السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

مكاتب استقدام: «سوق سوداء» لتشغيل السائقات الآسيويات

مكاتب استقدام: «سوق سوداء» لتشغيل السائقات الآسيويات
شكا أصحاب مكاتب استقدام أيدٍ عاملة في الشارقة وجود سوق سوداء لتشغيل السائقات من جنسية آسيوية محددة يديرها «سماسرة الخادمات» بطرق غير قانونية لدى الأسر داخل الدولة، موضحين أن النقص الحاد في عددهن بمكاتب الاستقدام والطلب المتزايد عليهن من الأسر، شجع هؤلاء الأشخاص على اتباع طرق عدة لاستقطابهن إما بتحريضهن على الهروب من كفلائهن وتشغيلهن بالنظام المؤقت أو بإقناع مخدوميهن بالتنازل ونقل كفالتهن إلى مخدومين جدد مقابل مبالغ مالية.

وأشاروا إلى أن هذا النشاط غير النظامي كبّدهم خسائر مالية كبيرة نتيجة توجههم لاستقدام سائقات من دول أفريقية ولصعوبة الحصول على سائقات من الدولة الآسيوية المطلوبة، ذوات خبرة داخل الدولة.

وعزا مواطنون ومقيمون تعاملهم مع أصحاب الإعلانات إلى رغبتهم بالحصول على سائقات ذوات خبرة لأن المتوفر في المكاتب مكلف مادياً ومن غير ذوات الخبرة ولا يحملن رخص قيادة، فيما دعت جهات الاختصاص للتأكد من هوية ومشروعية عمل الأشخاص الذين يتعاملون معهم لجلب العمالة المساعدة.


عمولة الكفيل


وقالت موزة أحمد «بعد تعذر حصولي على سائقة آسيوية ذات خبرة داخل الدولة من مكاتب الاستقدام، اضطررت للتوجه إلى الإعلانات المتداولة عبر مجموعات واتساب والتواصل مع الشخص المنشور رقم هاتفه في الإعلان، إذ طلب مني الانتظار لحين توفير السائقة التي طلبتها، وبعد مرور 3 أسابيع تمكنت من عمل إقامة لسائقة كانت على كفالة آخر، ودفعت نظير ذلك 18 ألف درهم».

وأضافت: «علمت لاحقاً من السائقة أنها كانت تعمل في شركة توصيل، إذ تم الاتصال معها من قبل سمسار يحمل جنسيتها نفسها وحرضها على إقناع مديرها في الشركة بنقل كفالتها إلى شخص آخر مقابل حصوله على عمولة يتحملها السمسار الذي يحصل في المقابل على مبالغ كبيرة من الكفيل الجديد، وفي الوقت ذاته تحصل هي على راتب يفوق أضعاف ما كانت تتقاضاه».

مواسم طلب

وأشار حمدان الكعبي إلى وجود «سماسرة» يعلنون عن نشاطهم التجاري عبر مجموعات واتساب أو حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، إذ يوفرون سائقات مؤقتات بنظام الأشهر، لافتاً إلى أن هؤلاء الأشخاص لا يقدمون أي وثائق رسمية تضمن حقوق العميل، ويكون الاتفاق عبر الهاتف فقط إذ يطلبون دفع مبلغ تأمين بقيمة 500 درهم لا يسترد إلا في حال تم إرجاع السائقة خلال أسبوع من استلامه لها، أما تحديد الراتب الذي تتقاضاه فيتم من قبل «السماسرة» وغالباً لا يقل عن 3 آلاف درهم وتزيد القيمة وفقاً لمواسم الطلب كبداية مواسم الدراسة والأعياد والمناسبات الدينية المختلفة مثل شهر رمضان، فهم من يتحكمون بتحديد أسعار العمالة المساندة بحيث تكون لهم نسبة لا تقل عن 60% من إجمالي ما تتقاضاه الخادمة.

30 ألف درهم

ولفتت ناعمة سالم إلى أن السوق السوداء للسائقات الآسيويات تشهد نشاطاً لافتاً لاسيما مع بداية مواسم الشتاء وزيادة خروج الأسر للرحلات البرية، ونظراً لأن معظم مكاتب الاستقدام لا توجد فيها سوى سائقات من جنسيات أفريقية، وفي حال وجد العميل طلبه لدى أي من هذه المكاتب فإنه يتجنب التعامل معها لأنها تطلب مبالغ مالية كبيرة مقابل استقدام السائقات الآسيويات ذوات خبرة سابقة وحاصلات على رخص قيادة مركبات داخل الدولة، إذ تزيد الكلفة الإجمالية عن 30 ألف درهم تتضمن رسوم الإقامة والفحص الطبي واستخراج بطاقة الهوية للخادمة، علاوة على عدم تقديم ضمانات لاسترداد مبلغ الضمان في حال هروب السائقة.

صفقات رابحة

وقالت موظفة في أحد مكاتب استقدام الأيدي العاملة بالشارقة، نادرة حمدان، إنه في الوقت الذي يتكبّد فيه أصحاب المكاتب خسائر مالية كبيرة فإن أرباح «سماسرة السائقات» تصل إلى الضعف من خلال صفقات تستغرق بضع ساعات، إذ يفاوض السمسار طرفي الصفقة حتى يصل إلى السعر الأقل من المخدوم السابق والأكثر من المستفيد الجديد، وبعدها يتم توقيع عقد التنازل عن كفالة العمالة المساندة (السائقة)، من دون أن يدخل هو طرفاً رسمياً في العملية محققاً جراء ذلك أرباحاً طائلة.

وأضافت أنه نتيجة تراجع أعداد السائقات الآسيويات في مكاتب الاستقدام بشكل ملحوظ، فإن الكلفة الإجمالية لاستقطابهن وصلت إلى 25 ألف درهم، فيما بلغت رواتبهن 3 آلاف درهم شهرياً.

نشاط غير نظامي

ووصف مدير أحد مكاتب استقدام الأيدي العاملة بالشارقة، ناصر سنجق، هذا النشاط بـ«غير النظامي»، يقوم به «سماسرة» عبر سوق سوداء تتعامل مع السائقات الهاربات من منازل كفلائهن أو من شركات التوصيل التي يعملن فيها، مستغلين حاجة الأسر إلى سائقات من جنسيات بعينها مثل الفلبين وإندونيسيا التي قل استقدامها في الفترة الأخيرة، بسبب تأخر مدة وصول العمالة في حين تكون ربة الأسرة مضطرة لجلب سائقة حتى لو كانت مؤقتة.

وأشار إلى أن وجود سوق سوداء للسائقات الآسيويات كبّد مكاتب الاستقدام خسائر مالية كبيرة لاسيما أنهم اتجهوا أخيراً لتوفير سائقات من جنسيات أفريقية وبرواتب مناسبة لميزانية معظم الأسر بحيث لا تزيد عن 1000 درهم وبمبلغ ضمان يصل إلى 4 آلاف درهم.

تراجع نسبي

بدورها، أكدت شرطة الشارقة أنه تم ضبط عدد من العمالة المنزلية المساعدة منهن سائقات يعملن في بيوت أسر بشكل مخالف لقانون الإقامة، وتبين بعد التحقيق ورود بلاغات بهروبهن من بيوت كفلائهن بواسطة مجموعة أشخاص من جنسيات آسيوية وأفريقية قاموا بتشغيلهن لدى أسر وأشخاص آخرين، وعليه يتم حبس هؤلاء الأشخاص والعمالة الذين يتواطؤون معهم ثم يتم إبعادهم من الدولة.

وأشارت شرطة الشارقة إلى أن تشغيل السائقات في البيوت بطرق غير قانونية تراجع نسبياً، نتيجة زيادة الوعي لدى الناس بمخاطر السائقات أو العمالة المنزلية المساندة اللواتي يعملن بشكل مؤقت كونهن يتسببن بمشاكل عدة كالسرقة وتعنيف الأطفال وانتهاك خصوصية المنزل بنشر صور أصحابها علاوة على عدم القيام بالواجبات المنزلية كما يفترض.

الإبلاغ الفوري

وشددت شرطة الشارقة على أهمية إبلاغ الكفلاء فوراً عن هروب العمالة المساعدة بمختلف فئاتها وتقديم كل المعلومات التي تتوفر لديهم، والتي يمكن أن تساعد على ضبط العمالة الهاربة ومعرفة أماكن وجودها.

تشغيل وإيواء

ومن جانبها، أكدت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية بالشارقة أن الأشخاص الذين يتم التأكد من تشغيلهم وإيوائهم العمالة المساندة الهاربة من كفلائها تطبق بحقهم عقوبة الغرامة المالية التي تبلغ قيمتها 50 ألف درهم عن كل شخص هارب تم تشغيله أو إيواؤه، مشيرة إلى أن القانون نص كذلك على غرامات مماثلة تطبق بحق الكفيل الأساسي عند عدم إبلاغه الجهات ذات الاختصاص عن هروب من هم على كفالته.