسب والظرف الواقع، وكذلك تطوير مهارات المعلمين وتزويدهم بمهارات إيجابية في فن التدريس والتعامل مع الشرائح العمرية المختلفة للطلاب، خاصة في المراحل الدراسية الأولى بدءاً من الروضة».

وأضاف أن رأيه الشخصي يميل إلى أن يكون خيار التعليم عن بعد متاحاً في مدارس الدولة، ليتوافق مع ظروف راغبيه، مع أنه لا يحبذه، كونه يحرم الطالب من فرحة لقاء معلمه وزميل دراسته وجهاً لوجه.

تنويع خدمات

أما مديرة مدرسة الشارقة البريطانية الدولية شيخة بن ديماس، فقد أشارت إلى أن وجود خيار التعليم عن بعد في المنظومة التعليمية داخل الدولة، حتى بعد انتهاء أزمة كورونا، أمر يسبغ على المدارس ميزات إضافية، وينوع من الخدمات التي تقدمها للأسر وفق ظروف حياتهم المعيشية، وبما يتناسب وظروف بعض الطلاب الاجتماعية والنفسية.

وذكرت أنها لا تفضل نظام التعليم عن بعد للطلاب صغار السن، ولا سيما في المراحل التأسيسية الأولى، لأهمية وجود علاقة الاحترام والتقدير بين الطالب ومعلمه والمشرفين على العملية التعليمية، وهو أمر لم يتوافر بالصورة المرجوة في منظومة التعليم عن بعد.

في المقابل، أوضحت أن السماح بالتعليم «أونلاين» يصب في مصلحة الطلاب ذوي الحالات المرضية المزمنة الذين تستدعي حالتهم عدم الذهاب للمدرسة، وبالتالي يكون لديهم الخيار في متابعة دروسهم بأريحية.

وشددت على ضرورة أن يتمسك المعلم بمظهره أمام طلابه، حتى وإن كان أثناء التعليم عن بعد، لما له من أهمية في ترسيخ فكرة الاحترام والتقدير للقدوة وعدم كسر صورة المعلم التقليدية في السلوك والمظهر أمام طلابه.

تأهيل أكبر للكوادر البشرية

من جهتها، قالت رئيسة الإبداع والسعادة والابتكار في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي هند المعلا، إن فكرة التعليم عن بعد لم تكن بالمستحدثة ولا الجديدة عالمياً، بل إن هناك الكثير من الجهات التي تطبقها منذ زمن، إلا أنها أصبحت أمراً إلزامياً فرضته الظروف، ولم يكن للأهالي أي خيار بديل.



وأضافت أن فكرة وجود التعليم عن بعد إن انتهت أزمة فيروس كورونا المستجد، تحتاج لتأهيل أكبر للكوادر البشرية وكذلك البنية الأساسية في المنشآت التعليمية، من تجهيزات واستعدادات، وهو ما أثبتت الدولة بمقوماتها واستعداداتها النجاح فيه.

وأشارت المعلا إلى أن بعض الأسر لم تتقبل نظام التعليم عن بعد، وخاصة أنه كانت لديهم قناعة بأن جودة التعليم الحي المباشر أفضل من النظام الذي فرضته الظروف، منبهة إلى أهمية تحديث وتطوير المنظومة بما يتلاءم مع الهدف الأساسي وهو الجودة في التحصيل والاستفادة.

ونوهت بمرونة التعليم عن بعد، والسلوكيات والعادات الحميدة المكتسبة، من التباعد والالتزام بالكمامات الصحية عند المرض، وزيادة مستويات التعقيم والنظافة والنظام، وهي أمور تعتبر من المحفزات الكثيرة للراغبين في اختيار التعليم عن بعض، حتى وإن انتهت أزمة وباء كورونا المستجد.