السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

مؤتمر «تجديد الخطاب الديني» في أبوظبي يبحث إعلاء مبادئ الاعتدال والأخوة الإنسانية

مؤتمر «تجديد الخطاب الديني» في أبوظبي يبحث إعلاء مبادئ الاعتدال والأخوة الإنسانية

(الرؤية)

تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، بدأت اليوم الثلاثاء أعمال مؤتمر «تجديد الخطاب الديني» الذي تنظمه جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبوظبي على مدار يومين.

ويشارك في المؤتمر، الذي يعقد برئاسة رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية الشيخ عبدالله بن بيّه، عدد من العلماء والخبراء من داخل الدولة وخارجها.

ويتناول المؤتمر عدداً من المحاور التي تعنى بتجديد الخطاب الديني وإعلاء مبادئ الاعتدال والوسطية، وتعزيز قيم الأخوة الإنسانية والتسامح والتعايش التي تتبناها دولة الإمارات كمنهج لنشر روح المحبة والسلام، وتجسد رؤية قيادتها الرشيدة في تحقيق مبادئ العيش المشترك بين الشعوب ونبذ العنف والكراهية.


بث مفردات السلم والتسامح


ورحب الشيخ عبدالله بن بيّه في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بالمشاركين من داخل الدولة وخارجها.

وقال: «نأمل أن يكون المؤتمر فاتحة مشاريع طموحة في البحث المؤصل من أجل بث مفردات السلم والتسامح والأخوة الإنسانية في قاموس الحياة»، مشيراً إلى أن تجديد الخطاب الديني يعتمد على استعادة مضمونه القيمي الذي أصابه ضمور شديد في العقود الأخيرة ووصل ما انفصل من علاقة الدين بالقيم، لذلك لا بد من خطاب يجدد القيم في النفوس ويعزز روح الرحمة والمحبة والتضامن لتتنزل سكينة على القلوب.

وأكد أن القيم روح الدين ولغته الكونية وسبيل عودته الرشيدة إلى الفاعلية وبمضامينه القيمة يمكن لخطابنا الديني الجديد أن يستعيد دوره في إرشاد العالم واقتراح الحلول.

وأضاف: «نحن جميعاً مدعوون لهذه المهمة الجليلة، مهمة تجديد الخطاب الديني من خلال إنتاج رواية جديدة للدين تستعيد بها الأمة فاعليتها في العالم وليس على هامشه أو مواجهته، فهو دعوة إلى بناء إنسان جديد فخور بأصالته ومتفاعل مع عصره ويستطيع بكفاءته الروحية والخلقية والنفسية والعلمية المنافسة في ميدان الحياة والانخراط في العالم الجديد بتحدياته ومجهولاته».

وقال: الخطاب الديني الذي نرنو إليه يتصف بالانضباط والانفتاح والتسامح لأنه خطاب منبثق عن استيعاب كامل التراث واستثمار الإمكانات المتاحة فيه، ولكونه يقوم على منهج المواءمات الحضارية والتحالف بين القيم والتوازن بين الكليات، وهو أيضاً يقبل الاختلاف ويتسع لمختلف وجهات النظر والآراء وهو خطاب متصالح لا يكفر ويتوخى مصالح الناس ويراعي ضعفهم ويعلي قيمة الإنسان.

وطن الأخوة الإنسانية

كما خاطب المؤتمر رئيس مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية الدكتور حمدان مسلم المزروعي، مشيداً بدور القيادة الرشيدة في دعم مسيرة الجامعة.

وقال: «نحمد الله أننا في دولة بناها زايد الخير ويرعاها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، دولة يعلي صرحها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ويحفظ أمنها وإيمانها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبفضل هذه القيادة ورؤيتها السديدة أصبحت الإمارات بحق وحقيقة وطن السلام والتسامح والأخوة الإنسانية، حيث تعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية بأمن وأمان وانسجام تام».

وأضاف المزروعي أن مواقف الإمارات الأصيلة تجاه الآخرين جعلتها تتصدر دول العالم في منح المساعدات الإنسانية دون النظر لجنس أو لون أو عرق أو أي اعتبارات غير إنسانية، مشيراً إلى أن استضافة الدولة لإكسبو 2020 يجسد الثقة التي تحظى بها من الجميع.

واستعرض في كلمته كيف كان حال الأمة قبل الإسلام وكيف أصبح حالها بعد الرسالة المحمدية التي بدأت بخطاب من المولى عز وجل لنبيه الكريم.

وقال: «ما أحوجنا هذه الأيام إلى خطاب ديني ينطلق من وحدة الأصل البشري ويجمع الكلمة ويوحد الصف ويحقن الدماء ويواسي الضعفاء ويعمر الأوطان ويعزز الانتماء والولاء لها حتى تنمو وتزدهر مجتمعاتنا».

ودعا المزروعي الذين يتاجرون باسم الدين إلى الكف عن العبث بالدين وبأرواح وأموال الناس، مشيراً إلى أنه قد اكتشف الجميع حقيقتهم وزيف دعوتهم وبارت بضاعتهم، كما دعا الشباب إلى أن ينتبهوا إلى دعاة التكفير والتضليل وأن يستقوا أمور دينهم من الثقاة من العلماء والأئمة والدعاة.

التجديد لا يعني التبديد

من جانبه، أكد وزير الأوقاف في جمهورية مصر العربية الدكتور محمد مختار جمعة أن الأصل في الإسلام هو السلام والتعايش السلمي بين البشر، ولا إكراه في الدين ولا قتل على المعتقد ولا تمييز بين أبناء الوطن الواحد على أساس الدين واللون والجنس والعرق واللغة والقبيلة، إنما هي حقوق وواجبات على نحو ما رسخته وثيقة المدينة المنورة من أسس التعايش بين أهل المدينة جميعاً.

وقال: «إننا نؤكد من خلال هذا المنبر أن التعايش الذي ننشده لا يعني التنازل عن ثوابتنا الشرعية بأي صورة من الصور أو النيل من الأديان، كما أن التجديد لا يعني التبديد»، لافتاً إلى أن هناك أمرين أضرا بالخطاب الديني والمجتمعات المسلمة على حد سواء، هما الجهل والمتاجرة بالدين، مشيراً إلى أن الجهل يجب مداواته بالعلم والمتاجرة تحتاج إلى كشف أصحابها وما يتصفون به من عمالة وتكسب بالدين.

وأضاف: «عكست جماعات التطرف القواعد العامة فجعلت التحريم أصلاً والحل استثناء، غير مدركين أنهم يعقدون على الناس أمور حياتهم، مع أن الأصل في الأمور الإباحة وأن التحريم لا يثبت إلا بالدليل، والإباحة لا تحتاج إلى دليل كونها الأصل والتحريم هو الذي يحتاج إلى دليل كونه الاستثناء».