السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

خبراء ومزارعون: التحول لـ«الأكوابونيك» يزيد الأرباح السنوية إلى 30 ضعفاً

خبراء ومزارعون: التحول لـ«الأكوابونيك» يزيد الأرباح السنوية إلى 30 ضعفاً

من المصدر.

أكد ملاك مزارع وخبراء أن أزمة «كورونا» أثبتت ضرورة التحول عالمياً للمزارع المتكاملة التي تطبق نمط «الأكوابونيك»، وتجمع بين إنتاج المحاصيل الزراعية والأسماك، كونها تسهم في التنوع الزراعي وفي إدخال المنتجات البديلة التي تتأقلم مع الظروف القاسية، والتي تستهلك كميات أقل من المياه وتحتوي على قيمة غذائية عالية، علاوة على أنها ترفع من قيمة المنتج المحلي النباتي والحيواني.

وأشاروا إلى أن البحث عن الحلول الجديدة والدراسات المتطورة المتعلقة بالقطاع الزراعي، أضحى ضرورة حتمية تصاغ من أجلها الاستراتيجيات، باعتبارها رافداً رئيسياً للأمن الغذائي، مضيفين أن التقنيات المتقدمة والأنظمة الرقمية شجعت الشباب على هذا النمط الذي يضمن إنتاجاً عالياً وبتكاليف مالية أقل، متوقعين أن يسهم في زيادة الإنتاج السنوي من المحاصيل المتنوعة والأسماك بنسبة 200% مقارنة بالأنماط الزراعية الأخرى، و30 ضعفاً بالأرباح السنوية.

بدورها، أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة تبنيها لنمط الـ«أكوابونيك» الذي أضحى يشكّل 12% من إجمالي المساحات المزروعة بالدولة، متوقعة أن يزيد إنتاجها على 270 صنفاً من المحاصيل والأسماك خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

خطط استراتيجية



وتفصيلاً، أكد المزارع عارف النومان أن أزمة «كورونا» زادت الاهتمام بتنوع الإنتاج الزراعي كونه يضمن مصدر دخل جيد لملاك المزارع، ويسهم في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة في هذا القطاع، عبر توظيف التكنولوجيا والحلول المبتكرة والخطط الاستراتيجية التي وضعتها الجهات المعنية بالدولة لتعزيز الاستثمار في هذا المجال الحيوي ولدعم منظومة استمرارية الإنتاج، بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي وفق أعلى المستويات.

وتوقع ألا يتحقق ذلك إلا بالموازنة بين رأس المال والإنتاج الزراعي والاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة لتطبيق الأنماط الحديثة التي لا تتطلب رؤوس أموال عالية ولا كميات كبيرة من مياه الري.

وذكر النومان أنه توجه أخيراً لتطبيق نظام الزراعة التكاملية التي تجمع بين إنتاج المحاصيل الزراعية والاستزراع السمكي، عبر تطبيق الأنماط الحديثة مثل «الأكوابونيك»، الذي مكّنه من توفير أكثر من 70% من المياه ورأس المال، وفي ذات الوقت ضمن له إنتاج كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية ومن الأسماك.

استثمار الموارد الطبيعية



من جانبه، قال سيف الشامسي، مالك مزرعة في مدينة العين، إنه وظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطبيق نمط الزراعة التكاملية، مخصصاً أكثر من 200 حوض للأسماك ومساحات شاسعة لزراعة محاصيل غير مسبوقة، كما أنه استثمر الموارد الطبيعية، مثل الطاقة الشمسية، في تطبيق الأنماط الحديثة التي توفر كميات المياه المستهلكة في الري، وتمكّن من الوصول للمياه الجوفية بأقل التكاليف المادية الممكنة، وتحليتها من الملوحة، ما يضمن وجود مياه عذبة تسهم في إنتاج ما يزيد على 2000 كلغ من الأسماك سنوياً، وما يزيد على طن من الفواكه المتنوعة، ونجاح زراعة الأرز والقمح.

وذكر أن التكنولوجيا المتقدمة وتطبيق الأنظمة الرقمية في الزراعة أسهم في تشجيع الشباب على إجراء تجارب ناجحة في زراعة الأرز والقمح وإنتاج كميات كبيرة منها وبتكاليف مالية أقل بنسبة تزيد على 80% مقارنة بالموازنات التي تخصص للنمط الزراعي التقليدي.

وأكد الشامسي أن الاستدامة في الزراعة لن تتحقق إلا باعتماد الأنماط النموذجية الحديثة ووضع خطط تنموية لتعزيز الاستثمارات الزراعية، وتعزيز التنافسية في التنمية الزراعية بالإمارات، إضافة إلى تعزيز التنمية الزراعية المستدامة والاستثمار في هذا القطاع الحيوي، في الوقت الذي تشهد فيه دول العالم تبعات جائحة «كوفيد-19»، التي تستدعي تأمين المخزون الغذائي الاستراتيجي لتحقيق الأمن الغذائي الوطني.

تجاوز العوائق



بدوره، أكد محمد بن نهيلة، صاحب مزرعة نموذجية في مدينة الذيد بالشارقة، إلى أهمية التوجه للإنتاج السمكي وكذلك محاصيل زراعية جديدة، مثل الأرز والفواكه والأنواع المختلفة من الحبوب كالفول والعدس والقمح.

وأوضح أنه تمكّن من زيادة حصيلته المعرفية حول المزارع المتكاملة عبر الاستفادة من خبرته في مجال الزراعة التي زادت على 20 عاماً، إضافة إلى متابعته تجارب الآخرين وإرشادات الخبراء والمختصين عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات «اليوتيوب»، ما أكسبه القدرة على تجاوز مختلف العوائق، من أبرزها سوء التربة الزراعية وشح المياه الجوفية وملوحتها، عبر بتطبيق نمط الزراعة بدون تربة «هيدروبونيك»، إضافة إلى استزراع علف العديس لتغذية الأسماك، والذي يحول علف الأسماك وفضلاتها إلى بديل ناجح، أسهم في تحسين الإنتاج وتجويده لمختلف المزروعات.

ولفت إلى أن هذا النمط من المزارع أسهم في رفع الأرباح السنوية للمزارعين إلى 30 ضعفاً، كونه يجمع بين رفع نسبة إسهام المنتج الوطني، واستثمار المساحات بشكل كامل في جميع المجالات الزراعية، كما أنه جمع بين الإنتاج النباتي وتنمية الثروة الحيوانية.

الاستدامة البيئية

من جانبه، قال الدكتور خليفة بن دلموك، وهو خبير زراعي معتمد دولياً، إن تطبيق فكرة المزارع المتكاملة، يسهم في المحافظة على الموارد الطبيعية، ولا سيما المياه الجوفية، ما يحقق الاستدامة البيئية، ويجعل المزارع نماذج متكاملة في الأنشطة الزراعية النباتية والحيوانية، وتالياً يزيد تنافسية المنتج المحلي في أسواق البيع ويسهم في تعزيز الأمن الغذائي.

ولفت إلى ضرورة التركيز على الزراعة المتكاملة التي يمكن أن توظف فيها أكثر من 7 أنماط للزراعة المختلفة في وقت واحد، ما يسهم في إنتاج محاصيل جديدة، تشمل الفراولة والجوافة والموز، بكميات كبيرة وبأصناف مختلفة، مشيراً إلى أن الزراعة المتكاملة أسهمت في إنتاج الأرز والقمح والكينوا وأنواع أخرى من المحاصيل التي كان يتعذر إنتاجها بالمزارع المحلية.

البحث والتقصي

وذكرت الخبيرة البيئية مريم الحمودي، أن البحث والتقصي حول الحلول الجديدة والدراسات المتطورة المتعلقة بالقطاع الزراعي، أضحى ضرورة حتمية تصاغ من أجلها الاستراتيجيات، باعتبارها رافداً رئيسياً للأمن الغذائي، إذ أثبتت أزمة «كورونا» ضرورة التحول عالمياً لنظام المزارع المتكاملة كونها تسهم في التنوع الزراعي وفي إدخال المحاصيل البديلة التي تتأقلم مع الظروف القاسية، وتستهلك كميات أقل من المياه وتحتوي على قيمة غذائية عالية، علاوة على أنها ترفع من قيمة المنتج المحلي النباتي والحيواني.

وأوضحت أن المزارع المتكاملة، أو ما يسمى بـ«الأكوابونيك»، هي عبارة عن زراعة تكاملية بين النبات والأسماك معاً، بالاعتماد على مخلفات الأسماك في تغذية النبات، والعكس بتغذية الأسماك عبر أحواض لإنتاج الطحالب من خلال مياه الأسماك، وتمر هذه المراحل بتدوير المخلفات النباتية والحيوانية، وإنتاج الأسمدة العضوية التي من الممكن أن يعاد استخدامها في المواسم الزراعية المقبلة، وجعل المزرعة وحدة إنتاجية متكاملة، للحصول على عائد مادي مجزٍ، يغطي التكاليف ويحقق أرباحاً كبيرة.

مطلب ملحّ



وتوقّع الخبير في مجال الزراعة الحديثة المهندس حسن الزيات، تحوّل معظم المساحات الزراعية بالدولة للنمط الحديث عالي الجودة مستقبلاً عبر الاعتماد على التقنيات التكنولوجية المتقدمة التي أضحى وجودها مطلباً ملحّاً لتعزيز الأمن الغذائي، لا سيما في أوقات الأزمات، كما توقع أن تسهم المزارع المتكاملة في زيادة الإنتاج السنوي من المحاصيل المتنوعة والأسماك بنسبة 200% مقارنة بالأنماط الزراعية الأخرى، أما المردود المادي فسيزيد بنسبة لا تقل عن 80% مقارنة بمردود الأنماط الزراعية التقليدية.

منظومة متكاملة

من جهته، أشار مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار إلى أنه وبشراكات استراتيجية مع مؤسسات بحث عالمية، نجح في تطوير طرق مبتكرة للإنتاج الزراعي وتحلية المياه من خلال الاستفادة من الطاقة الشمسية وتطوير منظومة متكاملة من حلول الاستدامة في الموارد الطبيعية، وأبرز هذه الأنماط هي المزارع المتكاملة المعتمدة على تقنية «الأكوابونيك»، والتي تنتج الأسماك الطازجة طوال العام، وتوفر أكثر من 90% من استهلاك المياه مقارنة بالمزرعة التقليدية، كما يمكن لهذا النظام الزراعي أن يعمل في جميع البيئات، بما فيها الصحراوية، عبر استخدام تقنيات تبريد متطورة يمكنها الاعتماد على الطاقة الشمسية التي تعمل على تحلية المياه المالحة أو استخراج المياه من رطوبة الهواء.

وأضاف أن المزارع المتكاملة تزيد الإنتاج الزراعي والسمكي بنسبة تتجاوز 100% مقارنة بالإنتاج في الظروف الاعتيادية المنفصلة أو باستخدام الأحواض المفتوحة والمساحات الأفقية بالزراعة.

كثافة الإنتاج

أما وزارة التغير المناخي والبيئة، فقد أكدت أنها تعمل على تبني التقنيات الحديثة والمناسبة ذات الكفاءة العالية في تنوع وزيادة الإنتاج الزراعي واستدامته على مدار العام، ومن أبرزها نظام المزارع المتكاملة التي أضحت تشكل أكثر من 12% من إجمالي المزارع المحلية بالدولة، موضحة أن هذا النمط يمتاز بالكفاءة العالية في خفض كميات المياه المستخدمة لري محاصيل الخضار، كما يسهم في تنوع المحاصيل وتوفير كميات كبيرة من الأسماك عن طريق الاستزراع، إضافة إلى خفض استخدام المبيدات الكيماوية بشكل كبير، عبر تلافي مشكلات التربة، ما ينتج عنه ارتفاع جودة المحصول وحماية البيئة.

واعتبرت أن نمط «الأكوابونيك» الزراعي أبرز خيارات تعزيز الأمن الغذائي بالدولة، لا سيما بأوقات الأزمات والطوارئ كونه يوازن بين الإنتاج الزراعي والسمكي، متوقعة إنتاج ما يزيد على 240 صنفاً من الخضروات والفواكه وكذلك الأرز والحبوب المختلفة ونحو 30 نوعاً من الأسماك خلال الخمسة الأعوام القادمة.

وبيّنت أن المزارع المتكاملة تنتج أنواعاً من الأحياء المائية مثل القشريات، منها ربيان النمر الأخضر والربيان الأبيض، إضافة إلى التجارب على إنتاج أنواع من أسماك المياه العذبة، منها البلطي الأحمر والنيلي، ويستخدم النظام المغلق في الاستزراع السمكي والذي يتميز باستخدام التقنيات الحديثة، والكثافة العالية في وحدة الإنتاج، إضافة إلى التحكم بمواصفات الماء وتدويرها.