السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

نهيان بن مبارك: «التسامح» و«الوسطية» شرطان لتقدم الأمة الإسلامية

دانية الشمعة ـ أبوظبي

تصوير: محمد بدر الدين

أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش أن الظروف الدولية في تطور دائم ووجود فرص مواتية لتأخذ الأمة الإسلامية موقعها اللائق بها في هذا العالم، مبيناً أن نجاح التنمية الوطنية في الإمارات مرهون بوجود تفهم كامل للظروف العالمية المحيطة، مشيراً إلى الحاجة الماسة لاستراتيجية شاملة وواضحة لتحقيق الوحدة الإسلامية.

وأضاف أنه يجب الأخذ بثقافة إسلامية مستنيرة تستوعب الزمان والمكان والحياة في المجتمعات، وأن موضوع الوحدة الإسلامية موضوع مهم في ضوء ما تشهده المجتمعات المسلمة من تحديات جسيمة وأن التسامح والأخوة الإنسانية هما الطريق لتحقيق الوحدة بين أفراد المجتمع.

جاء ذلك خلال مؤتمر المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة والذي عقد اليوم في أبوظبي برعاية كريمة من الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش بالتزامن مع الذكرى الرابعة لتأسيسه بمشاركة وفود من 150 دولة حول العالم ويناقش موضوع «الوحدة الإسلامية..المفهوم، الفرص والتحديات» في مركز أبوظبي الوطني للمعارض اليوم الأحد.

وفي كلمة الافتتاح أشار الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش إلى أن دولة الإمارات تمثل الآن نموذجاً مرموقاً للتعامل الناجح مع البيئة الدولية المتغيرة ونقطة جذب وتطلع لكافة الأفراد والجماعات على اختلاف أجناسهم وتوجهاتهم في ظل قيم ومبادئ إسلامية أصيلة وإطار رؤية صائبة، لتحقيق وحدة المجتمع والتواصل الناجح مع الآخرين، والإسهام النشط في كافة إنجازات التطور في العالم.

وقال: «أدركنا أن نجاح التنمية الوطنية في الإمارات مرهون بوجود تفهم كامل للظروف العالمية المحيطة بنا مع إصرار قوي على أن يكون لنا دور مهم في تشكيل هذه الظروف وتحديد أنماط التطور المستقبلي فيها، خاصة أن النظام الدولي الآن يتسم بتداخل المصالح وتشعب العلاقات وتدويل كافة عناصر النشاط الإنساني بل والحاجة كذلك إلى تنمية مبادئ التعاون والأخوة، والتعايش في جميع أركان العالم».

وحدد 3 ملاحظات حول موضوع المؤتمر تتعلق بالجوانب العملية للوحدة الإسلامية ودورها المرتقب في أن يكون المسلمون فاعلون حقيقيون في مسيرة العالم، وتتمثل في أن موضوع «الوحدة الإسلامية» مهم في ضوء ما تشهده المجتمعات المسلمة من تحديات جسيمة تهدد وجود بعضها أحياناً نشأت نتيجة عوامل داخلية أو بسبب قوى خارجية، مبيناً أن الظروف الدولية في تطور دائم وأن هناك فرصاً مواتية لتأخذ الأمة الإسلامية موقعها اللائق بها في هذا العالم.

وقال: «هناك حاجة ماسة لاستراتيجية شاملة وواضحة لتحقيق الوحدة الإسلامية تركز على دورنا في تشكيل عناصر حياتنا، سواء داخل المجتمع الإسلامي الواحد أو في العلاقات بينها، وقدرتنا على التعامل مع العالم المحيط بنا انعكاس للقوة الذاتية للمجتمعات المسلمة لتصبح قوة عالمية لها مكانتها المرموقة ودورها الفاعل في مسيرة العالم».

ولفت إلى أن مكانتنا في هذا العالم تتوقف على قدرتنا بإدارة شؤوننا بكفاءة ومدى إسهاماتنا في مسيرة البشرية دونما تشدد أو تعصب أو عنف أو تحيز والتعامل مع الآخرين معاملة الند والنظير وعلى قدم المساواة، مؤكداً ضرورة الأخذ في مجتمعاتنا بثقافة إسلامية مستنيرة تستوعب الزمان والمكان والحياة والأخذ بثقافة الوسطية والاعتدال التي قوامها العلم والعمل والسلوك القويم ثقافة تجمع ولا تفرق ثقافة قوامها المحبة والتعاون وأن الناس جميعاً إخوة في الإنسانية دونما تفرقة أو تمييز.

وبين أن التسامح والأخوة الإنسانية هما الطريق لتحقيق الوحدة بين أفراد المجتمع والطريق لترشيد علاقاتهم مع الآخرين في العالم، مشيراً لوثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية عام 2019 والتي تؤكد أن القيادة في الإمارات تحترم الإنسان في كل مكان وتعمل بكل جد على تطوير العلاقات الإيجابية بين الجميع وتسعى باستمرار لتحقيق التواصل ووحدة الهدف والعمل المشترك بين كل الناس.

إرساء قيم التسامح

وتوجه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي ورئيس منتدى أبوظبي للسلم الشيخ العلامة عبدالله بن بيه برسائل إلى الشباب والمجتمعات المسلمة آملاً تحقيق ما تصبو إليه من خلال الأخوة الإسلامية والإنسانية وإرساء قيم التسامح والسلام.

وأكد وزير الأوقاف في جمهورية مصر العربية الدكتور محمد مختار جمعة أن من لا خير فيه لوطنه لا خير فيه أصلاً، وأنه يجب التعامل مع العصر الحالي بأدواته لا بأدوات مراحل زمنية ذات ظروف سياسية واجتماعية معينة ناسبت تلك المراحل وفرضت عليها أنماطاً معينة وأصبح هناك حاجة لطرق أخرى لمعالجة ما استجد من القضايا.

وبين أنه من الضروري تنسيق المواقف في المحافل الدولية لاستصدار مواثيق ملزمة تجرم ازدراء كل الأديان والمقدسات وتحول دون العبث بها مثل محاولات حرق المصحف الشريف المتكررة أو الرسوم المسيئة للرسول الكريم.

ولفت إلى أنه يجب تفعيل قوانين مواجهة الجرائم الإرهابية، لا سيما الإلكترونية، وتمويل الجماعات المتطرفة التي تتخذ الدين ستاراً لها، وتقوم بتشويهه وقال: «نعلن من هذا المنتدى وقوفنا صفاً واحداً في وجه التطرف والإرهاب».

وأضاف: «أقول لدعاة الأوهام.. دعوا التعلق بالمستحيلات وتعالوا لنناقش قضايانا الملحة بضرورة فتح باب الاجتهاد والأخذ بركب العلم الحديث لنكون فاعلين في تقدم العالم ورقيه مع ضرورة التأكيد على احترام ديننا، فلن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا».

وبين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور حسين إبراهيم طه أن المنظمة تعمل على وضع خطة للتقارب بين الثقافات والأديان عن طريق زيادة العلاقات بين العالم الإسلامي والثقافات والحضارات الأخرى.

إعادة تقديم الخطاب الديني

وأشار رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الدكتور علي راشد النعيمي إلى أنه خلال الـ100 عام الأخيرة عانت الأجيال من اختطاف الدين والقلوب والعقول ومن خطاب إقصائي متطرف، وبين أن ما يربط المجتمعات الإسلامية من دين وقيم ومصالح يفرض بناء وتعزيز كل الروابط المشتركة والعمل على صناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

وأكد أن المسلمين يملكون الكثير ليقدموه إلى العالم، حين يتم توظيف هذه القيم توظيفاً حقيقياً في المجتمعات والسعي نحو مخاطبة العالم بخطاب موحد فيه المحبة والرحمة والسلام، كما أن على المسلمين أن يكونوا جزءاً من الحل للأزمات.

وبين أن الجيل الحالي يتعرض لهجمة تستهدف موروثه الديني، وهناك حاجة لإعادة تقديم الخطاب الديني بخطاب مقنع للشباب، وقال: «على علمائنا ومفكرينا أن يقودوا خطاباً دينياً يحافظ على الثوابت ويواكب المتغيرات ويجب الحديث مع الشباب للقيام بأدوارهم وواجباتهم لخدمة بلادهم وأوطانهم، مؤكداً أن الإسلام دين رحمة يزرع في قلوب المسلمين الرحمة بكل ما حوله».

105 متحدثين

وناقش المؤتمر الموضوعات المتعلقة بالوحدة الإسلامية، سواء أصولها في القرآن والسنة والفقه وإسهاماتها في تطوير وتقدم العلوم الدينية والإنسانية والطبيعية والفنون والآداب، أو في مساهمات الوحدة الإسلامية في تنمية وتطوير المجتمعات المسلمة والقضاء على الفقر فيها والنهوض بالتعليم والبحث العلمي، أو في مواجهة التحديات التي تعاني منها مجتمعات المسلمين سواء التطرف والعنف، أو التعصب والتحزب والطائفية بمشاركة 105 متحدثين يمثلون جميع الدول التي يوجد بها مسلمون، ويحتلون مختلف المراكز الدينية والسياسية والعلمية من رؤساء دول ووزراء ومفتين وعلماء ورؤساء جامعات وعمداء وأساتذة جامعات خبراء ومفكرين وباحثين وفنانين.

وناقش المؤتمر في جلساته الحوارية جيولوجيا طبقات مفهوم الأمة في القرآن الكريم والسنة النبوية وتأسيس الوحدة الروحية والتنوع الاجتماعي والسياسي وتجليات الوحدة الإسلامية في تأسيس وتطوير العلوم الشرعية ودور الوحدة الحضارية للمسلمين في تطوير العلوم الطبيعية والإنسانية ووحدة الأمة والنهوض بالتعليم والبحث العلمي ووحدة الأمة والقضاء على الفقر في العالم الإسلامي.