السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

أبناء يواجهون أساليب التأديب بترهيب الآباء بالقانون

أبناء يواجهون أساليب التأديب بترهيب الآباء بالقانون
شكا أولياء أمور من إقدام أبنائهم على تهديدهم بالتواصل مع الشرطة، استناداً إلى حقوقهم المكفولة بقانون الطفل الإماراتي، وذلك لمواجهة أي تأديب أو عقاب على بعض تصرفات الأبناء أو عند محاسبتهم على أخطاء ارتكبوها.

وتصدرت 6 شكاوى قائمة الاتهامات التي يوجهها الأبناء للأهالي عبر التواصل مع الجهات المعنية، وتتمثل بالحرمان من الألعاب الإلكترونية، عدم التأخر خارج المنزل، المنع من استخدام الموبايل، الحد من مساحة الخصوصية داخل المنزل، الاعتراض على الصراخ أو طريقة حديث الأهل مع الطفل وإغلاق أو عدم السماح بفتح حسابات على منصات التواصل الاجتماعي.

وأكدت مسؤولة قسم الدعم الاجتماعي في إدارة حماية حقوق الطفل والمرأة في الإدارة العامة لحقوق الإنسان بشرطة دبي فاطمة الكندي أنه من حق الأهل تأديب أطفالهم وفقاً للقانون، ولكن عدم إلمام الآباء والأبناء بالنص القانوني الصحيح يربكهم في التعامل مع حقوقهم وواجباتهم.


وذكرت أن الإدارة استقبلت حالات لأبناء تمردوا على آبائهم عدا عن العديد من الاتصالات التي تم التعامل معها وفق ما تقتضيه كل حالة، والتثبت من الاتهامات الموجهة للأهل لاتخاذ الإجراءات المناسبة.


ضربت والدها

واستشهدت فاطمة الكندي بإحدى الحالات «استقبل قسم الدعم الاجتماعي شكوى من ولي أمر تعرض للضرب من قبل ابنته المراهقة (16 عاماً) التي تطاولت عليه بالكلام أيضاً، الأمر الذي دفع بولي الأمر لطلب المساعدة من الإدارة العامة لحقوق الإنسان لتقويم سلوك ابنته».

وأضافت أن الأب موظف ولديه طفلتان الكبرى (16 عاماً) والصغرى (9 أعوام)، وبدأ الشجار بين الابنة والأب عندما لاحظ الأخير تواصل ابنته مع شباب في مواقع التواصل وطلب منها الابتعاد عن تلك الصداقات فما كان منها إلا أن صرخت في وجهه مؤكدة أنها تمتلك كل الحرية لتفعل ما تريد، وعندما حاول الأب الاقتراب منها ضربته وعضته.

وتابعت الكندي «جاء الأب لإدارة حماية حقوق الطفل والمرأة لمساعدته، مؤكداً نيته إرسال الابنة لبلدها الأم، وبالفعل تم الاستماع للأب وسؤاله لماذا سمح لابنته بضربه فما كان منه إلا أن قال إنه خاف من أن تشتكي عليه وفق قانون الطفل، وتمت توعية الأب بأن القانون يكفل حقوق الطفل ولم يغفل ضمان حق الأهل بتأديب الطفل وفق ما شرعه القانون، ومن ثم تم التوجه إلى مدرسة الابنة لدراسة الحالة وتقييمها وتوعية الطفلة بحقوقها وواجباتها وحقوق أبويها وشرح نصوص القانون لها لمنعها من تكرار ما فعلته.

تحريض الأطفال

وفي حالة أخرى، ذكرت مسؤولة قسم الدعم الاجتماعي أن أم مطلقة لجأت إلى تقوية أطفالها على والدهم لمنعه من استخدام حقه في تربيتهم دون أن تراعي ما على أطفالها من حقوق تجاه ولي أمرهم واستغلت الأم قانون حماية الطفل لتدفع أبناءها إلى التبليغ عن والدهم عندما حاول أن يقوم بدوره كأب.

وشددت على ضرورة أن يسود الاحترام في العلاقة بين الزوجين عند الطلاق كي لا يدفع الأطفال ثمن الخلاف بين الطرفين، مؤكدة أن القانون يضمن لكل طرف ما له وما عليه دون انتقاص من الحقوق والواجبات.

اتهامات وادعاءات

ومن أبرز البلاغات أيضاً شكوى من طفل على والده لأنه عاقبه بأخذ «البلاي ستايشن» لكونه يقضي أمامها وقتاً طويلاً، وشكوى أخرى من طفل على والديه لمنعه من التأخر خارج المنزل، وشكوى تتعلق بأخذ أم هاتف ابنتها بعد ملاحظة الأم محادثاتها مع أصدقاء ذكور، وادعاء طفلة بأن والدها تحرش بها بعد رفضه خروجها من المنزل، وشكوى من طفلة منعها والدها من تصفح أحد مواقع التواصل خاصتها.

تهديد بالشرطة

وقالت ولية الأمر إنعام (أم محمد) إنها تعرضت لتهديد من ابنتها بأنها ستبلغ الشرطة عنها بتهمة تعنيفها، وذلك عندما منعت ابنتها من الذهاب إلى منزل صديقتها.

وذكرت ولية الأمر ولاء أنها لا تتردد في تلبية احتياجات ابنتها دائماً، ولكن ترفض السماح لها بالتأخر خارج المنزل خصوصاً في العطلات، وعندما أقدمت على توبيخ ابنتها بسبب تأخرها لم ترضَ الأخيرة بذلك وهددتها بالاتصال بالشرطة لرفع الأم صوتها في التوبيخ.

كما أفاد ولي أمر سامر بأنه استقبل مكالمة من مدرسة ابنته تدعوه فيها لاجتماع عاجل، وعندما ذهب إلى المدرسة تفاجأ بأن ابنته أبلغت المدرسة بأنه يعاملها معاملة سيئة ولا يتردد في الصراخ عليها ويمنعها من الخروج، وطلبت المساعدة وحمايتها، استناداً إلى قانون الطفل.

أساس السلوك

من جهتها، قالت نائب رئيس جمعية الإمارات لحماية الطفل موزة الشومي إن حالات اعتداء الأطفال على الآباء قليلة، ولكنها تعكس ضعف العلاقة الأسرية وترنحها.

وذكرت أن قانون وديمة يضمن لولي الأمر حق التأديب دون أن يتجاوز الشرع والقانون، مشيرة إلى ضرورة توعية الطفل ببنود القانون التي تضمن حقوقه دون أن نغفل توعيته بدور الأسرة في حمايته وتأديبه عند الضرورة.

ووجهت الشومي أولياء الأمور للتعامل مع الأطفال والأبناء عموماً بطريقة لائقة كي لا تكون المعاملة السيئة سبباً لانحراف الطفل سلوكياً، ومعاملتهم كما نحب أن يعاملنا الآخرون حفاظاً على الاحترام المتبادل في الأسرة، موضحة أنه إذا كان الكبار يرفضون أن توجه إليهم عبارات نابية فالأطفال كذلك يرفضون هذه الكلمات، وإذا كان الكبار يرفضون عرض صورهم في وسائل التواصل كنوع من الخصوصية فمن حق الطفل رفض تصويره ونشر صوره أيضاً، وإذا كان الأب يرفض أن يصرخ أحد في وجهه فمن حق الأطفال أيضاً رفض هذا السلوك، وهنا لا بد من التوجه إلى الحوار لحماية الأطفال ورعايتهم.

حق التأديب

بدوره، أكد المحامي راشد تهلك أن قانون حقوق الطفل الإماراتي (وديمة)، وإن كان قد حمى الطفل من كل مظاهر الإهمال والاستغلال وسوء المعاملة ومن أي عنف بدني ونفسي إلا أنه في الوقت ذاته أعطى الوالدين ومن في حكمهم حق تأديب الطفل إن ارتكب ما يستوجب التأديب في حدود المتعارف عليه.

فقد وازن المشرع الإماراتي في قانون حماية الطفل بين حق الطفل في الحفاظ عليه وحق الوالدين ومن في حكمهم في تربيته وتأديبه بما لا يمس ولا يؤثر في جسده ونفسيته وفق المادة (2) الفقرة (2) من قانون حقوق الطفل.

من جهته، أفاد المستشار القانوني مراد موسى عطعوط بأن قانون وديمة نص على حق الوالدين في تربية الطفل وفق الأعراف النافذة في الدولة، على ألا يصل الوالدان إلى العنف في التعامل مع الطفل أو الإهمال أو النبذ الذي يؤثر نفسياً في سلامته.

وأضاف «قانون الطفل وديمة نظم أمور الطفل وحمايته منذ ولادته حتى 18 عاماً، من حيث وجوده في إطار أسرة ليحظى بحياة كريمة وتقديم الرعاية الصحية والعلمية، وأجاز القانون لاختصاصي حماية الطفل صفة الضابط القضائي ومنحه الحق في متابعة أي حالة تصل إليه والتحقق منها، كما أجاز القانون لكل من يعلم عن طفل يتعرض للعنف الأسري تبليغ الجهات المختصة التي تتولى حماية الطفل، كما يلزم القانون القائم على رعاية الطفل باتباع أسلوب تربية صحيح، أما لو كان هناك خطر على الطفل فيتم إبعاده عن الخطر بتدابير عدة نص عليها قانون وديمة.

وأفاد عطعوط بأنه فيما يتعلق بجانب الإيذاء النفسي للطفل فإن الطفل كائن ضعيف قد يؤثر في نفسيته أبسط الأمور ومنها صمت والديه وامتناعهم عن محادثته كأحد أنواع العقاب، موضحاً أن الإيذاء النفسي الذي ينظر إليه هو عندما يتحول إلى رهاب يؤذي الطفل ويتوجب على اختصاصي حماية الطفل بحث الحالة والنظر فيها وكتابة التقرير الخاص.