السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

إفشاء أسرار العمل بـ«السوشيال ميديا» جريمة عقوبتها السجن والغرامة حتى مليونَي درهم

إفشاء أسرار العمل بـ«السوشيال ميديا» جريمة عقوبتها السجن والغرامة حتى مليونَي درهم
أكد قانونيون ومسؤولون بشركات محلية وأجنبية أن وسائل التواصل الاجتماعي إحدى طرق إفشاء أسرار العمل، ما يضر بمصالح الشركات، وأن إفشاء معلومات العمل جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن حتى 5 سنوات، والغرامة التي تصل لمليونَي درهم، وأضافوا أن الحفاظ على خصوصية العمل إحدى التحديات التي تواجهها جهات العمل، ما دعا القائمين عليها لحمايتها، إما بشرط موثق في التعاقد أو تعهد يلزم الموظف بحماية أسرار العمل حتى بعد تركه.

وأفادوا بأن إقدام الموظف على إفشاء معلومات جهة العمل، سواء عبر السوشيال ميديا أو شفهياً أو إرسال مراسلات أو بيانات الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها إلى بريده الإلكتروني، أو وضع بريده «cc» في المراسلات دون موافقة جهة العمل، يعد جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة إذا كانت تلك المعلومات سرية وتسبب أضراراً للشركة وتؤثر على سير العمل، موضحين أن الحفاظ على أسرار العمل أمانة مكلف بها كل موظف سواء في القطاع العام أو الخاص.

سياسات صارمة

وتفصيلاً، قالت مديرة بأحد البنوك الأجنبية ولاء سعيد، إن لكل شركة سياستها الخاصة في الحفاظ على الخصوصية، وبالنسبة للبنوك يتم اتباع سياسات صارمة للحفاظ على خصوصية العمل من المتعاملين أو الموظفين، ولكل جهة مسؤول محدد للتكلم مع الإعلام أو نشر أي تصريحات.



وأفادت بأن الشركات توضح للموظفين أهمية الحفاظ على الخصوصية، إلى درجة أنه لا يسمح للموظف بنشر أي معلومات أو فيديو في أي وسيلة إلكترونية أو عادية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تلقى رواجاً كبيراً عن عمله، كما يُمنع موظفو البنوك من إعطاء أي معلومة عن صاحب الحساب وإن كان للابن أو الزوج، إلا أذا كان حساباً مشتركاً أو لديه أمر من المحكمة أو مخولاً عند فتح الحساب من صاحب العلاقة.

السخرية والمزاح

وأوضحت مديرة إدارة الموارد البشرية في شركة أجنبية خاصة أماني حمد، أنه من أساسيات العمل بأي شركة الحفاظ على الخصوصية وسرية المعلومات، ونظراً لأن عقود العمل قد لا تتضمن صراحة هذه الجزئية يتم إبرام اتفاق بين الموظف والشركة، ويتم توثيقه لحماية أسرار العمل.



ونوهت بأن بعض الموظفين تم فصلهم بسبب نشر معلومات عن العمل عبر السوشيال ميديا، وهذا أمر معاقب عليه إذا أساء للشركة، مؤكدة أن الشخص قد ينشر مقطعاً عبر وسائل التواصل بقصد السخرية أو المزاح، إلا أنه يضر طرفاً آخر وتتسبب المعلومة بمساءلة الشخص الناشر.

أخلاقيات العمل

وقال مدير في شركة بترول المهندس راشد صابر، إن معظم الشركات الكبيرة لديها وثيقة للحفاظ على خصوصية العمل، تُجدد كل فترة ويوقع عليها الموظف، كما توجد وثيقة أخلاقيات العمل يوقع عليها الموظف لمنع إفشاء أي معلومة، ومن ضمنها بث أي معلومات عبر وسائل التواصل، ولا يحق للموظف التحدث والتصريح مع أي جهة، بينما تختص بذلك الإدارة المخولة في جهة العمل.

اتفاق موثق



وذكر مدير شركة تجارية أحمد أبوصلاح، أن شركته تعرضت لإفشاء أسرار من قبل أحد الموظفين، عبر تزويد شركة منافسة بأسماء المتعاملين والموردين والصفقات المبرمة، واتخذ جراء ذلك إجراءات صارمة تمنع الموظفين من إفشاء أي معلومات سواء أثناء العمل أو بعد تركهم للوظيفة، وبأي وسيلة سواء إلكترونية أو شفهية أو وسائل التواصل الاجتماعي، مبيناً أنه يقوم بتوقيع اتفاق خارجي مع الموظف ويوثق لدى كاتب العدل لحماية الشركة.

فيما قالت مديرة شركات تجارية سامية الزواوي: إن عقود العمل المبرمة مع الموظفين كانت لا تضمن جزئية عدم إفشاء الأسرار، لكنها تداركت هذا الأمر بتوقيع تعهد من الموظفين الذين يتطلب منصبهم الاطلاع على أسرار العمل.



الإهمال وعدم الاحتياط

في السياق ذاته، قال المحامي محمد النجار، إن جريمة إفشاء الأسرار هي أن يقوم الجاني بإفشاء السر مع علمه بأنه وصل إليه عن طريق مهنته أو حرفته أو وضعه أو الصلاحيات الممنوحة له، وأن صاحبه لا يرضى بإفشائه، لذلك ينتفي القصد الجنائي إذا حدث إفشاء عن إهمال أو عدم احتياط، كأن ينسى الأمين على السر الورقة التي تحوي السر بمكان ما، فيطلع عليها من تصادف وجوده في هذا المكان، وكذلك إذا كان الجاني يجهل أن ما يذيعه سر.



وتابع: تنص المادة 379 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، من كان بحكم مهنته أو حرفته أو وضعه أو فنه مستودع سر فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، أو استعمله لمنفعته الخاصة أو لمنفعة شخص آخر، وذلك ما لم يأذن صاحب الشأن في السر بإفشائه أو استعماله، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على 5 سنوات إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، واستودع السر أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته أو خدمته».

حالتان

وأضاف المحامي مصعب النقبي، أنه في جريمة إفشاء الأسرار يجب التفريق بين حالتين، الأولى إذا كان المتهم موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، وهنا تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على 5 سنوات.



وأردف: أما الموظف الذي يعمل في جهة خاصة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة لا تقل عن 20 ألف درهم، بناء على نص المادة 379 من قانون العقوبات الاتحادي، ويعتبر الفعل من ضمن إفشاء الأسرار عندما يسرب الموظف سواء في القطاع العام أو الخاص معلومات عن عمل يكون مكلفاً به بأي وسيلة كانت، ويستخدمها لمنفعته الخاصة أو منفعة أي شخص سواء بمقابل أو بدون، وتلحق ضرراً برب العمل، وعلى الموظف مراعاة أسرار جهة عمله وأن يعلم بأن ما تم نشره في وسائل الإعلام المختلفة يعد معلومات عامة، وأن المعلومات التي تخص صاحب العمل لا يجوز إفشاؤها أو إرسالها لنفسه إلا بموافقة جهة عمله.

إفشاء أسرار العمل

من جهته، ذهب المستشار القانوني مراد عطعوط، إلى أن الموظف قد يختلس المعلومات بطرق مختلفة كتسريب المراسلات ومعلومات المناقصات والعقود عبر البريد الإلكتروني، وإرسالها لبريده الشخصي بشكل خاص أو «cc» بقصد إفشائها، أو استراق السمع أو الدخول على معلومات مستغلاً أحقية الدخول الممنوحة له من جهة العمل، أو استخدام السوشيال ميديا في نشر معلومة أو مقاطع فيديو بقصد أو بلا قصد.



وقال: يتم إثبات جريمة إفشاء الأسرار إما من قبل خبير مختص في تقنية المعلومات، إذا كانت الأسرار تم إرسالها عبر وسيلة إلكترونية أو قام بالاحتفاظ بها لنفسه، أو إثبات التهمة من خلال خبير بالمعلومات الخطية، أو عبر شهادة الشهود بأن الشخص قد أوصل معلومات تتعلق بعمل الشركة لآخرين، ولا توجد أي حماية لأي شخص من فعل مجرّم.

السجن والغرامة

ونوه بأنه يمكن لرب العمل حماية نفسه عبر توقيع الموظف على تعهد أو وضع شرط في عقد العمل بألا يفشي الموظف أسرار عمله تحت أي ظرف، كما يمكن التوقيع على تعهد بعدم إفشاء أسرار العمل حتى بعد ترك العمل لأي سبب كان، ووفق المادة 380 من قانون العقوبات الاتحادي يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن 3 آلاف درهم، من فض رسالة أو برقية بغير رضا من أرسلت إليه أو استرق السمع في مكالمة هاتفية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف درهم، إذا أفشى الرسالة أو البرقية أو المكالمة لغير من وجهت إليه ودون إذنه، متى كان من شأن ذلك إلحاق الضرر بالغير.

ووفق المادة 4 من قانون قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات: يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تتجاوز مليون و500 ألف درهم، كل من دخل بدون تصريح إلى موقع إلكتروني أو نظام معلومات إلكتروني أو شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات، سواء كان الدخول بقصد الحصول على بيانات حكومية أو معلومات سرية خاصة بمنشأة مالية أو تجارية أو اقتصادية، وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن 5 سنوات والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف درهم ولا تجاوز 2 مليون درهم، إذا تعرضت هذه البيانات أو المعلومات للإلغاء أو الحذف أو الإتلاف أو التدمير أو الإفشاء أو التغيير أو النسخ أو النشر أو إعادة النشر.

أخطاء موظفين

وعقّب المستشار القانوني أحمد عبدالشافي، بأن هناك 3 أخطاء يقع فيها الأشخاص وتضعهم تحت طائلة المساءلة، وهي: أن يخلط الموظفون بين الخبرة والعلاقات المكتسبة من العمل، ويظن أنها ملكية شخصية لهم تنتقل معهم عند الانتقال من العمل لجهة أخرى.



ويتمثل الخطأ الثاني في شرط عدم المنافسة، خاصة أن بعض الشركات وأرباب العمل يضعون هذا الشرط وفق طبيعة عمل الموظف كموظفي المبيعات والتسويق، وثالثاً: إذا نسخ الموظف بيانات ومعلومات اطلع عليها في عمله القديم، ليحقق أرباحاً لنفسه من جهة عمله الجديدة.

وقائع أمام المحاكم

يشار إلى أن النيابة العامة في دبي أحالت موظفين آسيويين لمحكمة الجنايات، إذ كان الموظفان يعملان في شركة أمنية وقاما بإفشاء أسرار الشركة التي يعملان بها، وإرسال معلومات خاصة عن الشركة لبريدهما الإلكتروني وتزويد شركة أخرى بها، وهذه معلومات سرية وأدى تسريبها للإضرار بمصلحة الشركة.

كما أحالت النيابة العامة سيدة عربية للجنايات بعد قيامها بإفشاء أسرار عملها، عبر إرسال معلومات الشركة التي تعمل بها إلى بريد زوجها الإلكتروني الخاص، ما أضر بالشركة التي تعمل لديها، وبعد كشف المعلومات المسربة تم اتخاذ الإجراء القانوني حيالها.