الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

بحث مستقبل الإنتاج الزراعي وإدارة النفايات والعمل من أجل المناخ

بحث مستقبل الإنتاج الزراعي وإدارة النفايات والعمل من أجل المناخ

ناقش وزير التغير المناخي والبيئة، الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، على مدار 3 جلسات منفصلة، مع أكاديميين وممثلين للقطاعين الحكومي والخاص في مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي وقطاع إدارة النفايات، أهم المقترحات والتصورات لمستقبل العقود الخمسة المقبلة، التي من دورها تعزيز أمن واستدامة وسلامة الغذاء وضمان مرونة واستمرارية سلاسل توريد الغذاء، وتعزيز توجهات الدولة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتطبيق منظومة الاقتصاد الدائري.

ويأتي ذلك في إطار التفاعل المجتمعي ضمن مشروع تصميم الـ50 عاماً القادمة، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، بهدف إشراك أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين في تقديم أفكار لتصميم مستقبل دولة الإمارات ووضع محاور ومكونات خطة مئوية الإمارات، الخطة التنموية الشاملة للإمارات خلال الـ50 عاماً التالية،

وخلصت الجلسات إلى مجموعة واسعة من التصورات والمقترحات الفعَّالة ومنها العمل على إنشاء قاعدة بيانات متكاملة تربط القطاع الحكومي والخاص مع القطاع الأكاديمي لتعزيز مشاركة الأخير في عمليات البحث والتطوير للمشاريع والمبادرات والتوجهات المستقبلية الجاري العمل عليها، وزيادة التركيز على نظم الزراعة الأفقية الاعتيادية، للمحاصيل الاستراتيجية، مع تعزيز توظيف التقنيات الحديثة في رفع كفاءة وقدرة هذه العمليات الزراعية، وبالأخص استخدام حلول الطاقة المتجددة في تشغيل هذه المزارع، وتوظيف تقنيات توفير الموارد المائية اللازمة للزراعة مثل حلول إنتاج المياه من الهواء، وحلول تحلية مياه البحر الحديثة.

وطرحت الجلسات التوسع في مفهوم السياحة الزراعية الذي أطلقته وزارة التغير المناخي والبيئة ضمن مشروعها الوطني «السياحة البيئية في الإمارات»، وتسهيل الإجراءات والتراخيص اللازمة له بالتعاون مع السلطات المحلية، بما يضمن زيادة دخل المزارعين، وبالتالي يحفزهم على تطوير أساليب الزراعة المستخدمة، وزيادة إنتاجهم ورفع كفاءته.

وقال الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي: «إن دولة الإمارات خلال العقود الخمسة الماضية، تمكنت منذ تأسيسها في تحقيق نهضة وتطور شكّل نموذجاً فريداً عالمياً على مستوى العديد من القطاعات، وضمن توجهاتها المستقبلية، تعمل الآن على استشراف العقود الخمسة المقبلة ورسم ملامحها بمشاركة كافة فئات ومكونات المجتمع عبر المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لتصميم الـ50».

وأضاف: «وفي إطار التزام وزارة التغير المناخي والبيئة بتوجهات الدولة ومواكبة لتوجيهات قيادتها الرشيدة، تم العمل على تنظيم حزمة من الجولات الميدانية واللقاءات المباشرة والافتراضية مع مختلف مكونات المجتمع من أكاديميين ومختصين وطلبة وممثلين للقطاعين الحكومي والخاص المسؤولين والمهتمين بالقطاع البيئي، للنقاش حول الشكل المستقبلي المطلوب للقطاع البيئي في ظل الاستراتيجيات الجاري تنفيذها حالياً وتوجهات الدولة المستقبلية.»

وأوضح أن هذه اللقاءات تمثل جزءاً من حزمة متواصلة من الزيارات الميدانية واللقاءات التي ستشهدها الفترة المقبلة، بهدف إيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.

واستعرض فريق عمل الوزارة خلال اللقاءات جهود الوزارة في دعم وتطوير القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والثروة السمكية، والإدارة المتكاملة للنفايات وتعزيز البحث العلمي.

جلسة الأكاديميين

وخلال الجلسة الافتراضية التي جمعت الوزير وفريق عمل الوزارة مع ما يزيد على 50 من ممثلي القطاع الأكاديمي والباحثين المختصين في الدولة، تم طرح تصور مستقبلي لإيجاد ربط إلكتروني مباشر بين جهات ومؤسسات القطاع والحكومي، ومن أهمها وزارة التغير المناخي والبيئة مع المراكز البحثية التابعة لمؤسسات القطاع الأكاديمي عبر إنشاء قاعدة بيانات متكاملة للتوجهات والمبادرات والمشاريع المستقبلية، ما يتيح لمراكز البحث العمل بشكل فوري على تطوير الأفكار أو الحلول المطروحة أو تقديم تصورات تتماشى مع التوجه العالمي بشكل عام والتوجه المحلي بشكل خاص.

سلالات نباتية

وشملت التصورات المستقبلية التي تم طرحها خلال الجلسة إنشاء فريق عمل بحثي يعمل على دراسة السلالات المحلية من النباتات التي يمكن التوسع في زراعتها لاستخدامها كعلف حيواني دون الإضرار بالموارد الطبيعية المتاحة، وبالأخص الموارد المائية، والعمل على دراسة سلالات أخرى من مناطق مختلفة، وبيان مدى توافقها مع أجواء الدولة وقدرتها الإنتاجية، وإمكانية زراعتها والاستفادة منها محلياً.

الزراعات الملحية

كما تم طرح مقترح للتوسع في أبحاث ودراسات الزراعات الملحية التي تستفيد من الحدود الساحلية الممتدة للدولة، وتشكل داعماً كبيراً للتنوع البيولوجي كون الأشجار التي يتم زراعتها تمثل موائل طبيعية ملائمة للعديد من الاشكال الحية البرية والبحرية، وتعد مصدراً هاماً للحفاظ على جودة الهواء، كما يجب العمل على دراسة زراعة بعض الأصناف من المحاصيل التي تتحمل درجات متفاوتة من ملوحة المياه.

وأشار ممثلو القطاع الأكاديمي إلى أن المراكز البحثية التابعة للمؤسسات الأكاديمية الوطنية في الدولة، شهدت تطوراً كبيراً خلال الأعوام الماضية، وباتت تشارك حالياً في الحركة البحثية العلمية عالمياً في مختلف المجالات.

الزراعة الأفقية

وفي جلسة الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي، ساهم النقاش بين فريق الوزارة وممثلي القطاعين الحكومي والخاص في طرح مجموعة واسعة من التصورات والمقترحات المستقبلية، جاء في مقدمتها تعزيز الاهتمام بنظم الزراعة الأفقية -الاعتيادية- المناسبة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية التي يمكن الاعتماد عليها بشكل رئيسي في تحقيق أمن واستدامة الغذاء، وتوظيف التقنيات الحديثة، والبحث العلمي في رفع كفاءة هذه الزراعات، وضمان زيادة إنتاجها وكفاءته وسلامته.

الطاقة المتجددة والمياه

وشمل هذا المقترح مجموعة من التوصيات التي تعزز من قدرات وإمكانات الزراعة الأفقية، ومنها إطلاق باقات تمويلية واستثمارية بالتعاون مع الجهات المختصة لاستخدام حلول الطاقة المتجددة «الطاقة الشمسية» في تشغيل المزارع، وتبني تقنيات توفير المياه الحديثة (استخلاص المياه من الهواء، نظم تحلية مياه البحر المتطورة) لاستخدامها للري دون التأثير على الموارد المائية المحدودة محلياً.

تحفيز الاستثمار

وسلط النقاش الذي دار خلال الجلسة الضوء على أهمية إيجاد إطار أو لجان تعمل على تحفيز حركة الاستثمار أو التمويل للمشاريع الزراعية الصغيرة والمتوسطة، ما يسهم في خلق تنوع عالٍ في السوق المحلي وتنافس في حجم وجودة الإنتاج، على أن توضع خطوط عريضة لطبيعة ومعدلات الإنتاج الزراعي والحيواني المطلوبة بشكل مستقبلي.

إعفاءات وتسهيلات

وتعزيزاً لقدرة القطاع الزراعي المحلي على النمو والتطور والمساهمة بشكل فعَّال في تحقيق أمن واستدامة الغذاء، تناول النقاش ضرورة اتخاذ إجراءات مستقبلية لإعفاء رواد الأعمال والمستثمرين في القطاع الزراعي من الرسوم الجمركية، وإتاحة المجال لهم لاستيراد مستلزمات المزارع بحرية وسهولة أسوة بالإجراءات المتبعة مع القطاع الصناعي.

الأبحاث البحرية

واقترح ممثلو مؤسسات استثمارية في مجال الإنتاج السمكي والبحري، إيجاد منظومة بحثية مترابطة بين الجهات المسؤولة وعلى رأسها وزارة التغير المناخي والبيئة، وأقسام ومراكز الأبحاث البحرية في مؤسسات القطاع الخاص، بهدف تعزيز وزيادة المخزون السمكي والأحياء البحرية، وتجريب إدخال أنواع بحرية جديدة في المزارع المختصة، ما يرفع القدرة الإنتاجية، ويساهم في تعزيز أمن واستدامة الغذاء.

إدارة النفايات

وفي الجلسة مع ممثلي القطاعين العام والخاص في مجال إدارة النفايات على مستوى الدولة، تناول النقاش كيفية التعامل مع قضايا النفايات في الـ50 عاماً المقبلة.

وسلط النقاش الضوء على جزئيتين رئيسيتين، تناولت الأولى مقترحاً من ممثلي القطاع الخاص العامل في مجال النفايات بضرورة تطوير البنية التشريعية المنظمة للقطاع، بهدف إيجاد إطار عامل يحدد آليات وإجراءات وضوابط التعامل مع النفايات على مستوى فئات المجتمع كافة من مؤسسات وجهات حكومية، وخاصة، وكافة المنشآت والمباني وحتى الأفراد.

فيما تناولت الجزئية الثانية ضرورة إيجاد توجه اتحادي لرفع الوعي المجتمعي بآليات الاستهلاك المستدام والتعامل المناسب مع النفايات، عبر برامج وطنية لرفع الوعي، وتضمين معايير الإدارة المتكاملة والتعامل المستدام مع النفايات في العملية التعليمية.

قاعدة بيانات

وطُرح خلال النقاش مقترح بإنشاء قاعدة بيانات وطنية متكاملة، تقوم على حصر ورصد معدلات إنتاج النفايات مع مختلف فئات المجتمع وتصنيفات هذه النفايات وخطوط سيرها، بهدف تسهيل عمل مؤسسات القطاع الخاص القائمة على جمع وفصل النفايات وإعادة تدويرها واستخدامها أو توظيفها في إنتاج الوقود.

احتياجات السوق

ولفت المشاركون في النقاش إلى أن القيمة الاقتصادية والتجارية التي تمثلها النفايات هي ما تدفع القطاع الخاص إلى الاستثمار في الإدارة المتكاملة للنفايات، لذا يجب بالتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص لوضع دراسة دورية لطبيعة احتياجات السوق المحلي والعالمي من المواد الأولية التي يتم توفيرها عبر إعادة تدوير النفايات، ما سيسهل تحديد حجم الاستثمار المطلوب وطبيعة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي يمكن توظيفها لإدارة النفايات، ويحول منظومة إدارة النفايات بالكامل إلى عملية تجارية مربحة بدلاً من كونها في جزئها الأكبر عبئاً على كاهل الحكومة.

تخصصات أكاديمية

ومن المقترحات التي خرج بها النقاش إيجاد لجنة للتعاون بين القطاع الحكومي والخاص والأكاديمي لخلق مساقات دراسية جامعية في الذكاء الاصطناعي ومجال النفايات يمكن الاستفادة منها مستقبلاً في سد احتياجات منظومة الإدارة المتكاملة للنفايات، ما يضمن خلق وظائف جديدة في السوق المحلي، والعمل على تصنيع وتطوير التكنولوجيا المطلوبة محلياً.

وفي نهاية اللقاءات، أكد معالي الدكتور بلحيف النعيمي، أن ما حققته الدولة من تطور ونهضة خلال العقود الخمسة الماضية اعتمد على مشاركة الرؤى والفكر بين كافة مكونات المجتمع، وقدرة الدولة على مواصلة هذه المسيرة المتميزة، وإيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة خلال العقود الخمسة المقبلة يعتمد على الأمر ذاته، داعياً فئات المجتمع كافة للمشاركة في تصميم الـ50.

إلى ذلك شارك في الجلسات الثلاث ما يزيد على 150 من ممثلي القطاع الأكاديمي والبحثي في الدولة، ومسؤولون حكوميون، والقطاع خاص، وممثلون عن جهات ومؤسسات عاملة في مجال إدارة النفايات.