الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

تجار الشهرة يستغلون الأطفال لحصد المتابعين على «سوشيال ميديا».. ومطالب بعقوبات

تجار الشهرة يستغلون الأطفال لحصد المتابعين على «سوشيال ميديا».. ومطالب بعقوبات
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة موجة كبيرة من مقاطع فيديو يظهر فيها أطفال يتعرضون لمواقف اجتماعية غريبة تحت إشراف الأبوين بهدف رصد ردة فعلهم الطفولية، أو تصويرهم أمام موقف عاطفي وهمي اختلقه الأب أو الأم أو باتفاق الاثنين معاً، لحصد المتابعين وتحقيق الشهرة على «سوشيال ميديا» طمعاً بالمردود المالي من هذه المنصات مستقبلاً.

وأكد لـ«الرؤية» قانونيون ومسؤولون في حماية الطفل أن إقحام الأطفال في عالم الأعمال عبر العالم الافتراضي بشكل يعود بالتأثير السلبي على هذه الفئة أمر مرفوض، مطالبين بضرورة وضع لوائح تنظيمية تقنن ظهور الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي لحمايتهم، إلى جانب سن مواد تفرض عقوبات جنائية وغرامات مالية على الأسر التي أساءت للطفل عبر استغلاله في وسائل التواصل وتخصيص لجان من اختصاصيين نفسيين واجتماعيين معتمدين لرصد الأذى الذي قد يقع على الطفل المتضرر من نشر مقاطع له.

مسؤولية مشتركة

وأكد رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية الطفل فيصل الشمري أن استغلال الأطفال في الأعمال التجارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أمر مخالف للقانون، وكذلك نشر فيديوهات مسيئة للأطفال لتحقيق الانتشار أمر يضع صاحبه أمام المساءلة القانونية، ونظراً لانتشار فيديوهات أبطالها أطفال فإننا نقول إذا كان القصد من نشر المحتوى تحفيز الطفل فهذا أمر مرحب به، أما إذا كان وسيلة لاستغلاله فالأمر مخالف وهو متروك للجهات المتخصصة في حماية الطفل لتقييم حجم الضرر الواقع على الطفل والإبلاغ ومحاسبة الشخص المسؤول عن هذا الأمر في حال تأكيد الحالة.



وقال الشمري إن قانون وديمة سن مواد لحماية الطفل من التعرض للإساءة، ولكن في ظل انتشار التكنولوجيا يجب أن تتم المتابعة من الجهات المسؤولة عن المحتوى لأن حماية الطفل مسؤولية مشتركة، مؤسسية ومجتمعية وشخصية وكذلك تتحمل الشركات المستقبلة للمحتوى جزءاً من هذه المسؤولية، وعلى كل شخص يرصد أي إساءة تقع على الأطفال الاتصال بالجهات المسؤولة فوراً والتبليغ عن المحتوى وعدم تداول المقاطع المسيئة أبداً.

وتابع: «أما الجانب الآخر الذي يتناول العوائد المالية من استخدام الأطفال في الإعلانات وكيفية حماية الطفل فيجب اعتماد دليل إرشادي يتناول كيفية استخدام الأطفال في «سوشيال ميديا» وحماية ما يتم جنيه من أرباح مالية ورصد مدى تأثير ذلك على عالم الطفل»، لافتاً إلى أن منظمة اليونسيف اعتمدت قوائم سوداء للجهات التي تستغل الأطفال حول العالم في العمالة، لذا أقترح أن يتم إطلاق دليل إرشادي يحدد كيفية عمل الأطفال في «سوشيال ميديا» ومدى تأثير ذلك على دراسة الطفل وصحته كونه بات يأخذ جزءاً كبيراً من حياته.

ضوابط ظهور الطفل

وطالبت نائبة جمعية الإمارات لحماية الطفل موزة الشومي بإصدار ضوابط لظهور الأطفال في «سوشيال ميديا» وعدم استغلال براءتهم لكسب المتابعين وعدم تعريضهم للضرر بأي شكل كان سواء التمثيل أو التلفظ أو رصد ردات الفعل.



وأضافت: «نشر مقاطع تستغل براءة الأطفال لكسب متابعين أو تحقيق الكسب المادي يعتبر في القانون استغلالاً اقتصادياً لأنه يسمح بتعريض الأطفال لأضرار مختلفة، منها التنمر من قبل المتابعين على المقطع وأحياناً يتم إحراج الطفل بتصويره في مقطع فيديو ونشره والإساءة للطفل عبر التعليقات من أفراد الجمهور».

وأحياناً يتم التعمد في تعريض الطفل لمقاطع كوميدية قد تكون مستفزة للرأي العام ويتم نشرها من أجل وضع تعليقات مسيئة على المقطع ويقوم من بعدها ناشر المقطع برفع دعاوى وطلب تعويضات مالية وفق قانون تقنية المعلومات بالرغم من أنه هو الذي أساء للطفل بعرضه للملأ.

إساءة أسرية

وأكدت الشومي أن استخدام الطفل في تصوير مقاطع لنشرها وكسب المتابعات بشكل يومي وتحقيق الشهرة أمر يؤذي صحة الطفل، ويعرضه للسهر والتعامل مع الكاميرا ومع المصورين أحياناً ومع عالم لا يمت له بصلة، ما يضر بالطفل ويحطم براءته، وهذه أمور يجهلها من يعرضون الأطفال للشهرة بقصد كسب المال وقد يكون الطفل رافضاً لهذا الأمر ولكنه يجبر على أداء تعابير وكلمات لا يفهم معناها وأحياناً على تنفيذ مواقف تمثيلية أكبر من عمره عبر أخذ دور شخص كبير والتلفظ بكلمات لا تتناسب مع عقل الطفل وإدراكه، وهنا فإن الأسر هم من أساؤوا لطفلهم قبل تلقي الإساءات من الجمهور.

ولفتت إلى رصد العديد من مقاطع الفيديو التي يطلب فيها من الطفل التلفظ بكلمات نابية تترافق مع ضحكات أولياء أمره، وهذا مرفوض بشكل قاطع لأنه يعلّم الطفل السب والقذف في المستقبل في حين من واجب ولي الطفل تعليم وتربية ابنه وتوجيهه ورعايته وفق القانون.

وأفادت الشومي بأن ولي الأمر يعتقد أن له الحرية الكاملة بعرض ابنه على وسائل التواصل، وهنا نناشد أفراد الجمهور عدم التساهل أو التجاهل في التبليغ عن المقاطع المسيئة عند رصدها كأحد أنواع المسؤولية المجتمعية.

هرباً من الرسوم

وقالت نائبة جمعية الإمارات لحماية الطفل موزة الشومي، إنه تهرباً من دفع الرسوم القانونية المترتبة عن الإعلانات يلجأ بعض مشاهير التواصل الاجتماعي إلى استخدام أطفالهم للتمثيل في الإعلان، وهنا يأتي دور الجهات المرخصة للأنشطة الاقتصادية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مراقبة ومتابعة تلك الحسابات وعلى الجهة المسؤولة وضع لوائح فيها ضوابط لظهور الأطفال وأبناء مشاهير السوشيال ميديا في مقاطع الفيديو والإعلانات لحماية الأطفال من الاستغلال ويحق لأي شخص وفق القانون تقديم شكوى رسمية عند رصد أي إساءات جسدية نفسية أخلاقية تقع على الأطفال، علماً بأنه يتم حماية الشهود ولا يتم الإفصاح عنهم.

عقوبات وضوابط

بدوره، قال المحامي الأستاذ عبدالحميد البلوشي إنه لا يوجد قانون سلط الضوء بشكل مباشر على ضوابط إشراك الأطفال في المقاطع التي تنشر على «سوشيال ميديا» وكوجهة نظر قانونية لا شيء يجرم ظهور الأطفال في مقاطع فيديو إيجابية مع أسرهم أو بمفردهم إلا إذا تم نشر مقاطع مسيئة.



وطالب بضرورة وضع ضوابط ولوائح تنظيمية وعقوبات تحد من ظهور الأطفال السلبي على مواقع التواصل الاجتماعي للردع ولحماية الطفل، خاصة أن الطفل تحت عمر 7 سنوات عديم الأهلية ولا يدرك تصرفاته وبالتالي فإن تعريضه لمقاطع تؤذيه هي مسؤولية الشخص القائم على رعايته وقد تم عرض الكثير من المقاطع لأطفال يدخنون الشيشة أو السجائر دون مراعاة صغر سن الطفل وضرر هذه المقاطع وتأثيرها النفسي والصحي والاجتماعي، عدا عن مقاطع سلطت الضوء على رد فعل الطفل عند تعرضه لصدمات نفسية عاطفية كأن يتم إبلاغ الطفل بموت أحد أقاربه ويتم رصد ردة فعله على العلن لرفع عدد المتابعين وهذه كلها تصرفات يجب تجريمها قانونياً.

حق تحريك الدعوى

وأكد المستشار القانوني أحمد عبدالشافي الحاجة لنص تشريعي واضح يمنع استغلال الأطفال وظهورهم في «سوشيال ميديا» وتعريضهم للإيذاء النفسي والتنمر بما يتيح للنيابة العامة القدرة على تحريك دعوى ضد الجهة التي تستغل الطفل دون التقيد برأي ولي الأمر استناداً لنص واضح في القانون.

ولفت المستشار القانوني إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة أولت حماية الطفل أهمية كبرى وسنت القوانين التي تحمي الطفل من الإيذاء الجسدي والنفسي جنباً إلى جنب مع اجتهادها في حماية الأطفال من التنمر ولكن الإشكالية هنا أن استغلال الطفل في منصات التواصل الاجتماعي يتم من قبل ولي أمر الطفل، والطفل لا يستطع تحريك دعوى جنائية أو التقدم بطلب أو شكوى نظراً لأن أهليته منقوصة وفق القانون، والمنوط بهذا ولي أمره.



ودعا الشافي إلى السرعة في إصدار وتنفيذ قانون الطفل (وديمة) مع تضمنه مواد خاصة لقضايا إقحام الأطفال في «سوشيال ميديا» بشكل واضح وصريح في ظل أن مسألة استغلال نشر صور ومقاطع للأطفال لكسب الإعجاب والمتابعين أمر غير مجرم في القانون حالياً، علماً بأنه في أوروبا مثلاً من المرفوض أن يتم نشر حياة الأطفال على وسائل التواصل وهذا الانتهاك يعرض الشخص للمساءلة القانونية.

قوانين واضحة

وقال المحامي مصعب النقبي: «نطالب بإصدار مواد قانونية صريحة لحماية الأطفال من الاستغلال في «سوشيال ميديا» وسن قوانين واضحة في هذا الإطار، وفرض عقوبات جنائية وغرامات مالية على الأسر التي أساءت للطفل وتقييم الضرر الذي وقع عليه من اختصاصيين نفسيين واجتماعيين معتمدين.



وأضاف: «إن قانون الطفل تناول حالات الإساءة للطفل لكن لم يذكر بشكل واضح استغلال الأطفال في «سوشيال ميديا»، وفيما يخص الأطفال الذين تم استغلالهم في تحقيق أرباح مالية فيجب أن يتم حمايتهم من قبل أشخاص تعتمدهم المحكمة وتتابعهم كأوصياء على ممتلكات الطفل ومساءلين أمام القانون».